خاص – بعد اغتيال نصر الله هل يقرّر نتنياهو ضرب إيران؟
حتّى أيّام قليلة خلت، كانت التوقّعات ما زالت تستبعد حرباً شاملة أو حرباً واسعة. وللتوضيح، فإنّ الحرب الواسعة هي ما يحصل الآن من انتشار الضربات إلى كلّ الأراضي اللبنانية، فيما الحرب الشاملة تعني دخول إيران على الخطّ، وربّما دول أخرى.
فهل القرار الإسرائيلي بالتصعيد الكامل ضدّ “حزب الله” اتُّخذ في الآونة الأخيرة، أم كان مخطّطاً له منذ هجمات السابع من أكتوبر، وتُرك التنفيذ للّحظة المناسبة؟
في الواقع، كشف التصعيد الكبير الحاصل الآن، أنّ إسرائيل ربّما طوّرت موقفها في الأشهر الماضية في شكل متدحرج، عندما رأت أن الحزب لم يتراجع في مواقفه، واستنتجت أنّ مجرّد بقاء هذا التنظيم محتفظاً بسلاحه الثقيل ومرتبطاً بإيران، هو خطر بحدّ ذاته. ولم تعد الترتيبات الأمنية على الحدود تكفيها، بل قرّرت أنّه يجب تدمير سلاح الحزب الثقيل والدقيق، ومنع حصوله على أسلحة من جديد عبر إيران مروراً بسوريا.
ويشير بعض المعلومات إلى أنّ هذه الصورة نُقلت قبل فترة إلى الجانب الأميركي، ولكنّه كان يحاول التخفيف من وطأتها، ليس إلّا. ولمّا وقعت الواقعة، بعد زيارة رفع العتب التي قام بها آموس هوكشتاين لتلّ أبيب، وبدأ الهجوم عبر تفجيرات أجهزة اللاسلكي وما تلاها، وضعت واشنطن نفسها في حالة استعداد لمؤازرة حليفها، في حال تطوّرت الحرب.
ولكن الآن، لم يعد من رجعة للوراء. وصارت الحرب في لبنان على شاكلة الحرب في غزّة. غارات تستهدف كلّ مراكز الحزب ومخازنه، وتدمير للضاحية الجنوبية. والضربة الأكبر هي في اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في غارات زلزلت الضاحية وبيروت، وزلزلت أيضاً كلّ المسار العسكري والسياسي للمعركة. وصار واضحاً أنّ الحرب الإسرائيلية على لبنان تهدف إلى سحق الحزب، على غرار القرار بسحق حركة “حماس”. وسيشمل ذلك ضرب بنى تحتيّة في لبنان، كالمطار، لمنع الطائرات الإيرانية من إدخال أسلحة ومساعدات، وهو ما أشار إليه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، حين قال إنّ بلاده ستمنع تحوّل مطار مدني إلى مطار لنقل الأسلحة.
وإذا أمعنّا التفكير في التهديد الذي أطلقه نتنياهو، بأنّ هذه الحرب ستغيّر وجه الشرق الأوسط، فقد ترتسم أمامنا سيناريوات مرعبة. وأهمّ السيناريوات هو: كيف ستتصرّف إيران في هذه اللحظات التي يتمّ فيها الإجهاز على “درّة التاج” وقتل الشخصية الأولى في الحزب؟ هل ستدافع عن حليفها الذي يشكّل امتدادها الأكبر في إطار تصدير الثورة، أم ستبقى صامتة خوفاً من أن يصل السيف إلى رقبتها؟
في واقع الأمر، هناك تساؤلات قد تبدو منطقية حول ما إذا كانت طهران قد “ضحّت” بالحزب، لقاء سلامة الجمهورية الإسلامية والاحتفاظ بالبرنامج النووي. فهي حتّى الساعة، وعلى رغم إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال نصر الله، لم تقم بأيّ خطوة عمليّة. وحتّى أنّها لم تردّ أصلاً على ما توعّدت به من الانتقام لمقتل إسماعيل هنيّة. وكانت تصريحات المسؤولين الإيرانيين في الأيّام الأخيرة باهتة ومنخفضة اللهجة.
ولكن، ما هي خطّة إسرائيل التالية، وهل تكتفي باغتيال نصر الله، أم تنقل الحرب إلى الراعي الأمّ إيران؟
لقد أعلن نتنياهو بوضوح في كلمته في الأمم المتّحدة أنّ أيدي إسرائيل قادرة على أن تطال من يهدّدها في أي مكان وفي إيران أيضاً. واكّد رئيس الأركان الإسرائيلي أن العملية لم تنتهِ باغتيال نصر الله. فعمليّات القصف المكثّف ستتواصل لتدمير بنية الحزب بعمق في الدرجة الأولى. ولا يُستبعد أن تلجأ إسرائيل إلى الدخول برّياً إلى الجنوب من أجل “تنظيف” المنطقة تمهيداً لإقامة المنطقة العازلة لاحقاً وفرض الترتيبات التي تناسبها.
وثمّة سيناريو آخر ليس بعيداً عن الواقع، يقول بأنّ إسرائيل ستقدم على توجيه ضربات إلى إيران، على اعتبار أنّها هي الأصل في دعم الحزب وكل “محور المقاومة”. وهنا، يُفهم مغزى ما قاله نتنياهو من تغيير وجه المنطقة. وهذا يعني قطع أذرع إيران في الخارج، ومنعها من أن تشكّل تهديداً لإسرائيل. وهذا الأمر يتطلّب أيضاً، حسب المفهوم الإسرائيلي، منع طهران في شكل نهائي من انتاج القنبلة النوويّة.