خاص- إيران لم تتعظ… قرار السلم والحرب ملك لبنان
من الواضح أن إيران لم تفهم الرسالة التي أرادت الحكومة اللبنانية إيصالها عندما استدعت القائم بأعمال سفارتها للاحتجاج على التصريحات الأخيرة لرئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف. بدلاً من التراجع أو احترام سيادة لبنان، أصر قاليباف على أن المرشد الإيراني والمسؤولين في طهران هم “ركيزة أساسية للشعب اللبناني”.
هذا الموقف لا يعكس فقط تجاهلًا لمكانة الدولة اللبنانية، بل يعبر عن اغتصاب متواصل للسيادة اللبنانية، وكأن القرار الوطني لم يعد بيد مؤسساته، بل أصبح يُصادر في غرف طهران المغلقة.
اغتصاب السيادة اللبنانية: واقع يفرضه السلاح والتبعية
لبنان، كأي دولة مستقلة، يجب أن يتمتع بسيادة كاملة على أراضيه وقراراته. لكن واقع الحال يقول إن هذه السيادة تتعرض للانتهاك بشكل يومي من قبل إيران عبر ذراعها المحلي، حزب الله.
هذا الحزب احتكر قرار الحرب والسلم بمعزل عن الدولة، وحول لبنان إلى ساحة لتصفية حسابات إقليمية، ما أدى إلى عزل البلد عن محيطه العربي والدولي وإغراقه في أزمات متلاحقة.
إن تصريحات قاليباف، التي تتحدث عن استعداد إيران للتفاوض حول وقف إطلاق النار في لبنان، هي امتداد واضح لهذا الاغتصاب. كيف يُعقل أن يتم التفاوض حول مصيرنا من قبل دولة أجنبية؟ وهل باتت إيران تعتبر نفسها وصيّة على بلدنا إلى هذا الحد؟ هذه ليست مجرد تصريحات عابرة، بل هي تأكيد أن قرارنا الوطني مرهون بإرادة خارجية، في خرق واضح لكل معايير السيادة والاستقلال.
دولة غائبة في ظل سلاح خارج عن الشرعية
ما يحدث في لبنان ليس مجرد تدخل خارجي؛ إنه تجريد كامل للدولة من دورها الطبيعي في إدارة شؤونها. حزب الله، المتحالف مع إيران، يمتلك السلاح الأقوى في البلاد، ويتخذ قرارات مصيرية كالحرب والسلام دون الرجوع إلى مؤسسات الدولة. هذا الوضع يفرغ المؤسسات الدستورية من محتواها، ويجعل السلطة الفعلية بيد من يرفع السلاح، لا بيد من ننتخبهم لتمثيلنا.
لبنان بين مطرقة المحور وسندان الفوضى
استمرار هذا الاغتصاب للسيادة لا يُفقد لبنان فقط حريته في اتخاذ قراراته، بل يضعه في قلب صراعات المحاور الإقليمية. نرفض أن يكون وطننا ورقة تفاوضية في أيدي إيران أو غيرها. لبنان يحتاج إلى سياسة حياد حقيقية تُبعده عن صراعات لا تخدم مصلحته، وتعيد القرار إلى مؤسساته الشرعية، التي يجب أن تكون وحدها صاحبة الكلمة الفصل في أي شأن يتعلق بأمنه واستقراره.
رسالة إلى إيران: كفوا عن العبث بسيادتنا
استدعاء الحكومة اللبنانية للقائم بأعمال السفارة الإيرانية كان رسالة واضحة مفادها أن لبنان لن يقبل استمرار التدخل في شؤونه.
لكن يبدو أن إيران لم تتعظ من هذا التحذير، وتصر على التصرف وكأنها الوصي على هذا البلد الصغير.
على طهران أن تدرك أن لبنان لن ينهض طالما أنه أسير مشاريعها التوسعية، ولن يعرف الاستقرار ما دام القرار السيادي مُغتصبًا.
الطريق نحو استعادة السيادة
اليوم، بات من الضروري أن نرفع الصوت عاليًا ضد كل أشكال الوصاية والهيمنة. لبنان يحتاج إلى استقلال فعلي، حيث يُحصر السلاح بيد الدولة وحدها، ويعود القرار إلى مؤسساتنا الشرعية.
الشباب اللبناني الذي عايش الانهيار الاقتصادي وانفجار بيروت يعرف جيدًا أن مستقبل لبنان لا يمكن بناؤه على التبعية والولاءات الخارجية، بل على سيادة كاملة يملكها الشعب وحده.
في الختام، نقول: لبنان لنا، والقرار لنا. لا مكان لوصاية إيران ولا لأي قوة خارجية أخرى. لبنان يحتاج إلى السلام، لكن هذا السلام لن يتحقق إلا عندما تعود السيادة كاملة وغير منقوصة، ويكون القرار الوطني بيد أبنائه، لا في طهران ولا في أي عاصمة أخرى.