كتابة منهج الفلسفة: المحاصصة العونية أقوى من اللجنة العلمية!

كتابة منهج الفلسفة: المحاصصة العونية أقوى من اللجنة العلمية!

الكاتب: وليد حسين | المصدر: المدن
13 آب 2024
انتظرت البروفسورة في الجامعة اللبنانية نيّلا أبي نادر حتى يوم الجمعة الفائت، تدخّلَ وزير التربية عباس الحلبي للملمة الفضيحة التي تسببت رئيسة المركز التربوي، وحصلت في لجنة كتابة مادة الفلسفة في المناهج الجديدة، التي تعتزم وزارة التربية إطلاقها. لم يتدخل الوزير، فقدمت استقالتها من اللجنة يوم السبت، اعتراضاً على كيفية اختيار بعض الأشخاص في اللجنة وفق معيار المحاصصة الحزبية فقط لا غير.
اختيار أعضاء من دون تقييم
منذ شهر أيار الفائت تنتظر أبي نادر إصلاح الوضع في اللجنة. لكن ما حصل هو أن المركز التربوي للبحوث والإنماء شكل لجان المواد، وتبين لها أنه تم وضع الأشخاص الذين لم يخضعوا لتقييم اللجنة العلمية التي كانت عضوة فيها. وتبلغ المرشحون الفائزون في اللجان خبر اختيارهم وموعد إطلاق التدريب الذي سيخضعون له يوم الإثنين المقبل، برعاية وزير التربية عباس الحلبي. لذا، فضلت ألا تكون شاهدة زور على الفضيحة التي حصلت في اختيار المرشحين، كما أكدت لـ”المدن”.
وشرحت أبي نادر، وهي أستاذة الفلسفة في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، ومؤلفة لكتب عدة، أنها كانت عضوة في اللجنة العلمية العليا لمادة الفلسفة، التي شكلها المركز التربوي لتقييم السير الذاتية للمرشحين. كانت مهمة هذه اللجنة المؤلفة من خمسة أعضاء اختيار أعضاء لجنة كتابة المادة. وأكدت أنه بتاريخ 29 أيار الفائت، موعد إجراء المقابلات لاختيار المرشحين، لم يحضر ثلاثة أعضاء المدرجة أسماؤهم في رأس اللائحة. بل حضرت رئيسة المركز التربوي هيام إسحاق، وقالت إنها اختارت هؤلاء الأعضاء، وعليهم اعتبارهم في عداد اللجنة، وعادت إلى مكتبها. أي أنها لا تريد أن تخضغهم لتقييم اللجنة المولجة بدراسة سيرهم الذاتية.

معيار الانتماء العوني
احتجت أبي نادر على هذا التصرف، لا سيما أن أحد هؤلاء الأعضاء لم يجد حتى كتابة سيرته الذاتية باللغة الفرنسية وتضمنت أخطاء لغوية. صحيح أن المرشحَين المتبقيين لديهما كفاءة وسيرتهما الذاتية وافية، إلا أن ما أقدمت عليه إسحاق شكل لأبي نادر إهانة كبيرة. فكيف الحال وأن المرشح الثالث يفترض أن لا يمر بامتحان اللجنة، وجرى إسقاطه عليهم لأنه منتم للتيار الوطني الحر فقط لا غير.
بعد هذه الجلبة التي حصلت في الغرفة، حيث كانت تجتمع اللجنة، عادت إسحاق لمعاينة الوضع فحصل شجار بينها وبين أبي نادر. فثارت أبي نادر عليها معتبرة أن ما قامت به مرفوض ولا يمكن السكوت عنه، لأنه أسلوب معيب وغير تربوي، ويفترض ألا يحصل في لجان هدفها وضع المناهج للطلاب.
احتجت أبي نادر مبلغة باقي أعضاء اللجنة أنها ستستقيل من اللجنة إذا لم يسوَّ الوضع. وبعد تهدئة الأمور، أنهت اللجنة المقابلات مع عشرين مرشحاً المتبقين، ووضعت العلامات، باستثناء الأشخاص الثلاثة المنوه عنهم سابقاً. ورفضت أبي نادر التوقيع على المحضر وأصرت على التوقيع مع ذكر هذا التحفظ على الأسماء. وهذا ما حصل.

المركز التربوي ينفي
وأكدت أبي نادر أن مستشار وزير التربية أ. ش. أبلغها أن ما حصل غير مقبول، وأنه سيبلغ الوزير بالأمر ليصلح الوضع. وبالتالي، كتمت ما حصل إلى يوم الجمعة الفائت. فقد صدرت التعيينات لـ11 عضواً في اللجنة، يضافون إلى الأعضاء الخمسة المتبقين في اللجنة العلمية. وتبلغت اللجنة أن وزير التربية سيطلق التدريب على كتابة المادة يوم الإثنين المقبل. لذا قدمت أبي نادر في اليوم التالي استقالتها، احتجاجاً على ما حصل.
ما جرى أكد لأبي نادر أن المعيار المتبع كان الانتماء الحزبي والطائفي حصراً في اختيار المرشحين. لكن وفيما اختار حزب الله أستاذين لديهم الكفاءة والخبرة، تم اختيار الأعضاء المسيحيين وفق معيار الانتماء للتيار العوني.
“المدن” تواصلت مع رئيسة المركز هيام إسحاق التي نفت حصول هذا الأمر. وأكدت أنه يحق للمركز اختيار أشخاص مشهود لهم في الوسط العلمي وتعيينهم في لجنة كتابة المناهج. لكن واحتراماً للجنة ذهب هؤلاء الأشخاص الثلاثة وجلسوا معها.
وأضافت إسحاق أن أبي نادر كانت في اللجنة العلمية التي انتهى دورها بعد اختيار المرشحين، وفضلت عدم الاستمرار في لجنة كتابة المناهج. ونفت أن يكون التعيين قد حصل بناء على المعيار الحزبي والطائفي أو أن بعض الأشخاص اختيروا لأنهم عونيون. وشددت على أن العمل الذي قام به المركز التربوي يرفع له القبعة.
بعيداً من تأكيدات رئيسة المركز، تفيد مصادر اطلعت على كيفية تعيين اللجان، أن العديد من المرشحين أسقطوا على اللجان حزبياً. فبعد انتهاء مهلة تقديم الترشيحات، وانتهاء اللجان من تقييم السير الذاتية أسقطت أسماء من خارج المهل على اللجان.
المركز التربوي للبحوث والإنماء هو المؤتمن على التربية. مؤتمن على المناهج التي ستخرّج الأجيال. كيف بالإمكان في ظل هذه المحسوبيات أن يؤتمن على مستقبل اللبنانيين؟ هل يمكن من خلال معايير المحاصصة والحزبية والطائفية وضع مناهج للبلد؟ كيف يقبل وزير التربية بهذه التجاوزات في وزارته؟ وهل يحقق بما حصل في لجنة الفلسفة وبباقي اللجان؟