اتصال بريّ-بلينكن: الحل الديبلوماسي أسير الوقت والميدان
اتصال بلينكن ببرّي جاء بترتيب من السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون لدى زيارتها إلى عين التينة قبل أيام.
يأتي الاتصال في ظل تداول معلومات تشير إلى أن أميركا تعمل على إرساء معادلة لعدم استهداف بيروت الإدارية، مقابل عدم استهداف حزب الله لمدينة حيفا. وهو أمر يرفضه الحزب الذي يرفع معادلة عدم استهداف الضاحية مقابل عدم استهداف حيفا. دخول بلينكن المباشر على خطّ التواصل يعود لأسباب عديدة، أبرزها أن الرجل يقوم بجولة واسعة من اللقاءات والاتصالات للوصول إلى وقف لإطلاق النار في المنطقة ككل. خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية تبدي تخوفها الكبير من حصول حرب إقليمية بفعل الردّ الإسرائيلي على إيران واستمرار الحرب الإسرائيلية على لبنان.
تزامن اتصال بلينكن برئيس مجلس النواب، وقبله برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مع مشاورات أميركية مستمرة مع تل أبيب للبحث في كيفية الردّ الإسرائيلي على إيران، ولعدم استهداف مواقع نووية أو منشآت نفطية، تفادياً لاشتعال المنطقة، لا سيما أن طهران وجهت تهديدات وتحذيرات بإمكانية الردّ بقوة وإغلاق مضيق هرمز ومنع سدّ النقص الناتج عن تقليص إنتاجها النفطي. وكل ذلك لا يلائم الولايات المتحدة الأميركية ولا ظروف الإدارة الحالية.
في هذا السياق، يأتي اتصال بلينكن ببرّي حاملاً أكثر من إشارة أميركية، أولها تكريس دور الرجل كمفاوض أول. ثانيها، التعويل عليه كمرجعية سياسية ورسمية للطائفة الشيعية. ثالثها، إطلاق إشارات متعددة حول أهمية اتجاه “الشيعة” إلى التحلّق حول برّي وخياراته واتجاهات وأدواره الديبلوماسية.
لا يتوانى برّي عن التأكيد بأنه يقوم بما يتوجب عليه القيام به، وفق رؤيته الوطنية، وأن هناك جهوداً يجب القيام بها للوصول إلى وقف إطلاق النار. يعلم برّي أن إسرائيل تحاول استثمار الضغط العسكري إلى الدرجات القصوى، لفرض شروطها ولدفع الأميركيين إلى تبنّي هذه الشروط، لكنه في المقابل تلقى تطمينات “عسكرية” من حزب الله بأن الوضع في الجبهة البرية جيد، وأن الحزب قادر على تعديل ميزان القوى. في المقابل، هناك من يحاول أن يرسل رسائل لبرّي بعدم الرهان على الميدان العسكري كي لا تكون التقديرات والقراءات غير متطابقة مع الواقع.
لا وقف نار قريباً
توافق بري وبلينكن خلال الاتصال الهاتفي الذي استمرّ لأربعين دقيقة، على ثلاث نقاط، الأولى الالتزام بالقرارات الدولية، ولا سيما القرار 1701. الثانية، عدم اتساع رقعة الحرب، والثالثة الوصول إلى حلّ ديبلوماسي.
ولكن هناك فوارق في مقاربة كل طرف. فالأميركيون يراهنون على الضغط العسكري ويعطونه المزيد من الوقت، ويفسحون المجال أمام الإسرائيليين لتنفيذ المزيد من العمليات بغية تغيير موازين القوى. لا يبدو الأميركيون مستعجلين إلى وقف إطلاق النار. أما بالنسبة إلى لبنان فالأمر مختلف لأن “من يده في النار ليس كمن يده في الماء”. الأمور تحتاج إلى وقت وإلى مزيد من الجهود والمفاوضات وفق ما تقول مصادر مطلّعة. والأجواء لا تشير بوجود إمكانية لوقف إطلاق نار قريب، بل المسألة تحتاج لأسابيع.
هنا تفيد القراءة اللبنانية بأن إسرائيل تريد تحسين شروطها في الميدان البرّي، ما يعني أن حزب الله سيكثف رهانه على الوضع البرّي لإلحاق خسائر كبيرة في صفوف الإسرائيليين، لعلّ ذلك يحسّن من شروط التفاوض بالنسبة إليه.
قال بلينكن إن بلاده تولي اهتماماً بالمهجرين اللبنانيين، وأنها ستعمل مع حلفائها على حشد وتوفير المساعدات والاحتياجات اللازمة والسريعة. وشدد بلنيكن على أن واشنطن تضغط على إسرائيل لحماية المدنيين، فردّ برّي أن إسرائيل قد ارتكبت مجازر في بيروت وخارجها وتستهدف المدنيين بشكل متعمد، وتعمل على تهجيرهم. كما أنها تستهدف الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. أما سياسياً، فقد أثنى بلينكن على موقف برّي الذي دعا فيه إلى انتخاب رئيس توافقي للجمهورية واعتبره طرحاً متقدماً، مشدداً على ضرورة إنجاز الإستحقاق الرئاسي في أقرب فرصة، لأن انتخاب الرئيس سيكون فرصة للخروج من المأزق وإنجاز الترتيبات المطلوبة لكل الأوضاع العسكرية والسياسية.