ما بعد نصرالله المرحلة الأصعب
في نظرية المؤامرة أنه لا يمكن اغتيال شخصية قيادية فذة ومؤثرة بحجم السيد حسن نصرالله من دون تواطؤ ضمني بين أطراف وجهات عدة. هذا ما حصل سابقاً في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، الذي تدور شكوك حول تغطية جريمة اغتياله، بغض النظر عن الجهة المنفذة والتي حاولت الإفادة من مناخ مؤاتٍ لتغيير المعادلات التي كانت قائمة، وكذلك في تفجير مرفأ بيروت، إذ إن أدوات التجسس عبر الأقمار الاصطناعية وغيرها، لم تتوصل إلى أي دلائل أو إشارات واضحة، والذريعة أن كل الأقمار الاصطناعية لم تكن موجهة ناحية لبنان في تلك الساعات.
وبغض النظر عن الشكوك التي يصعب إثباتها، ونظريات المؤامرات التي لا يمكن الاتكال عليها، من الضروري ترقّب ما بعد مرحلة السيّد نصرالله لأسباب عدة.
أولاً: لقد تمتع السيد نصرالله بكاريزما قلّ مثيلها، وتميّز بقيادته الفذّة لتنظيم متشعّب الاهتمامات، واسع الانتشار، تتداخل فيه الحسابات العشائرية بالوطنية والإقليمية. ولم يتمكن أي خلف من تعبئة المكان والمكانة، ولو تهيأت له الأجواء.
ثانياً: تميّزت قيادة نصرالله الطويلة الأمد، بهامش واسع من حرية القرار، بعد الثقة الكبيرة التي بناها مع القيادة الإيرانية في مفاصل أساسية، وهو ما أدخل الحزب في مرحلة قد تكون عبرت حالياً مع تشتت الوضع القيادي، وعودة إيران إلى الإمساك بمفاصله، ما يعيده إلى مرحلة البدايات، وحاجته إلى عبور مسار طويل مجدداً.
ثالثاً: إن “المعمودية” التي مرّ بها الحزب أخيراً ستدفعه إلى التشدد أكثر في معظم الملفات، وفي الجانب الأمني خصوصاً، وفي التصدي لمحاولات إضعافه، بل إلغائه، إضافة إلى السياسي، وخصوصاً بعدما تساقط من حوله كل الحلفاء. ويُنقل عن مسؤول في الحزب قوله “لم يبق لنا حليف إلا القومي حالياً”، في تعبير واضح عن انفضاض الإحاطة التي تمتّع بها يوم كان في أوجِه.
رابعا: إن الحذر من معظم المكوّنات اللبنانية، بل الخوف من بيئة “حزب الله”، والذي انعكس على الحالة الشيعية عموماً، في رفض احتضانها أو إبداء التخوف العلني من استقبال النازحين، خصوصاً بعدما تعرّضت أماكن سكنية للقصف والإغارة بسبب العديد منهم، يجعل العلاقة المجتمعية الوطنية في حاجة إلى عملية إعادة ترميم وإعادة بناء الثقة، وهي مهمة إضافية قد تتعثر في ما لو لم يمتلك الخلف النية والرؤية.
وأخيراً،
يقول المثل الشعبي “الذي تعرفه خير من الذي لا تعرفه”.