خاص- أبو حمدان لموقعنا: الحرب الشاملة مستبعدة في ظل الإدارة الأميركية الحالية
أكد الكاتب والباحث الدّكتور مالك أبو حمدان في حديث لموقعنا أن سيناريو الحرب الشاملة في المنطقة لا يزال مستبعدًا على الأرجح وذلك لسببين رئيسيّين:
السّبب الأوّل هو غياب المصلحة لدى الطّرفَين الأساسيَّين اقليميّاً في اندلاع حرب كهذه. والطّرفان المعنيّان هما طبعاً: الولايات المتّحدة الأميركيّة من جهة، وإيران من جهة ثانية. وفي غياب المصلحة الموضوعيّة لدى الطّرفَين في حرب كهذه، من المستبعد ان تحصل هذه الحرب. كما أنّ العدوّ الاسرائيليّ يبدو غير قادرٍ حتّى الآن على المواجهة على جبهات متعدّدة في الوقت عينه ضمن حرب من هذا الصّنف. كما يبيّن عدد من التّقارير الإسرائيلية نوعاً من الاستنزاف لفرق وألوية هذا الجيش. في الوقت عينه، تبدو الجبهة الداخليّة الاسرائيليّة بشكل عامّ غيرَ مُحصّنة حقيقةً لمواجهة حرب بهذا الحجم.
أمّا السّبب الثّاني، وقد يكون الأكثر قوّة والأكثر مركزيّة في الواقع الجيوسياسيّ فهو، على ما يبدو، قوّة “التّفاهمات” الايرانيّة-الاميركيّة، وتحديدًا مع فريق هذه الإدارة الدّيمقراطية. كما أنه من الواضح أنّ المحادثات الإيرانيّة-الأميريكيّة، المباشرة أو غير المباشرة، ترخي بظلالها وبعمق على وقائع الأحداث في المنطقة إلى اشعار آخر. وأضاف أبو حمدان: يبدو لي أنّ الأمور أعمق بكثير ممّا كان أغلبُنا يتصوّر مع الإدارة المذكورة، وتحضيراً لولاية ديمقراطيّة ثانية يبدو أنّها ستقيم اتّفاقاً حقيقيّاً مع إيران إذا ما فازت في الانتخابات. لذلك، فقد يكون من الحكمة الادّعاء اليوم بأنّه طالما أنّ هناك إدارة ديمقراطيّة في الولايات المتّحدة أقلّه، فإنّ حرباً موسّعة مع إيران و”محور المقاومة”… مستبعدة جدّاً.
وعن مستقبل قطاع غزة قال أبو حمدان: مستقبل قطاع غزّة السّياسيّ والأمنيّ والاقتصاديّ مرتبط بتوازن القوى الذي سينتج عنه وقف إطلاق النار المنتظر في لحظة معيّنة، ليس قريبة جدّاً على الأرجح. حتّى الآن، ليس من الواضح إذا ما كان الاسرائيليّ سيقبل بوقف لإطلاق النّار ضمن الوضع الحاليّ لأنّه سيكون أعطى بذلك نصراً أكيداً لحركة “حماس” مع عدم تحقّق الأهداف الأساسيّة التي وضعها الاسرائيليّ نفسه للحرب، علمًا أن حركة “حماس” قد تقبل، مع تحقّق نصر كهذا، بأن تتخلّى عن سيطرتها على السّلطة “الكُلّيّة” في القطاع لأسباب براغماتيّة وعمليّة.
أضاف: باختصار، من المبكّر اليوم الحديث عن تفاصيل ماذا سيكون عليه القطاع بعد وقف اطلاق النّار. ولكنّ المؤكّد نقطتان:
– النّقطة الاولى هي أنّ شكل الحُكم والسُّلطة في القطاع سيكون مرتبطاً بالطّريقة التي سيتمّ من خلالها وقف اطلاق النّار.
– أمّا النّقطة الثّانية فهي عدم استبعاد أن تقبل “حماس” بالتّخلّي، ولو شكليّاً، عن سيطرتها الكاملة على ادارة القطاع، على ان تكون بالمقابل قد حقّقت نصراً استراتيجيّاً في نظرها كحركة مقاومة وتحرّر وطنيّ… لجهة اجبار جيش العدوّ وحكومته على وقف إطلاق النّار من دون تحقيق أهدافه الأساسيّة.
وردًا على سؤال حول أسباب ترويج إسرائيل لحرب موجعة على لبنان، وما إذا كان هذا الترويج من باب التّهويل فقط، قال أبو حمدان: حتّى الآن، أعتقد أنّ الاسرائيليّ لا يزال يسبح على موجة “تهويليّة” على لبنان، وذلك لعدة أسباب أهمها:
أوّلاً: عدم قدرة هذا الجيش مبدئيّاً على فتح عدّة جبهات في الوقت عينه ضمن حرب من النّوع الشّامل إن صحّ التّعبير، خصوصاً أنّ معطيات متعدّدة تبيّن أنّ هذا الجيش أصبح في حالة قريبة من الانهاك او حتّى من الانهاك الشّديد (عسكريّاً ومعنويّاً).
ثانياً: لأنّ الأمريكيّ لا يزال حتّى اللّحظة ضدّ أي سيناريو يؤدّي الى حرب شاملة، وإلى تورّطه في مواجهة مباشرة، وربّما بلا سقوف، مع إيران.
– ثالثاً: لأنّ الاسرائيليّ ليس في موقع يسمح له بشنّ حرب حقيقيّة واسعة على لبنان، مع خطر توسّع محتمل جدّاً… من دون مشاركة الأميركيّ الضّامنة (سياسيّاً وعسكريّاً).
أضاف: قد يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، من الآن حتّى استلام رئيس جديد في البيت الأبيض، تمرير ضربات هنا وهناك بهدف جرّ الأميركيّ إلى تصعيد كبير ضدّ إيران، ولكن، في ظلّ ما سبق ذكره، أستبعد كلّيّاً أن تنجرّ إيران مع “محور المقاومة” وراء محاولاته… أو أن ينجرّ الأميركيّ أيضاً وراء توجّه استراتيجي.
وعن مستقبل دولة فلسطين في ضوء التّسويات المرتقبة، قال: أستبعد قيام دولة أو جمهورية حقيقية وجدية في فلسطين في المدى المنظور لأنّ الشّروط الموضوعيّة لقيام دولة فلسطينيّة حقيقيّة غير متوفّرة الآن، خصوصاً بسبب السّياسات التوسعيّة والاستيطانيّة والعدوانيّة للكيان الاسرائيليّ، لا سيّما في ظل الحُكم اليمينيّ المتطرّف والقويّ داخليّاً. الأمر ما زال بعيداً إذا ما قصدنا قيام دولة فلسطينيّة جدّيّة تؤدّي إلى حلّ جزء كبير من المشاكل الرّاهنة في المنطقة وفي ما يعني الشّعب الفلسطينيّ بشكل خاصّ.
أما بالنسبة الى لبنان فتوقع أبو حمدان أن يظل البلد رهينة توافقات مرحلية هشة الى أجل غير مسمّى، طالما أنّ المشكلة الأساسيّة في المنطقة لم تحلّ، مستبعدًا أن تكون هناك حلول جذريّة.