إسرائيل تفصل “الحزب” عن سوريا: تهديد النظام عسكرياً وسياسياً
لا يمكن الحسم في تسمية العمليات البرية التي بدأها الإسرائيليون، وتعثّرت بسبب ضربات الحزب، مع اعترافهم بوقوع خسائر. هناك سيناريوهات عديدة لما جرى، إما أن تكون محاولات إشغال أو تشتيت أو جس نبض، أو استخفافاً بقدرات الحزب. وذلك ما يبقي الاحتمالات مفتوحة حول الجهات التي يمكن التوغل منها، ولا سيما من الجهة الشرقية.تفكيك الجبهات ميدانياً
للمعركة آليات عديدة، في وسطها يستهدف الإسرائيليون بعض الرادارات أو المواقع في جنوب سوريا، ذلك لا ينفصل عن ضربات استهدفت دمشق ومحيطها على مدى يومين متتاليين في إطار زيادة الضغط على النظام وتطويق إيران وحلفائها هناك، وذلك تمهيداً للمزيد من العمليات. فما يسعى إليه الإسرائيليون أيضاً هو قطع طرق الإمداد عن حزب الله في سوريا. وهو ما سيستدعي تنفيذ عمليات أو إنزالات مشابهة لعملية مصياف. وبذلك يكون الإسرائيليون قد انتقلوا من مرحلة “تفكيك الجبهات” بالمعنى السياسي أو الرسائل العسكرية، إلى تفكيكها بالمعنى الميداني، من خلال التوغل في الأراضي السورية، من دون إغفال التحذيرات والتهديدات التي أطلقها بنيامين نتنياهو لبشّار الأسد في الأيام الأولى من الحرب، محذراً إياه من إسقاط نظامه في حال انخرط في هذه المعركة. وهنا نجحت إسرائيل في الفصل السياسي والعسكري بين الجبهات.
إعادة انتاج التوازنات
الضغوط السياسية والعسكرية على سوريا، والمشروع الذي يتحدث عنه نتنياهو حول تغيير وجه المنطقة، هو محاولة أو إعادة فرض “إقناع” النظام السوري بنظرية “تغيير السلوك”، وفق قاعدة سابقة وضعها باراك أوباما تجاه إيران، لكنها لم تنجح في حينها سياسياً وديبلوماسياً. فتجري محاولة فرضها عسكرياً من خلال إسرائيل المدعومة من واشنطن، ومن خلال المفاوضات التي تخوضها واشنطن مع طهران. نجاح ذلك لا يزال غير مضمون، وهو ما يمكن أن يفرض متغيرات عسكرية أو سياسية على مسار المعركة وأهدافها. خصوصاً أنه ما بعد إلغاء دونالد ترامب للاتفاق النووي لم تنجح إدارة جو بايدن الديمقراطية في العودة إلى هذا الاتفاق، لا بل إن بايدن يغطي إسرائيل في عملياتها العسكرية ومساعيها لتفكيك المحور بالإضافة إلى مواصلة الاستهدافات والاغتيالات بهدف تقويض مشروع إيران.
ما يزيد الضغط على الأميركيين في هذا المجال، هو إصرار نتنياهو على مواصلة العمليات، من جهة، واستحقاق الانتخابات الذي لا يمكن فيه للإدارة الأميركية الوقوف في وجه إسرائيل أو التخلي عن دعمها المطلق لها؛ وما يعطي دفعاً جديداً لنتنياهو هو مقال جاريد كوشنير الذي أشار فيه إلى وجوب دعم اسرائيل المطلق في عمليتها بعد اغتيال نصرالله. ما يعطي مؤشراً حول المسار العسكري والسياسي الذي سيسلكه ترامب في حال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وسط محاولات أميركية لإقناع الإيرانيين، وخصوصاً الرئيس الجديد مسعود بزشكيان بنظرية “التخلي عن السلاح” كوسيلة لفرض النفوذ، والعودة إلى القواعد السياسية والديبلوماسية من قبل إيران وحلفائها. وهو ما ترفضه إيران، التي أصر مرشد الجمهورية والحرس الثوري على استخدام السلاح وضرب إسرائيل.