نيران إسرائيل و”الحزب” تحرق مهمة هوكشتاين الحرب إلى ذروة تصعيدية ومراوحة في معركة الحدود
وساطة هوكشتاين تعرضت قبل بدئها لإطلاق النار من على ضفتي الجبهة الحربية، الإسرائيلية واللبنانية حتى طائر السلام لم يسلم.
للمرة الاولى منذ اطلاق إسرائيل هجماتها المتصاعدة على “حزب الله” ولبنان واشتعال المواجهات الحربية بينهما، يطلّ الاسبوع الحالي على محاولات اختراق دبلوماسية تبدأ في الساعات المقبلة مع وصول الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت، كما بزيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وتتوج بانعقاد مؤتمر دعم لبنان في باريس الخميس المقبل. وإذا كان من الطبيعي أن تتركز الاهتمامات على زيارة هوكشتاين وما يمكن أن ينقله لترجمة مواقفه الاخيرة من التشديد على تنفيذ القرار 1701 لكن مع تعديلات عليه، فإن الأجواء والتطورات التي سبقت وتواكب وصوله إلى بيروت تنذر سلفاً بأن جولته التي ستشمل إسرائيل بعد لبنان تبدو محاصرة بحقل ألغام يُستبعد معه أن يحقق أي احتمال لوقف النار ولجم التدحرج الناري للحرب.
وقد أضفت مصادر معنية بمراقبة الواقعين الدبلوماسي والميداني أجواء شديدة القتامة حيال أي فرصة متاحة راهناً للاختراقات الدبلوماسية، فقالت لـ”النهار” إن وساطة هوكشتاين تعرضت قبل بدئها لإطلاق النار من على ضفتي الجبهة الحربية، الإسرائيلية واللبنانية، وهو الأمر الذي سيستمر ويتصاعد مع الجولة وبعدها.
فإسرائيل أشعلت حربها بوتيرة مخيفة في اليومين الأخيرين وقد نكون أمام تصعيد جنوني إضافي لا يقتصر على لبنان لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ماضٍ بلا هوادة إلى هدف خلق أمر واقع استراتيجي قبيل موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ولذا لن يكون ممكناً توقّع توقفه أو قبوله بوقف النار والشروع بالمفاوضات حول لبنان في هذه الفترة وقبل أن يعتبر أنه أنجز الحيّز الأكبر من هدفه بتصفية “حزب الله”.
وفي المقابل، تضيف المصادر أن “حزب الله” الذي دشّن قبل أيام المرحلة الجديدة من التصعيد تعمّد اطلاق الرسائل التصعيدية في وجه هوكشتاين حين أدرج المقربون منه اطلاق المسيّرات نحو منزل نتنياهو في قيساريا كجواب استباقي على ما يعتبره مهمة نقل شروط الاستسلام للموفد الأميركي إلى بيروت، وتالياً فإن التصعيد الذي اتّسمت به عمليات الحزب يكفي سلفاً لتوقع رفضه أي شرط من شروط تعديل القرار 1701 أو البحث في معادلات جديدة في جنوب الليطاني لأنه سيعدها شروطاً إسرائيلية.
واعتبر الرئيس نبيه بري زيارة هوكشتاين “الفرصة الأخيرة لأميركا للوصول إلى حل، وقال في حديث تلفزيوني: “ليس صحيحاً أن إيران تعوّق مسار خطتي لإنقاذ لبنان”. وأكد أن هناك رغبة أميركية لوقف النار في لبنان قبل الانتخابات وأنه مفوّض من “حزب الله” منذ 2006 وهو موافق على 1701 وأن “هناك إجماعاً لدى اللبنانيين على القرار وهو إجماع نادر ونحن نتمسك به”.
وفي ظل هذه المعطيات سيسمع هوكشتاين في بيروت من المسؤولين الرسميين التمسك بالقرار 1701 والاستعداد لتطبيق مندرجاته على الأرض مع رفض مطالبة تل ابيب بتعديله أو نسفه في الأساس وخصوصاً إذا تمكنت من اجتياح مساحات في البلدات الحدودية وقضمها رغم تصدي “حزب الله” لجيشها.
ويتوجه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في زيارة إلى بيروت اليوم الإثنين لاجراء مباحثات مع القيادات اللبنانية، بحسب ما أفاد السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة. وأوضح زكي أن زيارة الأمين العام إلى بيروت تستهدف التشاور مع القيادات اللبنانية حول سبل التعامل مع الهجوم الإسرائيلي المستمر على لبنان والذي يستلزم الحد الأدنى من التفاهمات اللبنانية، كما تهدف الزيارة إلى تشجيع التوصل لتفاهمات في ملف الشغور الرئاسي باعتباره أمراً بات يشكل أولوية هامة لاستكمال القيادات الدستورية في البلد بما يمكنه من مواجهة التحديات الكبرى التي يمر بها.
التصعيد الميداني
أما الوضع الميداني، فشهد تصعيداً جنونياً غير مسبوق في اليومين الأخيرين ذهب معه وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت للحديث خلال جولة له على الحدود الشمالية إلى القول “إن ما يسمّى بـ”حزب الله” ينهار على خطوط التماس”. وأضاف: “لدينا أسرى من حزب الله، وهم يخبروننا بما يحدث – وهم في حالة خوف شديد”.
وتابع غالانت: “ننتقل الآن من مرحلة هزيمة حزب الله إلى تدميره”.
وفيما اشتعلت جبهات المواجهة جنوباً تجددت الغارات الجوية على الضاحية الجنوبية. واندلعت اشتباكات عنيفة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيلي على محور عيتا الشعب في الجنوب. وأفيد عن محاولات توغل إسرائيلية في اتجاه بلدة الظهيرة، واشتباكات عنيفة مع الحزب في المنطقة. كما أفيد عن اشتباكات عنيفة على محور القوزح بين عناصر الحزب والجيش الاسرائيلي.
واستهدفت مسيّرة اسرائيلية شاحنة عسكرية للجيش اللبناني على طريق عين إبل-حانين ما أسفر عن إستشهاد 3 عسكريين والشهداء هم: المعاون أول طارق صبحة والرقيب أحمد حيدر والجندي أول جعفر جعفر من الكتيبة 55 في اللواء الخامس ومقرها في بلدة الشعيتية (قضاء صور)، كانوا في طريقهم إلى مركز الجيش في بلدة عين إبل لإصلاح آلية معطلة عندما استهدفتهم الغارة الإسرائيلية.
وأغارت طائرات حربية على حي كسار زعتر في مدينة النبطية 7 مرات ما أدى الى سقوط 4 شهداء مدنيين. وذُكر أن ضباباً “أحمر” غلف الجنوب على مساحات واسعة إثر القصف العنيف الذي استهدف بلدة الخيام بـ15 غارة، الى جانب رشقات رشاشة تسمع في القرى الحدودية لا سيما في عيتا الشعب، يخترقها صليات صاروخية من جنوب لبنان باتجاه الجليل وكريات شمونة ومسكاف عام. ووفق المشهد الجنوبي، ثمة مساع من الجيش الإسرائيلي لفتح ثغرة في بلدة مركبا استعداداً للدخول البري، في وقت استهدفت فيه البابلية في الزهراني بغارة أدت الى مجزرة. واعلن الحزب أنه قصف ثلاث قواعد عسكرية إسرائيلية بعد الظهر، بالإضافة إلى حيفا.