تقرير مخيف لفوج الهندسة يحذّر من”قنبلة” النفايات بطرابلس

تقرير مخيف لفوج الهندسة يحذّر من”قنبلة” النفايات بطرابلس

الكاتب: محمد علوش | المصدر: المدن
28 تموز 2024

منذ عامين تقريباً تحركت القاضية سمرندا نصار لمتابعة ملف مكب النفايات “القديم” في طرابلس، بعد تقارير عن احتمال حصول انفجار داخل المكب. وبعد مماطلة وتأخير وتمييع وتقديم دفوع وطعون، حددت القاضية نصار في حزيران الماضي موعداً لجلسة استجواب للمعنيين بالمكب، فتغيبوا عنها، وكانت النتيجة إصدار مذكرات توقيف غيابية بحق كل من أ. أ عن شركة “باتكو” المتعهدة معالجة نفايات المكب، أ. ق. د عن اتحاد بلديات طرابلس السابق، ومجلس الانماء والإعمار، وأيضاً ر.ب.م عن شركة AMB، فماذا في التفاصيل؟

قصة المكب
من 25 متراً كان يُفترض أن يكون الارتفاع الأقصى لمكب النفايات القديم في طرابلس، الى 45 متراً الارتفاع الحالي للمكب، ومن دفتر شروط كان يُفترض بالشركة المتعهدة تكديس النفايات فيه “باتكو”، الى تنفيذ لم يراع القوانين ودفتر الشروط ومتطلبات البيئة والسلامة العامة.

هكذا بدأت قصة المكب الذي ينفصل الحديث عنه الى شقين اثنين، الشق الأول يتعلق بالأمن وسلامة محيط المكب، والشق الثاني يتعلق بهدر المال العام.

أخطر من مرفأ بيروت
تقول مصادر متابعة للملف لـ “المدن” الى أن وضع المكب غير مستقر إطلاقاً، إذ تسبب تكديس النفايات بطريقة عشوائية بارتفاع نسبة خطر انفجار غاز الميثان الناتج عن النفايات، لأن القيمين عليه لم يطبقوا معايير السلامة خلال عملهم ولم يقوموا بتنفيس الغاز كما ينبغي، فعلى سبيل المثال طلب القضاء من الشركة منذ عامين، بعد حصول حريق في المكب استمر لأيام، تنفيس الغاز في المكب، فقامت الشركة بشراء قسطلين من البلاستيك، و”شكّتهم” على رأس المكب، واعتبروا أن المهمة قد انتهت بنجاح.

هذا الخطر الذي تتحدث عنه المصادر قد يفوق بنتيجته ما حصل في مرفأ بيروت، لأن المكب القديم يتوسط مرفأ طرابلس وشركة “أبيك” التي تمتلك خزانات فيول وغاز. وتكشف المصادر أن القاضية نصار خلال بدء عملها على هذا الملف طلبت من قيادة الجيش اللبناني القيام بكشف حول الخطر الأمني لانفجار المكب، الذي قد ينتج إما عن حريق، وإما عن عمل تخريبي مقصود، فقام فوج الهندسة بإعداد تقرير خطير للغاية إذ تبين أن انفجار كل 60 متر مكعب من الغاز المضغوط يوازي 500 كيلوغراماً من مادة “TNT” شديدة الانفجار.

تؤكد المصادر أن المجلس الاعلى للدفاع قد تبلغ بنتيجة هذا التقرير، كما عُرض عليه فيديو مصور قامت طائرة مسيرة بتصويره فوق المكب لإظهار حجمه وخطره، كما تبلغت بالأمر اجهزة قضائية، ووزارة الأشغال العامة والنقل، ولكن حتى اليوم لم يُصار الى معالجة المكب، بل انتقلت الشركة الى انشاء مكب جديد قرب القديم، وبنفس طريقة وآلية العمل.

هدر المال العام
أما الشق الثاني من الملف فيتعلق بهدر المال العام، وهو ما قامت القاضية نصار بإضافته الى لائحة الادعاء على المدعى عليهم، لأن قيام المتعهدين بتنفيذ مشروع بشكل يتعارض مع دفتر الشروط الذي وُضعت الأسعار على أساسه يعني أن الأرباح التي يتم تحصيلها أكبر بكثير من التي يُفترض الحصول عليها، وبالتالي نكون أمام حالات هدر للمال العام وإثراء غير مشروع.

فعلى سبيل المثال تكشف المصادر أن هبة من الإتحاد الاوروبي وصلت الى طرابلس لإنشاء معمل لفرز النفايات، فخُلقت شركة “AMB” وقامت بالحصول على المال لإنشاء المعمل المذكور. بنت الشركة هنغاراً وماكينات للفرز، وبدأت عملية التسبيخ من دون وجود فلاتر الهواء المجهزة لمنع الرائحة الكريهة، فملأت الرائحة طرابلس، وطُلب وقف العمل بالمعمل المذكور، وعند الكشف على الهنغار تبين أن تكلفته مع المعدات بأفضل الاحوال لا تزيد عن 300 أو 400 ألف دولار، فأين الأموال التي دُفعت لهذا المشروع؟ هذا ما يسعى القضاء لمعرفته من خلال الإدعاء بهدر المال العام.

تجاوب رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسر مع طلبات القضاء، وهو اليوم يجهّز ما تم تكليفه به من إعداد تقرير كامل بتاريخ المكب منذ نشأته حتى اليوم، كم دُفع من المال، وعلى أساس أي دفتر شروط، علماً أن بحوزة القضاء مستند يكشف قيام وزير المال السابق جهاد أزعور بدفع مبلغ مليون و200 ألف دولار في عام واحد لشركة “باتكو” كبدل أتعاب على تكديس النفايات.

بحال انفجر مكب طرابلس، لا يجوز لأحد التذرع بأنه لم يكن يعلم، فالكل يعلم. وفي حال استمر العمل في المكب الجديد بالطريقة نفسها فسنكون بعد 10 أعوام أمام خطر انفجار مكبين بدل المكب الواحد.