ليليان شعيتو ولارا الحايك: جريمة المرفأ كلها في جسديهما

ليليان شعيتو ولارا الحايك: جريمة المرفأ كلها في جسديهما

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
5 آب 2024

بعد أربع سنوات على إصابتها جراء تفجير مرفأ بيروت، لا تزال الشابة ليليان شعيتو تحارب لتستعيد حياتها السابقة. حين انفجرت العاصمة، ارتطم رأسها بالأرض، أصيبت بتلف الدماغ، وفقدت قدرتها على التحرك بشكل نهائيّ ودخلت في غيبوبة، وكانت تحتاج إلى “أعجوبة” للبقاء على قيد الحياة. آنذاك، أبلغ الأطباء عائلة ليليان بأن إصابتها بالغة، ومن الصعب أن تعود إلى حياتها السابقة. لكنها تابعت علاجها واستيقظت من غيبوبتها بعد ثلاث سنوات، وبدأت حالتها الصحية تتحسن، وتمكنت من الوقوف على قدميها والنطق ببعض الجمل القصيرة.

رحلة علاج طويلة
بعد انفجار بيروت، أجرت ليليان العديد من العمليات الجراحية لرأسها، وانتقلت من بيروت إلى تُركيا لمتابعة جلسات العلاج الفيزيائي الدائم، وهي بحاجة إلى رحلة علاج طويلة لتتمكن من استعادة حياتها السابقة. لكنها هذا العام، انتقلت من مركز العلاج في تُركيا إلى القاهرة، بسبب عدم تمكنها من  تجديد إقامتها، وهي اليوم تتابع علاجها في مركز للعلاج الفيزيائي في مصر. خلال السنوات الأربع، أجرت ليليان حوالى 10 عمليات جراحية، (في الرأس والرقبة والقدمين) وبات بإمكانها التنفس بشكل طبيعيّ، وكان آخرها عملية تطويل الأوتار في إحدى قدميها وإزالة التكلس، وستخضع للعملية نفسها في قدمها الثانية في الأشهر المقبلة، كما خضعت لعملية تركيب عظمة اصطناعية في رأسها.

عمليًا، تتابع ليليان جلسات مكثفة من العلاج الفيزيائي إلى جانب تدريبات متخصصة لتحسين النطق، وباتت قادرة على الجلوس بمفردها، وتناول طعامها من دون الحاجة إلى مساعدة شقيقتها، وبدأت تستعيد ذاكرتها التي تضررت نتيجة الانفجار، وهي بحاجة إلى 9 أشهر إضافية من العلاج الفيزيائي لتتمكن من التعافي بشكل كليّ.

وإلى جانب معاناتها الجسدية، تعاني ليليان من أزمة أخرى، وهي حرمانها من طفلها الصغير لأسباب غير معروفة، وبعد أن تمكنت من نطق بعض الأحرف، سألت ليليان عن طفلها البعيد عنها، ورددت كلمة “علوشي” طالبةً رؤية طفلها، لكن عائلة زوج ليليان رفضت هذا الأمر، حسب نوال شعيتو (شقيقة ليليان) في حديثها لـ”المدن”، تحت حجة “أن ليليان تشوهت ومن الممكن أن تتضاعف حالة الخوف لدى طفلها”.

تدهور حالة لارا

مأساة كارثة انفجار المرفأ لا تنتهي عند قصة ليليان شعيتو، فالشابة لارا الحايك لم تستيقظ بعد من غيبوبتها منذ تاريخ الرابع من آب. ففي مستشفى بحنّس، يُقاوم جسد لارا الضعيف، نتيجة إصابتها البليغة بالرأس التي أدت أيضًا إلى تلف الدماغ.

تروي السيدة نجوى بسام الحايك (والدة لارا) معاناة إبنتها لـ”المدن”، فتقول بأن حالة إبنتها الصحية تراجعت كثيرًا هذا العام، فالدماغ توقف بشكل كامل عن العمل، وبات جسدها شبيهًا بالهيكل العظمي نتيجة ذوبان الكتلة العضلية، أما أعضاء جسدها فتوقفت بشكل كامل أيضًا، والذي يبقي لارا على الحياة هو بعض النبضات الخفيفة من قلبها، لذلك فهي غير قادرة على الحركة، ولم تستيقظ بعد من الغيبوبة، ولا يمكنها أن تشعر بمن حولها، هي نائمة فقط بانتظار أي معجزة.

إصابة لارا كانت قوية، وكانت تتواجد داخل منزلها في الجميزة، ووقعت أرضًا، ونقلت إلى المشفى لتبدأ رحلة معاناتها. تزورها والدتها بشكل يوميّ، لم تيأس من هذه الزيارة، فتقرع باب غرفتها وتدخل، وتبدأ بالتحدث إليها، تنتظر أي إجابة منها، لكن صمت إبنتها يطغى على الغرفة. وتضيف السيدة نجوى لـ”المدن” أشتاق إليها كثيرًا، أروي لها الكثير من الأخبار بشكل يوميّ، ولكنها لا تتجاوب معي، فهي في عالم بعيد، وحالتها الصحية تزداد سوءًا”.

أربع سنوات مرّت على تفجير العاصمة بيروت بأهلها، والدولة اللبنانية لم تتمكن من تحقيق العدالة لضحايا هذا الانفجار وللمصابين، أو على الأقل تأمين تكاليف علاجهم داخل المشافي. منذ الرابع من آب ويعاني كل المصابين من صعوبة تسديد تكاليف طبابتهم. فوالدة لارا الحايك لم تحصل على أي مساعدة من الدولة اللبنانية لمعالجة إبنتها، بل لجأت العائلة إلى تسديد المبلغ الشهري بالتقسيط، أما تكاليف علاج ليليان شعيتو فمرتفعة جدًا، ولم تكن العائلة قادرة على تأمين هذا المبلغ والسفر إلى الخارج، إلا أن أحد الأشخاص الذي يتواجد خارج الأراضي اللبنانيّة تكفل بعلاجها في تركيا ومصر.

في هذا اليوم، ما نرجوه أن لا يتحول الرابع من آب إلى ذكرى سنوية، وأن تحقق العدالة ويلاحق جميع المسؤولين عن هذه الكارثة.