رادار- الفن للفن.. في السياسة اللبنانية
هل ما زال أحد في لبنان والعالم يصدق أن أزمة استمرار الشغور الرئاسي سببها اختلاف “قوى الممانعة” وقوى المعارضة حول ما إذا كان الحوار يسبق الانتخاب أو الانتخاب يسبق الحوار، أو حول ما إذا كان الرئيس نبيه بري أو غيره من يجب أن يرأس طاولة الحوار؟؟
إذا صح ذلك، تكون الأزمة مستعصية على الحل لأنها تدخل حينها في جدلية تاريخية لم تجد لها حلًا الى اليوم: هل البيضة وُجدت قبل الدجاجة، أم الدجاجة قبل البيضة؟
وبالرغم من اتفاق الجميع على أن “بيضنا ممودر”، لا يكاد يمضي أسبوع إلا وتفقّس إحدى الشخصيات أو الكتل النيابية مبادرة رئاسية جديدة تلفظ أنفاسها حتى قبل أن تخرج من غشائها.. بدءًا بمبادرة النائب غسان سكاف، والنائب الياس ابو صعب، مرورًا بمبادرات كتلة “الاعتدال الوطني” ثم “اللقاء الديمقراطي” وبعدها تكتل “لبنان القوي”، وصولًا الى مبادرة قوى المعارضة التي أردتها “الممانعة” في مهدها. هذا من دون أن ننسى المبادرات المفقسة في الخارج من المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان واللجنة الخماسية والمحاولات القطرية المنفردة..
ما يحدث يذكرنا بنظرية لم تكن مفهومة كثيرًا حتى تم إسقاطها على الواقع اللبناني: إنها نظرية الفن للفن، بمعنى ألا يهدف عمل فني ما الى التسويق والانتشار والربح المادي، بل إنه يهدف فقط الى إرضاء الفنان عن ثمرة جهوده غير المفهومة من أحد.
إنه بالضبط ما يحصل عندنا، في انتظار أن يرنّ جرس الهاتف من رقم دولي لدى المرجعيات الأساسية، حتى يتسابق الجميع الى البرلمان لانتخاب الرئيس العتيد والمحدّد سلفًا.. وعلى من يمتنع عن الركوب في القطار أن يتحمّل مسؤولية قراره.
هذا ما حدث سابقًا وفي أكثر أزمة، وهو ما سيحصل بالتأكيد غدًا أو ربما بعده أكيد.