“اليونيفيل” تحبط واشنطن وتل أبيب: عجز أم تواطؤ؟
بعد التهديدات الإسرائيلية المتكررة للقوة الدولية العاملة في الجنوب لحملها على التراجع من مواقعها، ورفض الأخيرة مع ما يرتبه ذلك من استهداف لتلك المواقع أو للعناصر، بدا واضحاً أن هدف إسرائيل تمشيط المنطقة للتأكد من خلوها من أي أسلحة أو مخازن أو منصات أو حتى عناصر لـ”حزب الله”، بعدما عجزت عن إيكال مهمة الكشف عنها لـ”اليونيفيل”، من خلال تعديل صلاحيات هذه القوة المدرجة في القرار الدولي ١٧٠١.
سعت إسرائيل وضغطت مدى أكثر من عامين لإدخال تعديل يقضي بتوسيع الحركة الأمنية لـ”اليونيفيل” على الحدود، عبر منحها حق التحرك في مناطق انتشار الحزب، من أجل تقييد حرية حركته ونشاطه وقدرته على التسلح والتخزين وبناء منصات الصواريخ وحفر الأنفاق. وكان المطلب الإسرائيلي يصطدم دائماً برفض لبناني مستند إلى دعم بعض الدول الصديقة المؤثرة في مجلس الأمن، على قاعدة أن أي توسيع للصلاحيات يجب ألا يكون مستقلاً، بل بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومع الجيش، من دون تسميته، وغير ذلك يُعتبر خرقاً للسيادة اللبنانية.
اليوم، تشعر إسرائيل وإلى جانبها واشنطن بنوع من الإحباط حيال عجز “اليونيفيل” عن منع الحزب من إخفاء أسلحته، رغم إدراك كليهما أن صلاحيات القوة الدولية محدودة في هذا الشأن.
ثمة من يتهم تلك القوة بتواطؤ ما مع الحزب على خلفية العلاقات التي نشأت بينها وبين سكان القرى الجنوبية، وقد شهدت في بعض الحالات صلات قرابة بالزواج، لكن أوساطا أممية ترفض هذا الاتهام، معتبرة أن إمكانات “اليونيفيل” وهامش تحركها محدودة جداً، في حين أن أوساطا سياسية جنوبية تؤكد أن تحركات الحزب كانت حذرة بحيث كان يتعذر على “اليونيفيل” رصدها أو مراقبتها. وكل ما كانت هذه القوة تقوم به مدرج في تقاريرها الدورية عبر الكشف عن حجم الخروق من الجانبين، والتي يفترض أن تبين في ثناياها وجود الأسلحة والعناصر الحزبية.
أياً تكن الحقيقة في هذه التفسيرات، فهي تخلص إلى نتيجة واحدة مفادها أن إسرائيل لم تعد تملك ترف الاعتماد على الجهود الدولية، وهي كما يصرّح مسؤولوها يومياً، ستقوم بما يتوجب عليها من أعمال عسكرية، غير عابئة بالقوة الدولية أو عناصر الجيش، لضمان أمن مستوطناتها. وبذلك تستغل الوقت المتاح لها من أجل تطبيق القرار الدولي على طريقتها، بحيث تفرغ المنطقة العازلة التي تحتاج إليها من الحزب بقوة النار، فيما تنصب الجهود الديبلوماسية الآن على قرار لوقف النار لم يجد له سبيلاً بعد.
ويبدو التركيز واضحاً على قرار وقف النار الملزم للجانبين، وليس وقف العمليات العدائية كما يلحظ القرار ١٧٠١، لأنه تبين بالممارسة أن وقف تلك العمليات لا يعني سحب السلاح عملياً، خصوصاً أنه تم الاستناد إلى تفاهم نيسان ١٩٩٦ خلال المداولات والكلمات في جلسة مجلس الأمن التي أقرت القرار، ولا سيما كلمتي وزيرة الخارجية الأميركية في حينه كوندوليزا رايس ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الأسبق حمد بن جاسم (الدولة الممثلة للمجموعة العربية).