إسرائيل على الأرجح تملك ما يكفي من الأسلحة لخوض صراعات متعدّدة

إسرائيل على الأرجح تملك ما يكفي من الأسلحة لخوض صراعات متعدّدة

المصدر: نيويورك تايمز
28 أيلول 2024

على مدى الأسبوع الماضي وحده، شنّت إسرائيل أكثر من 2000 غارة جوية ضدّ «حزب الله» في لبنان، وواصلت قصفها اليومي تقريباً ضدّ «حماس» في قطاع غزة. كما تصدّت دفاعاتها الجوية لهجمات، باعتراضها في إحدى الحالات صاروخاً باليستياً كان متجّهاً نحو تل أبيب.

ولا توجد علامات على تباطؤ هذا الهجوم. وأشار المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانييل هغاري، يوم الأربعاء، إلى أنّه: «لن نتوقف، ونحن في الوقت نفسه نُعِدّ خططاً للمرحلة القادمة». لكن، إلى متى يمكن أن تستمر إسرائيل في ذلك؟

يقول الخبراء العسكريّون وخبراء الأسلحة، إنّ هذا غير واضح. إسرائيل، مثل العديد من الدول، تتحفّظ بشكل كبير على المعلومات حول الأسلحة الموجودة في مخزونها، ولم يستجب المتحدّثون باسم الحكومة، الذين يحافظون بشدّة على تلك المعلومات، لطلبات التعليق.

مع ذلك، هناك أسباب عدة تجعل الخبراء يعتقدون أنّ إسرائيل يمكن أن تتفوّق على خصومها في هجومها على جبهتَين، حتى أثناء دفاعها عن نفسها من الهجمات الوشيكة. فقد أنتجت صناعة الدفاع الإسرائيلية عدداً كبيراً من الأسلحة العام الماضي، لدرجة أنّها تمكّنت من تصدير بعضها، على الرغم من بدء الحرب في غزة في تشرين الأول.

وأرسلت الولايات المتحدة لإسرائيل عشرات الآلاف من الصواريخ والقنابل وقذائف المدفعية في السنوات الأخيرة.

وبالنظر إلى التهديدات التي واجهتها، فمن المؤكّد تقريباً أنّ إسرائيل قد بنت مخزوناتها لدعم صراعات متعدّدة في آنٍ واحد، خصوصاً إذا قامت إيران بحشد مجموعاتها الحليفة في لبنان، سوريا، العراق واليمن لشنّ هجمات في الوقت عينه.

وأوضح يهوشوا كاليكسي، خبير التكنولوجيا العسكرية في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: «لن تنفد الأسلحة، لأنّك في الشرق الأوسط لا تستطيع أن تنفد أسلحتك. القادة يعرفون كيفية حساب كمية الأسلحة المطلوبة، وما يجب أن يكون لديهم في المخزون، لأنّك في هذه الغابة يجب أن تكون قوياً».

إليكم ما نعرفه عن ترسانة الأسلحة الإسرائيلية

متطلبات الدفاع الجوي

تقول إسرائيل إنّها تعرّضت إلى أكثر من 9300 صاروخ من «حزب الله» منذ 8 تشرين الأول 2023. وعلى الرغم من أنّ تلك الهجمات أسفرت عن مقتل 49 شخصاً، إلّا أنّ كاليكسي قدّر أنّ معظم تلك الصواريخ – 75% – تمّ اعتراضها بواسطة القبة الحديدية، نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي الشهير.

وقيَّم المسؤولون الأميركيّون في الصيف الماضي أنّ بطاريات القبة الحديدية يمكن أن تطغى عليها الحرب الشاملة مع «حزب الله». وقدّر المحلّلون أنّ «حزب الله» خزّن ما بين 100,000 إلى 200,000 صاروخ وقذيفة.

لكنّ مؤشراً على ترسانة الدفاع الجوي الإسرائيلي هو العدد الهائل من صواريخ الاعتراض التي تمكّنت من إطلاقها ضدّ الصواريخ والطائرات الإيرانية في ليلة واحدة فقط في نيسان الماضي، بحسب توم كاراكو، خبير الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن.

في 14 نيسان، أسقطت إسرائيل حوالى 330 طائرة من دون طيار، وصواريخ باليستية، وصواريخ كروز بواسطة أسلحة دفاعية من نوع القبة الحديدية وسهم 3. وتمّ أيضاً اعتراض بعض منها بواسطة الولايات المتحدة وحلفاء آخرين. وأوضح كاراكو أنّ هذا أظهر «نجاحاً مذهلاً» لدفاعات إسرائيل الجوية التي كانت مجهّزة بشكل جيد.

مع ذلك، أوضح كاراكو: «لا توجد قباب حديدية كافية في العالم لاعتراض جميع الصواريخ التي يمتلكها «حزب الله». الدفاع الصاروخي يشتري لك الوقت، لكن يجب أن تستغل هذا الوقت جيداً لإنهاء التهديد بوسائل أخرى».

«فائض» من الأسلحة المصنّعة في إسرائيل

قال بيتر وازمان، الباحث البارز في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، الذي يتتبع نقل الأسلحة، إنّ صناعة الدفاع الإسرائيلية أنتجت في العام الماضي عدداً كافياً من الأسلحة «لتلبية احتياجاتها الخاصة، داخل البلد».

في الواقع، أنتجت الشركات الإسرائيلية عدداً كبيراً من الأسلحة في عام 2023 لدرجة أنّها تمكّنت من تصدير 13 مليار دولار من الأسلحة إلى جيوش أجنبية، وهو رقم قياسي.

مع هذا الفائض، يعتقد وازمان أنّه: «يجب أن نفترض أنّ إسرائيل واثقة من أنّ لديها الترسانات التي يمكن استخدامها في حالة تصاعد النزاع بشكل أكبر».

عموماً، لا تُصدِر شركات الصناعات الدفاعية أرقام الإنتاج، جزئياً لأسباب تنافسية. لكنّ وازمان قال إنّ مصنّعي الأسلحة الإسرائيليِّين يُركّزون بشكل كبير على إنتاج الذخائر والقنابل الموجّهة والصواريخ.

عشرات الآلاف من الواردات الأميركية

تُعَدّ الولايات المتحدة أكبر مورّد للأسلحة إلى إسرائيل، وهي الدولة الوحيدة التي قدّمت صواريخ وقنابل إلى إسرائيل خلال الـ15 عاماً الماضية، وفقاً لمعهد ستوكهولم، SIPRI.

ويُقدِّر المعهد أنّ البنتاغون وشركات الأسلحة الأميركية قد سلّمت ما لا يقلّ عن 29,100 قنبلة موجّهة، وصواريخ مدفعية، وصواريخ مختلفة إلى إسرائيل منذ عام 2009. تمّ تسليم أكثر من ثلثها في العامَين الماضيَين فقط، ويقول وازمان إنّ إجمالي الـ15 عاماً بالتأكيد هو تقدير منخفض، لأنّ مبيعات الأسلحة الشاملة نادراً ما تُعلن، ويتمّ إبلاغ الكونغرس فقط عن أغلى عمليات نقل الأسلحة.

في الأسابيع التي أعقبت هجوم «حماس» في 7 تشرين الأول الذي بدأ الحرب في غزة، أرسلت الولايات المتحدة شحنات من الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك حوالى 3,000 قنبلة وعشرات الآلاف من قذائف المدفعية.

كما سلّمت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 3,5 مليارات دولار في «الاحتياجات الأساسية في زمن الحرب»، وفقاً لبيان من وزارة الدفاع الإسرائيلية يوم الخميس.

لكن منذ أيار، توقّفت إدارة بايدن عن إرسال قنابل تزن 2,000 رطل خوفاً من أنّها قد تتسبّب في سقوط ضحايا مدنيِّين بشكل كبير. ولا تزال إسرائيل تنتظر المزيد من القنابل، ومعدات التوجيه، والصمامات للذخائر التي طلبت من الولايات المتحدة إرسالها خلال العام الماضي، وفقاً لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهو معهد أبحاث في واشنطن.

وقال برادلي بومان، خبير الأسلحة هناك، إنّ هذه الطلبات تُظهِر أنّ إسرائيل تحاول بناء مخزونها.

وأضاف بومان: «هذه هي الأشياء التي تحتاجها إسرائيل. إذا نظرت إلى كمية الهجمات المتبادلة منذ 8 تشرين الأول، لكن بشكل خاص في الأسبوع الماضي، فإنّها تزداد تكراراً وشدّة. لذا من الواضح أنّهم ينفقون الذخائر».