تدفُّق لافت للمساعدات يُسابق تدحرج الحرب… مصير صفي الدين غير مُعلَن واستهداف المدنيين يتصاعد

تدفُّق لافت للمساعدات يُسابق تدحرج الحرب… مصير صفي الدين غير مُعلَن واستهداف المدنيين يتصاعد

المصدر: النهار
6 تشرين الأول 2024

 تعاظمت اخطار اتساع الحرب الإسرائيلية على لبنان، في ظلّ الغموض الذي يكتنف المواجهات البرية الجارية بين القوات الإسرائيلية التي تكرّر محاولات اختراق الحدود اللبنانية جنوباً و”حزب الله” من جهة، والتصعيد المتدحرج للغارات الجوية الإسرائيلية على مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وتوسيعها في عمليات توازي القصف من مثل الغارة التي نفذت عملية اغتيال مسؤول بارز في حركة “حماس” هو سعيد عطاالله علي أمس في مخيم البداوي شمالاً، كما اغتالت القيادي في حماس محمد حسين اللويس في بلدة الفيضة – سعدنايل في البقاع.

 

وتخشى الأوساط العسكرية والدبلوماسية المتابعة لمجريات الحرب أن تكون الأهداف التي وضعتها إسرائيل لعملياتها قد وضعت لبنان برمّته تحت وطأة حرب طويلة المدى لا صحة لكل التقديرات أو التوقعات المتسرعة حيال كونها حربا سريعة تنتهي في غضون أسابيع.

 

وتُحذّر هذه الأوساط من أنّ المواجهات البرية الشرسة التي تدور على جولات بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي “حزب الله” عند الحدود تظهر الصعوبة الكبيرة في إمكان حسم المعركة قريبا أيا يكن ميزان القوى الذي سيتحكم بها اذ ان طبيعة المعركة معقدة ومكلفة للغاية واذا مضت إسرائيل نحو تحقيق هدفها باحتلال شريط حدودي تبعد عنه حزب الله ربما الى ما بعد جنوب الليطاني فان اقل التقديرات الواقعية تشير الى أننا امام معركة صعبة وطويلة المدى ، كما انها قد تتسبب باتساع عمليات القصف والغارات الجوية على مناطق لبنانية كثيرة.

 

وأمس، تصدّرت المعطيات والتقارير حول ترجيح أن يكون الرجل الثاني في “حزب الله” هاشم صفي الدين، المرشح للحلول مكان أمينه العام السيد حسن نصرالله قد أغتيل فعلاً، عقب مرور يومين على الغارة المدمرة التي استهدفت اغتياله في الضاحية الجنوبية من دون التمكن من رفع الأنقاض في المبنى المدمر او توافر أي معلومات حول مصيره. ونقلت أمس وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر رفيع في “حزب الله” أنّ الاتصال مع رئيس المجلس التنفيذي للحزب هاشم صفي الدين “مقطوع” منذ سلسلة الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية الجمعة. وقال المصدر من دون الكشف عن هويته إن “الاتصال مع السيد صفي الدين مقطوع منذ الغارات العنيفة على الضاحية”، مضيفاً: “لا نعلم إذا كان موجودا في المكان الذي استهدفته الغارات، ومن كان موجودا معه”. ووفق مصدر في حزب الله لـ “أ ف ب”: “لا نعلم من كان مع هاشم صفي الدين وقت الغارة على الضاحية”. ولكن العلاقات الإعلامية في الحزب أصدرت بيانا مساء نفت فيه ما نسب الى مصادر في الحزب في هذا السياق.

 

وأفادت المعلومات بأنّ إسرائيل وجهت إنذاراً بقصف أي هدف يتحرك باتجاه المكان الذي استهدف فيه السيد هاشم صفي الدين . واثار هذا الامر تساؤلات مريبة عن هدف إسرائيل علما ان القناة 12″ الإسرائيلية أفادت امس  بأن إسرائيل تحقق في احتمال إصابة إسماعيل قاآني، قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، في الضربة الإسرائيلية نفسها في بيروت. وقاآني كان قد خلف قاسم سليماني الذي قُتل بضربة من طائرة أميركية مُسيَّرة قرب مطار بغداد، في ضربة أمر بها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

 

وفيما هدَّد رئيس الأركان الإسرائيلي امس بمواصلة ضرب “حزب الله” من دون هوادة تجددت الغارات الإسرائيليّة على الجنوب والضاحيّة الجنوبيّة وأطراف الشويفات، عقب تحذيرات من الجيش الإسرائيليّ بإخلاء بعضها والابتعاد عنها.

 

وأفادت المعلومات الرسمية بأنّه منذ بداية الاعتداءات الإسرائيلية على محافظة بعلبك الهرمل والبقاع الأوسط، وصولًا إلى محيط بلدة شتورا، بلغ عدد الشهداء 282، وعدد الجرحى 777، أما الغارات فقد بلغت 704 غارات حتى منتصف ليل الجمعة.

 

وتتواصل الغارات فيما تحتدم المواجهات فيه عند الحدود. وقال “حزب الله” إنه قصف مستوطنة سعسع بصاروخي “فلق 2”. كما قصف بالصواريخ تجمعات لجنود إسرائيليين في خلة عبير في يارون، وكفريوفال وكفرجلعادي. وأضاف أن مقاتليه اشتبكوا مع قوة مشاة إسرائيليّة لدى محاولتها التقدم باتجاه محيط مبنى بلدية العديسة. وقال إنه استهدف بصاروخ موجه دبابة ميركافا أثناء تقدمها إلى حرش مارون، وأوقع طاقمها بين قتيل وجريح. كما أعلن أنه تصدى لقوة حاولت التقدم من محورين باتجاه بلدتي مارون الراس ويارون. واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل 9 من جنوده وضباطه وجرح 86 من بينهم 16 حالة خطيرة منذ بداية العملية البرية على حدود لبنان . ولكن الجيش الإسرائيلي تحدث في المقابل عن انه وجد مخازن أسلحة وغرف قيادة في انفاق ل”حزب الله” وانه دمَّر نفقاً بطول 250 متراً يضم غرف قيادة كانت معدة للهجوم على الجليل.

 

ومساءً، قصف الطيران الحربي الإسرائيلي منطقة مدنية فاستهدف مبنى في ساحة الجية مما أدى الى تدمير المبنى  على من فيه وأفادت طوارئ وزارة الصحة  حتى ساعات الليل ان شهيدين سقطا  كما أصيب 18 اخرين بجروح.

 

 وكرَّر الجيش الإسرائيلي توجيه إنذاراته الى سكان الضاحية في برج البراجنة وحارة حريك والعمروسية لإخلاء منازلهم قبل قصف هذه المناطق. وعلى الأثر تجددت الغارات على المناطق المحددة بالإنذار.

 

تدفُّق المساعدات

 

وسط هذه الأجواء، برز تطور لافت للغاية تمثل في تدفق المساعدات الواردة من عدد من الدول العربية بسرعة وكثافة بما عكس ضمناً عاملين اثنين: الأول ضخامة الحاجة الى هذه المساعدات نظرا الى كثافة حجم النزوح والدمار ، والثاني التحسب لاتساع الحرب والعمل تاليا على تسريع إيصال المساعدات . وقد تلاحق هبوط الطائرات التي تنقل المساعدات  في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت وكان أضخمها المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة اذ هبطت تباعا امس أربع طائرات عملت على نقل المساعدات التي قررتها الإمارات وهي بقيمة 100 مليون دولار ، كما وصلت مساعدات من مصر والأردن وكان في استقبالها الوزراء ناصر ياسين، فراس الأبيض، امين سلام، ورئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير.

 

وقد شكر الوزير ياسين في البداية “الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والحكومة والشعب المصري الشقيق على وقوفهم إلى جانب لبنان وتلبية النداء اللبناني والاستجابة العاجلة ” كما شكر رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لإنشاء جسر جوي ونقل مساعدات عاجلة إلى لبنان بقيمة 100 مليون دولار. وقال: “لا نستغرب الوقفة المصرية إلى جانب لبنان ولا الوقفة الإماراتية، ولاسيما أن مصر والامارات لهما حضور تاريخي في لبنان وعلاقات وثيقة كما هو الحال مع باقي الدول العربية الشقيقة”.

 

وفي بيان إماراتي رسمي انه تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “أطلقت دولة الإمارات حملة إغاثة وطنية لدعم لبنان وشعبه الشقيق في ظل التصعيد الميداني الحاصل باسم “الإمارات معك يا لبنان”. وكانت دولة الإمارات عبرت عن قلقها الشديد من تزايد التصعيد في لبنان ومن تداعيات انزلاق الأوضاع الخطيرة وتأثيرها على الاستقرار في المنطقة. كما أكدت وقوفها ومساندتها للشعب اللبناني الشقيق في مواجهة التحديات، وعلى موقفها الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته الوطنية وسلامة أراضيه، ودعت المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لوقف تصاعد القتال لمنع سفك الدماء، وأن ينعم المدنيون بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي والمعاهدات الدولية”.


وتلقّى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، امس السبت، اتصالاً هاتفياً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأعرب ميقاتي عن شكره وتقدير لرئيس الإمارات لتوجيهه بتقديم حزمة مساعدات إغاثية عاجلة بقيمة 100 مليون دولار إلى الشعب اللبناني، مثمناً “مواقف الدولة الأخوية تجاه لبنان وشعبه في الظروف المختلفة”، وفق ما ذكرت “وكالة الأنباء الإماراتية”. من جانبه، أكد الشيخ محمد بن زايد وقوف الإمارات إلى جانب الشعب اللبناني في ظل الظروف التي يمر بها. كما جدد موقف الدولة تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه وضرورة تضافر الجهود الدولية لوقف إطلاق النار وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين بموجب القانون الدولي”


كما أنّ قيادة الجيش اللبناني أعلنت امس وصول طائرة مساعدات تحمل مواد غذائية مقدّمة هبة من المملكة الأردنية الهاشمية. جرى تسلّم الهبة بحضور ممثل قائد الجيش وممثل عن السفارة الأردنية في لبنان.

 

يشار الى ان المملكة العربية السعودية شرعت أيضا في تقديم مساعدات عاجلة للبنان كما ان وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن اعلن تقديم بلاده رزمة مساعدات إنسانية عاجلة للبنان بقيمة 157 مليون دولار.