لا نزوح من الضاحية بل بحث عن أحياء أكثر أماناً…

لا نزوح من الضاحية بل بحث عن أحياء أكثر أماناً…

الكاتب: منال شعيا | المصدر: النهار
1 آب 2024

خمسة مبان أصيبت بأضرار كبيرة، وأربعة تعرضت لإصابات متفاوتة.
بهذه الحصيلة خرجت الهيئة العليا للاغاثة، حتى الساعة، بعد الاستهداف الإسرائيلي لمنطقة الضاحية الجنوبية.

هو الاعتداء الذي يعدّ نوعيا، منذ حرب تموز 2006، سواء من حيث استهداف شخصية قيادية بارزة في “حزب الله”، أو من حيث الإصابة المباشرة لمنطقة حارة حريك ذات الرمزية الكبيرة للحزب.

وإذا كانت إسرائيل سبق لها أن أصابت معقل الضاحية في 2 كانون الثاني الماضي، فإنها لم تضرب يومها “حزب الله” مباشرة، بل استهدفت النائب السابق لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” صالح العاروري، فيما ضربت هذه المرة الحزب في عقر داره.

هي المرة الأولى يُطال الحزب بهذا العمق، منذ عدوان تموز 2006. كل هذه المؤشرات كافية وحدها لزرع الخوف والقلق عند أبناء الضاحية الجنوبية أولا، واللبنانيين ثانيا.

فهل يشكل هذا الحدث مقدمة لحركة #نزوح ما من داخل الضاحية؟
“حتى اللحظة، لا يمكننا الحديث عن أي نزوح”.
بهذه العباة يختصر لـ”النهار” أحد المواكبين الميدانيين وضع الضاحية بعد الانفجار، إذ إن كلمة نزوح تعني، بنظره، “انتقالا جماعيا ومشتركا لعدد كبير من السكان والقاطنين، وحتى الساعة، لم تشهد الضاحية هذا النوع من الانتقال”.

وعلى صعيد شركات الإحصاء والاستطلاع، “من المبكر الحديث عن حركة نزوح من الضاحية”، وفق ما تؤكده “الدولية للمعلومات” لـ”النهار”، ولاسيما أن عملية رفع الأضرار لم تنجز بعد، وإن يكن عدد من الأهالي يفضلون الابتعاد إلى شوارع أكثر أمانا، وخصوصا من لديهم أطفال وكبار في السن.

الإغاثة والمنامة
وفق الهيئة العليا للاغاثة، نحو تسعة مبان تم إخلاؤها، خمسة منها متضررة بشكل كبير، وأربعة لحقت بها أضرار. وسريعا، أكد الأمين العام للهيئة اللواء محمد خير “أننا لن نسمح بأن يكون هناك مواطن من دون مسكن أو منامة، وبيوتنا مفتوحة”.

مبدئيا، تتابع الجهات الوزارية المعنية آليات المواكبة لأي حادث طارىء، وخصوصا أن مجلس الوزراء كلّف رسميا، خلال جلسته الطارئة، هيئة الإغاثة متابعة رصد الأضرار وأوضاع المتضررين.

في المقابل، فضلّ عدد من أبناء الضاحية وسكانها الانتقال موقتا إلى بعض المناطق السكانية المتاخمة، حيث لهم أقرباء أو أصدقاء. ولعلّها سخرية القدر أن بعض من يسكن الآن في الضاحية هم من الجنوب، وبالتالي هم لا يقصدون مناطقهم الجنوبية بفعل الاشتباكات وعدم الاستقرار هناك. فهل بتنا من حركة نزوح الى أخرى؟

وفق تقرير نشرته “المنظمة الدولية للهجرة” في 25 تموز، فإن 98 ألفاً و750 مواطنا نزحوا من الجنوب منذ بدء الحرب في 8 تشرين الأول الماضي. ومن البديهي أن عددا من هؤلاء انتقلوا إلى الضاحية التي كانت تعتبر أكثر أمانا، ولاسيما من لديهم منازل فيها. وبحسب التقرير نفسه، فإن 11 في المئة منهم انتقلوا إلى منطقة بعبدا و6 في المئة إلى بيروت.
فأي إمكانات باتت تتوافر لهؤلاء الآن؟

من المعلوم أن المبنى الأساسي الذي استهدف بثلاثة صواريخ، تضررت منه ثلاث طبقات في شكل مباشر، فيما الطبقات الأخرى لم تعد تصلح للسكن نتيجة التصدع والخوف من أي انهيار محتمل.

ووفق معلومات “النهار”، فإن المبنى مؤلف من ثماني طبقات، وتقطنه نحو 6 عائلات، وهو يدعى مبنى “الربيع”، إلى جانب المباني الأخرى المجاورة التي تضررت بدورها وأخليت أيضا.

ويأتي موقع المبنى ملاصقا لمستشفى بهمن الذي لم يسلم من بعض الأضرار المحدودة، كما أنه يقع على بعد أمتار قليلة من مركز مجلس شورى “حزب الله” ومراكز اجتماعية للحزب.

ومنذ اندلاع حرب غزة، تشكلت وحدة لإدارة الكوارث في عدد من المناطق الجنوبية، تهتم بالنازحين وإيوائهم، وهذه الوحدة باتت تشمل الآن منطقة الضاحية الجنوبية.

يعلق أحد القاطنين: “لن نخشى أي اعتداء إسرائيلي، لقد اعتدنا الصمود. الأهم أن الحزب يؤمن الجميع ولا يتركهم”.

لا شك في أن للإمكانات المالية دورا كبيرا في الانتقال السكني من منطقة إلى أخرى، ولاسيما ممن سبق لهم أن نزحوا من الجنوب إلى الضاحية، فهم غير مستعدين أو غير قادرين على عيش حركة نزوح ثانية. إلا أن بعض سكان الضاحية، وتحديدا ممن يقطنون في حارة حريك، يفضلون الابتعاد قليلا في اتجاه أحياء أو شوارع أقل تهديدا، أو حيث لا مراكز تابعة مباشرة لـ”حزب الله”، تلافيا لدائرة الاستهداف الإسرائيلي.

وقد علمت “النهار” أن عددا من الميسورين سبق أن انتقلوا، قبيل بدء موسم الصيف، من الضاحية إلى مناطق في الجبل، حيث استأجروا بيوتا للاشهر المقبلة التي قد تكون حامية.

إذا، حتى الساعة لا نزوح، بل انتقال محدود إلى أحياء أكثر أمانا نسبيا، أو التفتيش عن ملجأ قد يقيهم شر إسرائيل، ولو لليلة واحدة. إنما الخطورة في أن يبقى مسؤولون وقادة بارزون في “حزب الله” يقطنون في مبان سكنية، أو يملكون مكاتب لهم في هذه المباني، حيث تسكن عائلات بنسائها وأطفالها وشيوخها!