كيف تحمي «ثاد» و«آرو – 3» إسرائيل من التهديد الإيراني؟

كيف تحمي «ثاد» و«آرو – 3» إسرائيل من التهديد الإيراني؟

المصدر: الراي الكويتية
16 تشرين الأول 2024

تستعد إسرائيل لشن ضربة إستراتيجية واسعة النطاق ضد إيران، بهدف تفكيك قواعد الاشتباك والردع التي سعت طهران إلى تأسيسها في الأشهر الأخيرة، وذلك بدعم لوجستي ودفاعي من الولايات المتحدة، مما يضع الدولتين في موقف انتقامي إيراني لا مفر منه، ومن المرجح أن يتبع ذلك بمجرد تقييم الأضرار والخسائر.

ويبدو أن قادة إسرائيل على قناعة بأن الطريقة الأكثر فعالية لإضعاف «حزب الله»، هي بتوجيه ضربة قوية أولاً إلى الداعم الرئيسي.

ومن خلال استهداف البنية التحتية والقدرات العسكرية لإيران، تأمل إسرائيل في تقويض قوة الحزب ونفوذه الإقليمي، ومعالجة جبهة ترى أنها معقدة وصعبة للغاية، بحيث لا يمكن الانتصار بشكل حاسم بخلاف ذلك.

ويؤكد هذا النهج اعتقاد إسرائيل بأن كبح قوة إيران، أمر بالغ الأهمية لتحويل توازن القوى في المنطقة، خصوصاً في ما يتعلق بالقدرات العملياتية للحزب في لبنان وسورية.

إعادة تشكيل ديناميكيات المنطقة

إن الهجوم المخطط له، ليس مجرد مناورة عسكرية، بل هو إستراتيجية سياسية عالية المخاطر تهدف إلى إعادة تشكيل ديناميكيات المنطقة، حيث تلعب الولايات المتحدة دوراً رئيسياً في تعزيز دفاعات إسرائيل ضد الرد الإيراني الحتمي.

وتتحضر إسرائيل لضرب إيران، رداً على هجوم الأول من أكتوبر، والذي شهد إطلاق 200 صاروخ باليستي فرط صوتي ضد قواعد عسكرية.

وقد شكل هذا الهجوم غير المسبوق تصعيداً كبيراً، حيث أطلقت الصواريخ في تتبع منسق لثلاثة ممرات، مما جعل اعتراض كل الصواريخ أو معظمها مستحيلاً تقريباً.

وكانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق مثل هذا الهجوم واسع النطاق من مسافة تزيد على 1600 كيلومتر، مستهدفاً بدقة أهدافاً محددة. وقد راقبت الدول عن كثب أداء الصواريخ والأضرار التي تسببها وفعالية أنظمة الاعتراض الإسرائيلية.

ومن بين الدول المعنية، الولايات المتحدة، التي تحتفظ بعشرات القواعد العسكرية في المنطقة. وتحرص على تقييم قدرات أنظمة الدفاع الصاروخي البالستي ضد التهديد الصاروخي الإيراني الفرط صوتي.

وفي ضوء هذه التطورات، اكتسب تسليم الولايات المتحدة لبطارية صواريخ «ثاد» (نظام الدفاع الجوي للمناطق المرتفعة الطرفية) لإسرائيل أهمية إستراتيجية متزايدة.

ويخدم هذا التسليم العديد من الأغراض، بما في ذلك اختبار فعالية «ثاد»، وتعزيز دفاعات إسرائيل، ومواجهة ترسانة الصواريخ الإيرانية المتطورة بشكل متزايد.

الصواريخ الفرط صوتية

لماذا تقوم واشنطن بتسليم «ثاد» إلى تل أبيب؟

لقد ضربت إيران، إسرائيل، بصواريخ فرط صوتية، ما يُمثل تحدياً فريداً لأنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية.

يمكن للصواريخ الفرط صوتية، الطيران بسرعات تتجاوز بكثير الـ5 ماخ (10 – 15). ويمكنها الحفاظ على سرعة أعلى من 5 ماخ طوال الرحلة والمناورة، مما يجعل من الصعب اعتراضها بالأنظمة الحالية.

وتنشر واشنطن «ثاد» في إسرائيل لاختبار قدرتها على مواجهة مثل هذه الصواريخ، خصوصاً في سيناريوهات العالم الحقيقي. إذ تم تصميم النظام لاعتراض الصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى أثناء مرحلتها النهائية – المرحلة الأخيرة من مسار الصاروخ عندما يعود إلى الغلاف الجوي.

ومن خلال نشر «ثاد»، يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل جمع بيانات قيمة حول كيفية الاستجابة لهذه التهديدات المتطورة، بما في ذلك الأسلحة الأسرع من الصوت.

وتمتلك إسرائيل بالفعل نظام دفاع صاروخي جيد ومتعدد الطبقات يتضمن:

– القبة الحديدية: تحمي من الصواريخ قصيرة المدى والمدفعية.

– مقلاع داود: مصمم لاعتراض الصواريخ المتوسطة إلى طويلة المدى.

– آرو – 2 وآرو – 3:

يركز آرو – 3 على الصواريخ البالستية، ويعترض الأهداف في الفضاء أثناء مرحلتها خارج الغلاف الجوي.

ويوفر «ثاد» قدرة تكميلية تعزز دفاعات إسرائيل من خلال توفير اعتراض على ارتفاعات عالية. وهذا مفيد بشكل خاص ضد الصواريخ الفرط صوتية أو التهديدات البالستية التي تعجز الأنظمة الأخرى عن اعتراضها.

إن قدرتها على استهداف الصواريخ على ارتفاعات عالية ومدى طويل توافر طبقة إضافية من الحماية، مما يعزز نظام «آرو – 3».

ويدل تسليم «ثاد» على الالتزام السياسي والأمني بالدفاع عن إسرائيل مع السماح للولايات المتحدة أيضاً بمراقبة أداء تكنولوجيتها في منطقة متقلبة، ويعزز تقنيات الدفاع الصاروخي من خلال اكتساب الخبرة في سيناريو واقعي مع بيئة تهديد كبيرة.

ويرسل نشر «ثاد» إشارة قوية لإيران بأن دفاعات إسرائيل الصاروخية تتحسن باستمرار وقد تكون قادرة على معالجة التهديدات المتقدمة، بما في ذلك الصواريخ الفرط صوتية.

كما أن وجود فريق عسكري أميركي يشغل «ثاد» في إسرائيل، يشير إلى استعداد مشترك للرد على التهديدات الصاروخية.

هل لدى إسرائيل ما يعادل «ثاد»؟

«آرو- 3» هو ألاقرب لـ «ثاد»، رغم أن النظامين يعملان على ارتفاعات ومراحل مختلفة من مسار الصاروخ.

يبلغ مدى «آرو- 3» نحو 2400 كلم. وهو مصمم لاعتراض الصواريخ البالستية خارج الغلاف الجوي، (المرحلة خارج الغلاف الجوي) مما يجعله فعالاً للغاية ضد الصواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك الصواريخ العابرة للقارات (ICBMs). وعلى العكس من ذلك، يبلغ مدى «ثاد» نحو 200 كلم لاعتراض الصواريخ المستهدفة خلال مرحلتها النهائية (العودة إلى الغلاف الجوي).

وبالتالي، يكمل «ثاد» نظام «آرو- 3» من خلال توفير طبقة إضافية من الدفاع، خصوصاً ضد الصواريخ الفرط صوتية أو المراوغة التي تعدل سرعتها أثناء الانقضاض.

وفي حين أن «آرو- 3» هو نظام متقدم، فإن إضافة نظام «ثاد» تعزز القدرات الدفاعية لإسرائيل. وتمثل الصواريخ الفرط صوتية تحدياً كبيراً بسبب سرعتها الشديدة وقدرتها على المناورة، والتي يمكن أن تتملص من أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية.

إن اختبار فعالية «ثاد» ضد مثل هذه التهديدات يساعد على تحسين إستراتيجيات اعتراض الصواريخ، استجابة للتكنولوجيا المتطورة.

إلا أن بطارية واحدة من نظام «ثاد» تتكون من 48 صاروخاً، لن تكون كافية لحماية إسرائيل بأكملها في حالة وقوع هجوم صاروخي واسع النطاق.

ومن المتوقع أن ترد إيران بأكثر من 500 صاروخ بالستي على إسرائيل، ومن المرجح أن يطغى هجوم مشبع على أي نظام دفاعي واحد.

التغطية المحدودة

لا يمكن لبطارية «ثاد» واحدة الدفاع إلا عن منطقة صغيرة نسبياً، تركز عادةً على أهداف عالية القيمة مثل المنشآت العسكرية أو المدن الكبرى. ولا يمكنها توفير حماية شاملة للبلد بأكمله.

حجم الصواريخ: يمكن لإيران إطلاق عشرات أو مئات الصواريخ في وقت واحد، مما يؤدي في الوقت نفسه إلى غمر «ثاد» أو أي نظام آخر. وحتى إذا تم اعتراض بعض الصواريخ، فإن الحجم الهائل للهجوم قد يتجاوز قدرات بطارية واحدة.

الدور التكميلي

يعتبر «ثاد» أكثر فعالية كجزء من شبكة الدفاع الصاروخي متعددة الطبقات في إسرائيل. وسيعمل بالتنسيق مع «آرو – 3» لاعتراض الصواريخ عالية الارتفاع وDavid’s Sling للتهديدات متوسطة المدى، بينما يتعامل Iron Dome مع الصواريخ قصيرة المدى.

في حين أن «ثاد» لن يعترض كل الصواريخ في هجوم واسع النطاق، إلا أنه سيكون حاسماً غفي تحييد التهديدات الحرجة مثل الصواريخ الأسرع من الصوت.

ويتكون الدفاع الصاروخي الإسرائيلي من طبقات متعددة:

«آرو- 3» و«ثاد»: ستعترض هذه الأنظمة الصواريخ بعيدة المدى في وقت مبكر من مسارها أو أثناء إعادة الدخول.

«آرو- 2»: توافر طبقة ثانية من الدفاع على ارتفاعات أقل.

«مقلاع داوود»: تستهدف الصواريخ المتوسطة إلى طويلة المدى التي تتجنب الصواريخ الاعتراضية عالية الارتفاع.

القبة الحديدية: تغطي الصواريخ قصيرة المدى والمدفعية الموجهة إلى المراكز السكانية.

في سيناريو اعتراض أكثر من 500 صاروخ بالستي إيراني، ستعمل هذه الأنظمة معاً لتوفير تغطية متعددة الطبقات.

الأهداف ذات الأولوية العالية، مثل تلك التي تهدد البنية التحتية الحيوية أو المناطق المأهولة بالسكان، ستكون ذات أولوية للاعتراض، لكنها ستكون تحدياً كبيراً، حتى بالنسبة للدفاعات المتقدمة.

تحديد الأولويات

تشغل إسرائيل بطاريتين من طراز «آرو- 3» كجزء من نظام الدفاع الصاروخي متعدد الطبقات.

وتتألف البطارية عادةً من 6 إلى 8 قاذفات، كل منها مزود بستة صواريخ اعتراضية. وهذا يعني أن بطارية واحدة ستحتوي على 36 إلى 48 صاروخاً. وقد يختلف العدد الدقيق للصواريخ الاعتراضية قليلاً اعتماداً على التكوينات المحددة، ولكن هذا هو الهيكل العام.

إذا كان لدى إسرائيل ثلاث بطاريات، فستمتلك من 108 إلى 144 صاروخاً اعتراضياً من طراز «آرو- 3».

ومع بطارية واحدة من «ثاد»، تحمل 48 صاروخاً، سيكون لدى إسرائيل نحو 156 – 192 صاروخاً اعتراضياً عالي الارتفاع بين النظامين.

ومع ذلك، إذا أطلقت إيران أكثر من 500 صاروخ، فإن استنفاد الصواريخ الاعتراضية سيصبح مصدر قلق خطير، حيث قد لا يكون لدى أنظمة إسرائيل ما يكفي من الصواريخ لمواجهة كل التهديدات القادمة. ونتيجة لذلك، سيتم الدفاع عن الأهداف الأكثر أهمية فقط، وستنجح بعض الصواريخ حتماً.

في الواقع، خلال هجوم واسع النطاق، تستخدم أنظمة الدفاع الصاروخي خوارزميات تحديد أولوية الهدف للتركيز على التهديدات الأكثر خطورة.

وسيتم إعطاء الأولوية للصواريخ الموجهة إلى الأصول أو المدن الحيوية، بينما قد يُسمح للصواريخ المتجهة إلى مناطق غير مأهولة بالمرور.

التدابير المضادة والاستجابة الهجومية
بالإضافة إلى اعتراض الصواريخ، من المرجح أن تستخدم إسرائيل استراتيجيات أخرى، مثل الحرب الإلكترونية بتعطيل أنظمة توجيه الصواريخ أو إرباك الصواريخ القادمة.

ويمكن لإسرائيل تنفيذ ضربات على مواقع إطلاق الصواريخ الإيرانية ومراكز القيادة لتقليل حجم الصواريخ القادمة.

الخلاصة

في حين أن بطارية «ثاد» واحدة، بصواريخها الـ 48، ليست كافية لحماية إسرائيل بالكامل من وابل الصواريخ الإيرانية واسع النطاق، إلا أنها ستظل تلعب دوراً حاسماً في استراتيجية الدفاع الشاملة للبلاد.

إن النظام من شأنه أن يوفر حماية إضافية حيوية للأهداف ذات القيمة العالية ويحسن قدرة إسرائيل على اعتراض التهديدات الصاروخية المتقدمة، وخاصة الصواريخ الباليستية الفرض صوتي.

لكن في حالة وقوع هجوم واسع النطاق يشمل مئات الصواريخ، فسيكون من الضروري استخدام نظام «ثاد» مع أنظمة الدفاع الصاروخي الحالية في إسرائيل لإنشاء دفاع متعدد الطبقات.

إن الجمع بين ثلاث بطاريات «آرو 3» ونظام «ثاد» من شأنه أن يوفر قدرات دفاعية كبيرة. ومع ذلك، فإنها تحتاج إلى المساعدة في مواجهة وابل من أكثر من 500 صاروخ، خصوصاً في هجوم مشبع. وسيتعين على استراتيجية الدفاع إعطاء الأولوية للأهداف ذات القيمة العالية والبنية الأساسية الحيوية، ولكن بعض الصواريخ لا تزال قادرة على الاختراق.

وفي نهاية المطاف، في حين لا يمكن لأي نظام دفاع صاروخي ضمان الحماية الكاملة ضد الأعداد الهائلة، فإن نشر «ثاد» يعزز شبكة الدفاع الصاروخي متعددة الطبقات في إسرائيل ويزيد من قدرتها على مواجهة التهديد المتزايد الذي تشكله ترسانة الصواريخ الإيرانية المتقدمة. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يسمح للولايات المتحدة وإسرائيل بتحسين استراتيجيات الاعتراض ضد تكنولوجيات الصواريخ المتطورة في المنطقة.