التصعيد الإسرائيلي يبلغ مداه .. والتمديد لقائد الجيش في التداول
يشهد هذا الأسبوع حركة اتصالات عربية ودولية واسعة يعول عليها الكثير في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي بلغ أعلى السقوف، مع عودة استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، وتوسع الغارات لتشمل المناطق المختلفة، في محاولة للعب على التناقضات اللبنانية وتحويل أزمة النزوح إلى مشروع فتنة معرض للانفجار في أي وقت.
وقال مصدر نيابي لـ«الأنباء»: «في ضوء نتائج هذه الحركة يمكن استشراف توجه الأزمة، اما نحو التسوية أو إلى مزيد من التصعيد»، مشيرا إلى «ثلاثة اتجاهات لهذا التحرك، من خلال زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين بعد انقطاع طويل، وكذلك تسخين التحرك العربي الذي يعبر عنه بزيارة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط إلى بيروت اليوم الاثنين، واخيرا مؤتمر دعم لبنان في باريس الخميس المقبل، والذي يشارك فيه وفد حكومي كبير برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ويعول عليه الكثير لجهة تعهد أو وعود بمساعدات قد تبقى معلقة في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية مع مساعدات فورية للنازحين». الا ان الطبق الأساس سيكون دعم الجيش اللبناني على مختلف الصعد، ليكون جاهزا للدور المقبل الذي يتوقع ان يقوم به بعد وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية في الجنوب اللبناني.
وتأتي زيارة هوكشتاين في إطار تحرك أميركي يقوده إلى بيروت، فيما يتوجه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى إسرائيل ضمن خطة واحدة، هدفها البحث في إطار اتفاق يمكن ان يناقش في مجلس الأمن.
وقال مصدر متابع لـ«الأنباء»: «التباين أمر طبيعي قبل بدء النقاش وكل فريق يطرح أعلى سقف لمطالبه على ان تسهم النقاشات في تقريب المسافات، مشيرا إلى ان القرار 1701 بالصيغة التي كان يتم التشاور بشأنها خلال حرب الإسناد لغزة على مدى العام الماضي تختلف عما هو اليوم وفقا لمقتضيات الميدان العسكري على الحدود، حيث تقول إسرائيل انها ستفاوض تحت النار، وان سقوف مطالبها قد ارتفعت كثيرا، وتاليا طلب التعديلات مطروح على الطاولة وموضع نقاش من الجميع. ولا يستبعد ان يكون هناك خلط أوراق مجددا فيما لو نفذت إسرائيل تهديدها بضرب ايران.
وقد سارعت ايران إلى التبرؤ من المسؤولية بعد اتهامها من إسرائيل، ورمت الكرة في ملعب حزب الله، وتاليا فإن هذه المواجهة لو حصلت ستفتح الباب على مصراعيه أمام نقاش واسع للتوصل إلى تسوية عامة في المنطقة تتجاوز لبنان وغزة، إلى رسم خريطة شاملة تتناول بلدانا لم تشارك في هذه الحرب».
وبين زيارات الموفدين الدوليين والعرب، برز في الداخل ملف تطول مؤشراته الاستحقاق الرئاسي برمته، لجهة إجرائه أو استبعاد أحد المرشحين الأساسيين، فضلا عن ضمان الإشراف لبنانيا على «اليوم التالي» للحرب. فقد علمت «الأنباء» ان مباحثات بين مرجعية رسمية ورئيس تيار سياسي كبير تتجه إلى حسم قرار عدم تمديد خدمات قائد الجيش العماد جوزف عون سنة إضافية جديدة، على ان يحال إلى التقاعد في 10 يناير المقبل. وفي هذه الحالة يواجه منصب قائد الجيش شغورا يضاف إلى المواقع المارونية الأساسية في رئاسة الدولة اللبنانية، من رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان. ويدرك الجميع ان رئيس الأركان، العالق بإشكالية حول مرسوم تعيينه، لا يستطيع أساسا القيام بمهام قائد الجيش الا في حالات محددة كسفر الأخير وغيره. ويعول من يريد استبعاد العماد جوزف عون عن قيادة الجيش وتاليا عن بورصة المرشحين لرئاسة الجمهورية، على امتصاص غضب الشارع المسيحي وفي طليعته البطريركية المارونية، على تعيين قائد جديد للجيش من قبل حكومة تصريف الأعمال بعد انتقال صلاحيات قائد الجيش إلى رئيس الأركان. وبدأ تداول اسم ضابط في موقع بارز، سبق ان تردد العام الماضي. الا ان المرجعية الرسمية الأرفع في لبنان، تدرك محاذير استبعاد أحد المرشحين الأساسيين من دول الغرب لرئاسة الجمهورية، كما تدرك بالتالي محاذير إحداث «خربطة» في منصب أمني كبير في ضوء الشغور الرئاسي. وفي معلومات من مصادر موثوقة، ان المرجعية الرسمية لن تبت في هذا الملف، وان كان اتجاهها معروفا بعدم الحماسة لشخص قائد الجيش، قبل اقتراب الوقت المخصص للتمديد، منتظرة وقع نتائج الحرب الإسرائيلية. وسبق للمرجعية الرسمية المعنية القول في دردشة سابقة مع «الأنباء»: «ان تعيينات جديدة لقادة الأجهزة الأمنية ستتم بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا تمديد جديدا لقادة الأجهزة».
الا ان عدم حصول الانتخابات الرئاسية جراء إطالة الحرب، وربط رئيس المجلس النيابي نبيه بري انتخاب الرئيس بوقف إطلاق النار، يعني الوصول إلى استحقاق تمديد خدمة قائد الجيش، مع توقع بصعوبة إنجاز الأمر في ضوء اختلاف الظروف كثيرا عما كانت عليه في ديسمبر الماضي، ومن دون ان يعني ذلك استحالة تحقيق التمديد، لما يحظى به العماد عون من ثقة من عواصم القرار الدولية والعربية، تحتم استمراره في موقعه بالحد الأدنى، قبل إتمام الاستحقاق الرئاسي.