حصاد اليوم- إسرائيل تبدأ الحرب الشاملة في المنطقة بعمليتين نوعيّتين ومتزامنتين في الضاحية وطهران
كشّرت إسرائيل عن أنيابها بعمليتين نوعيّتين ومتزامنتين استهدفت الأولى القيادي في “حزب الله” فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما استهدفت الثانية رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية في طهران. في الرسالة المباشرة من العمليتين أكدت إسرائيل تفلّتها من أية قواعد اشتباك قديمة أو جديدة، كما دحضت في الوقت نفسه النظرية القائلة بعدم استعداد جيشها لخوض حربين في الوقت نفسه (غزة ولبنان)، رافعة سقف التحدي بوجه محور الممانعة بإعلانها الاستعداد الكامل لخوض حرب شاملة في المنطقة، بغض النظر عن موقف حلفائها في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفيما تنتظر المنطقة، ومعها العالم، رد إيران وأذرعها على العمليتين، توالت ردود الفعل المحلية والعربية والإسلامية المندّدة، وقابلها من تل أبيب موقف واحد مختصر مفاده أن إسرائيل اتخذت قرارها بتوسعة الحرب غير آبهة بالمواقف والنتائج.
العمليتان لا يمكن أن تمرّا من دون رد أكيد من إيران، فيما سيظل شكل هذا الرد وحجمه غامضًا لفترة غير قصيرة.
اتفاق على الحل
وبالتزامن مع هذه التطورات الخطيرة المتسارعة، يبقى السؤال: لماذا تستمر الحرب على الحدود الجنوبية طالما أن الحكومة اللبنانية وإسرائيل “متفقتان” على الطرح نفسه لإنهاء الحرب، وهو تنفيذ القرار 1701 بحذافيره من الجانبين؟ وفي هذه الحالة من هو الطرف المعرقل للتهدئة؟
فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي قال في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية اليوم “اننا نطالب فورا بتنفيذ القرار 1701 كاملا وبحذافيره”، ووزيرخارجية إسرائيل يسرائيل كاتس شدد على ان إسرائيل ليست مهتمة بحرب شاملة لكن الطريقة الوحيدة لمنعها هي انسحاب “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 1701.
إيران تتوعّد بالثأر
بالعودة الى العمليتين، وبعد ساعات من استهداف شكر في حارة حريك، قفز اغتيال هنية الى واجهة الأحداث. وبينما تناقضت المعلومات الايرانية والاسرائيلية حول اسلوب اغتياله في غرفته اثناء نومه، بعدما اكدت اوساط اسرائيلية انه قتل بصاروخ من غواصة وقالت اخرى انه قتل من الداخل الايراني لا من خارجه كما قال الاعلام الايراني، توعّدت ايران التي اعلنت الحداد ومعها كل اذرع الممانعة بالثأر والرد القاسي، في حين نفت الولايات المتحدة علمها بعملية الاغتيال.
العملية محدودة
واذ تردد ايضا ان انفجارات هزت اليوم منطقة السيدة زينب في سوريا لم تعرف اسبابها بعد، وبينما قالت القناة 13 الإسرائيلية إن بوارج حربية أميركية في طريقها إلى السواحل اللبنانية، اعلن وزير دفاع إسرائيل ان عملية ضاحية بيروت كانت مركزة وعالية الدقة ومحدودة.
رفع الانقاض
في الضاحية، ارتفعت حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية التي استهدفت حارة حريك مساء الثلاثاء، وفق وزارة الصحة، إلى 5 شهداء من بينهم طفلان وثلاث سيدات و74 جريحا. وفي وقت استمرت عمليات رفع الانقاض، أصدر “حزب الله” مساءً بيانًا مطوّلًا نعى فيه القيادي فؤاد شكر معددًا مآثره وتضحياته، لافتًا الى أن الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله سيلقي كلمة خلال تشييع شكر الخميس.
جلسة الحكومة
في المتابعة الرسمية للتطورات، رأس ميقاتي جلسة لمجلس الوزراء في السراي صباحا، غاب عنها وزراء “التيار الوطني الحر”. وقال ميقاتي في مستهل الجلسة: “مسؤليتنا الوطنية استدعت عقد اجتماع استثنائي للحكومة للتصدي للعدوان الإسرائيلي وادانة الاغتيال وقتل الأطفال ومواكبة التطورات الامنية التي حصلت ونقلت الوضع من حالة الاشتباك إلى وضعية الخطر المفتوح على مخاوف كبيرة، من خلال استهداف العاصمة بإعتداء إسرائيلي سقط بنتيجته ضحايا أبرياء، وكأن لبنان أضحى ساحة للحرب و القتل والدمار. ندين بقوة هذا الاعتداء على الضاحية الجنوبية لبيروت، ونرفع الصوت محذرين من تفلت الأمور نحو الأسوأ، إن بقي العدو على رعونته وجنونه الاجرامي القاتل، متسائلين عن سبب هذا التطور ومتخوفين من تفاقم الوضع ان لم تسرع الدول المعنية وكل المجتمع الدولي للجم هذا التفلت الخطير “.
اضاف “كما ندين بقوة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ونرى في هذا العمل خطرا جدياً بتوسع دائرة القلق العالمي والخطر في المنطقة”. تابع: “ندعو العالم، الشاهد على جرائم اسرائيل، الى اجبارها على وقف اطلاق النار والالتزام بالقرارات والقوانين الدولية وعلى تنفيذ القرار 1701 كاملًا وبحذافيره”.
لقاءات السراي
ايضا، عقد ميقاتي سلسلة لقاءات دبلوماسية في السراي في اطار مواكبة التطورات، حيث استقبل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا على رأس وفد ضم المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت وقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفل” الجنرال أرولدو لازارو. كما استقبل رئيس الحكومة سفير فرنسا في لبنان هيرفي ماغرو الذي أعلن بعد اللقاء: “ناقشنا المستجدات وعبرنا عن قلقنا من الأوضاع الحالية التي تتجه نحو التصعيد، ويجب التعاطي مع تداعيات ما حصل، وانتظار ما سيحصل في الساعات المقبلة”. كما استقبل رئيس الحكومة سفيرة الولايات المتحدة الاميركية ليزا جونسون، وتلقى إتصالا من وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس”الذي عبّر عن تضامن بلاده مع لبنان”، معتبرا” ان الحل السلمي كفيل وحده بتأمين الاستقرار في المنطقة”.
الحل الدبلوماسي
كما اجتمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب مع لاكروا، وبلاسخارت ولازارو، يرافقهما وفد رفيع المستوى من “اليونيفل”. وأشار بوحبيب الى أن الخيار العسكري الذي تتبعه الحكومة الاسرائيلية هدفه زج المنطقة في دوامة الحرب الشاملة التي لن تجلب سوى الدمار والخراب للجميع، مؤكداً على أن الحل الدائم وضمان الأمن في جنوب لبنان لن يكون الا من خلال السبل الدبلوماسية ووقف إطلاق النار والالتزام التام والناجز بجميع القرارات الاممية ذات الصلة، سيما مندرجات القرار 1701 الذي يبقى السبيل الوحيد لمنع المزيد من العنف والموت والخراب.
ايضا، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة لاكروا ولاسخارت ولازارو، حيث جرى عرض للمستجدات والأوضاع العامة.
كما استقبل قائد الجيش العماد جوزيف عون في مكتبه في اليرزة لاكروا ولازارو، وتناول البحث الأوضاع العامة في البلاد والتطورات عند الحدود الجنوبية.
قلق دولي
من جهتها، أعربت بلاسخارت عن قلقها البالغ إزاء القصف الذي تبنته إسرائيل والذي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت مخلفا العديد من الضحايا المدنيين. وأكدت المنسقة الخاصة مجددا أنه لا يوجد حل عسكري للوضع الراهن، ودعت كلا من إسرائيل ولبنان إلى الاستفادة من كافة السبل الدبلوماسية للسعي إلى العودة إلى وقف الأعمال العدائية وإعادة الالتزام بتنفيذ القرار 1701.