التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان لفرض وقائع على الأرض دون الحرب الشاملة

التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان لفرض وقائع على الأرض دون الحرب الشاملة

الكاتب: داود رمال | المصدر: الانباء الكويتية
4 تشرين الأول 2024

يحمل التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق عبر تكثيف الضربات الجوية وإدخال البوارج الحربية في عمليات القصف التدميري، من جنوب لبنان إلى البقاع والضاحية الجنوبية وصولا إلى البدء باستهداف العاصمة بيروت، أبعادا متعددة على المستويات العسكرية والسياسية والإستراتيجية.

وقال خبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ «الأنباء»: «في البعد العسكري يعتبر التصعيد الإسرائيلي الواسع، الذي انتقل من الجنوب اللبناني وصولا إلى مناطق أخرى مثل البقاع والضاحية الجنوبية، بمثابة تصعيد كبير وخطير في وتيرة العمليات العسكرية. هذا التوسع في نطاق الاستهداف يعكس رغبة إسرائيلية في الضغط على حزب الله وإضعاف قدراته، لاسيما أن الضاحية الجنوبية تعتبر معقلا أساسيا للحزب، كما أن المناطق الحدودية في البقاع تستخدم لإطلاق الصواريخ. اما بدء استهداف العاصمة بيروت فيعتبر خطوة نوعية تحمل رسائل واضحة تتعلق بتوسيع دائرة المواجهة واستهداف البنية التحتية الرئيسية، ما يعني رفع سقف الضغوط العسكرية».

وأضاف الخبير: «في البعد السياسي، يشكل استهداف العاصمة بيروت رسالة إلى الأطراف اللبنانية والمجتمع الدولي، بأن إسرائيل مستعدة لتصعيد المواجهة بشكل غير مسبوق. هذه الخطوة تحمل أبعادا سياسية، اذ تهدف إلى زعزعة الوضع الداخلي اللبناني من خلال زيادة الضغوط على حكومة تصريف الأعمال وعلى الفاعلين السياسيين. كما تسعى إسرائيل من خلال هذا التصعيد إلى إحداث شقاق داخلي في لبنان، لإحداث تراجع في الدعم الشعبي لحزب الله، مع محاولات للتأثير على الحسابات السياسية للمسؤولين اللبنانيين».

وأوضح الخبير انه «في البعد الاستراتيجي، فإن تكثيف الضربات على الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية يمثل جزءا من إستراتيجية إسرائيلية أوسع، تسعى فيها إسرائيل إلى تفادي فتح جبهات متعددة في حرب شاملة، وهي تعي خطورة الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة على كل الجبهات. لكنها في الوقت عينه تحاول من خلال هذا التصعيد فرض شروطها وتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية من دون الوصول إلى مواجهة شاملة. وهذه الاستراتيجية قد تكون استباقية في محاولة لقطع الطريق أمام أي رد عسكري واسع من حزب الله».

واعتبر الخبير انه «في الأبعاد الإقليمية والدولية، يشكل استهداف بيروت رسالة ليس فقط للبنان، بل للأطراف الإقليمية الفاعلة، وعلى رأسها إيران وسورية، كون الأخيرة تتعرض لهجمات جوية شبه يومية. وقد يحمل التصعيد في طياته رسالة إلى طهران بخصوص الدور الذي تلعبه في لبنان من خلال دعم حزب الله. كما يعكس رغبة إسرائيلية في توجيه ضربة قوية قبل أي تفاهمات إقليمية قد تعيد توزيع النفوذ في المنطقة. كذلك قد يكون هذا التصعيد بمثابة محاولة للتأثير على الموقف الدولي، خصوصا مع الضغوط الأميركية والفرنسية على لبنان لتهدئة الأوضاع».

وأشار الخبير إلى انه «من النتائج المحتملة لهذا التصعيد واحد من السيناريوهات التالية:

1 – استمرار التصعيد مع احتمال انزلاق الأمور إلى مواجهة أكبر تشمل مناطق أوسع، وهذا قد يؤدي إلى تدخلات دولية أكثر حدة لاحتواء الوضع.

2 – تهدئة مؤقتة إذا ما تم التوصل إلى تفاهمات تحت الضغط الدولي، خصوصا في ضوء المحادثات الجارية لوقف التصعيد.

3 – إعادة ترتيب التحالفات في الداخل اللبناني بناء على موازين القوى الجديدة التي قد تفرضها هذه الهجمات».

ورأى ان «استهداف بيروت يعتبر تصعيدا يحمل رسائل متعددة، ويعكس رغبة إسرائيلية في فرض وقائع جديدة على الأرض من دون الوصول إلى مواجهة شاملة».