الهجوم على عون استهداف للجيش أم للرئاسة أم الاثنين معاً؟

الهجوم على عون استهداف للجيش أم للرئاسة أم الاثنين معاً؟

الكاتب: سابين عويس | المصدر: النهار
9 تشرين الأول 2024

منذ أن بدأ الهجوم الإسرائيلي المباشر على لبنان مع توسع الاعتداءات إلى أبعد من الحدود الجنوبية، ظهرت حركة لافتة لقائد الجيش العماد جوزف عون وحوله، حيث شكل محطة أساسية لكل زيارة يقوم بها مسؤول عربي أو دولي للبنان، أو أي اتصالات ومشاورات مع لبنان، على نحو شكل فيه الضلع الثالث للتركيبة السياسية للسلطة في لبنان إلى جانب رئيسي المجلس والحكومة، في ظل استمرار الشغور في موقع الرئاسة وغياب الرئيس المسيحي عن المشهد السياسي.

دائماً ما سعى عون إلى تحييد نفسه عن ملف الاستحقاق الرئاسي منذ أن طُرح اسمه جدياً للرئاسة، لعلمه أولاً بأن أي تداول بالاسم يهدف في شكل أساسي لحرقه في السباق إلى بعبدا، علماً بأن الرجل لم يقدّم نفسه بأدائه أو مواقفه مرشحاً، بل التزم دائماً بما يمليه عليه موقعه على رأس المؤسسة العسكرية.
وثانياً لإدراكه أن أي حظوظ لوصوله إلى سدّة الرئاسة تتطلب توافقاً وطنياً وتقاطعاً دولياً. وثالثاً لحرصه على تحييد الجيش عن السياسة وارتداداتها على المؤسسة. ولكن تحييد عون لنفسه، واستطراداً للمؤسسة العسكرية التي يقودها، لم يخدمه كفايةً لرد سهام الاستهدافات عنه، التي بات واضحاً أنها لا تستهدف شخصه أو موقعه وإنما تسعى إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، الجيش وأي حظوظ محتملة لتولي عون رئاسة الجمهورية، خصوصاً بعد طرح رئيس المجلس نبيه بري مبادرته الجديدة الرامية إلى انتخاب رئيس توافقي، بالتزامن مع تبنّي عدد من القوى السياسية لترشيح عون.

وقد يكون السؤال مبرراً لماذا عاد الهجوم ليتجدد على عون، ذلك أن الجواب واضح إن على المستوى العسكري أو على المستوى السياسي. فلقائد الجيش اليوم دور أساسي ومحوري في أكثر من ملف أهمها حماية الاستقرار الداخلي عموماً، وثانيها تطبيق القرار الدولي ١٧٠١.

في الملف الأول للجيش مهمة أساسية في ضبط الأمن على الساحة الداخلية، في ظل تحديين أساسيين، أحدهما يتصل بالتهديدات الإسرائيلية باستهداف المرافق العامة ولا سيما مطار رفيق الحريري الدولي، إذ عُلم في هذا السياق أن تل أبيب أبلغت لبنان نيّتها استهداف المطار إذا استُعمل لأهداف تخدم “حزب الله”، مطالبة بوضعه في عهدة الجيش، وهي إحدى الضمانات الأميركية الموضوعة من أجل عدم المسّ بهذا المرفق، والتي نجحت حتى الآن في تحييده، وإبقائه في الخدمة، وإن على مستوى الناقل الوطني حصراً دون غيره من شركات الطيران الأخرى. ومن هنا كان الاجتماع مع رئيس الحكومة لدرس الإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن. أما التحدي الثاني فيكمن في مخاطر تفجّر فتنة داخلية على خلفيات طائفية من خلال استغلال أزمة النازحين والأعباء التي ترتّبها على المجتمعين الضيف والمضيف. ويضطلع الجيش والأجهزة العسكرية والمخابراتية بدور كبير رغم الإمكانيات الضعيفة المتوافرة من أجل السيطرة على أي محاولات تفلت من شأنها أن تزيح الاهتمام عن النزاع بين إسرائيل والحزب عندما تحين ساعة التسوية.

أما الجانب الآخر الذي لا يقل أهمية فيتمثل في الدور المرتقب للجيش في الانتشار على طول الحدود الجنوبية، تطبيقاً للقرار الدولي لمجلس الأمن ١٧٠١.
وأمام التحديات الداخلية الجاثمة، نجح الجيش بقيادته في الإمساك بكل الملفات والتحديات، مقدماً نموذجاً في الحكم والمسؤولية قد لا تعجب المتضررين من الطامحين لدخول حلبة السباق الرئاسي، ما يضع قائد الجيش مجدداً في فوهة البركان، رغم كل محاولات الابتعاد عن الواجهة!