خاص – إلى متى تضمن واشنطن عدم التصعيد جنوباً؟
تتبع قواعد الاشتباك بين إسرائيل و”حزب الله” سلّماً متحرّكاً، بحيث ترتفع معايير القتال تدريجاً، ولكن من دون الخروج عن نقطة اللّاعودة حتى الآن. فقد شهد ليل الثلاثاء تصعيداً نوعيّاً، تمثل في اغتيال إسرائيل للقيادي في الحزب طالب سامي عبد الله (الحاج أبو طالب). وردّ الحزب بإطلاق كثيف للصواريخ، طال أهدافاً جديدة من نوعها. وعلى رغم هذا التصعيد غير المسبوق، فإنّ الأمور ما زالت مضبوطة ما دون خطّ الحرب الكبرى.
لا يجد كلّ من الحزب وإسرائيل مصلحة حتّى الآن في تفجير الأوضاع في شكل واسع على جبهة لبنان. فبنيامين نتنياهو يريد التركيز على جبهة غزّة، حيث تُمارس عليه الضغوط المختلفة للقبول بوقف للنار. لكنّه يعمل على مسار آخر، يهدف من خلاله إلى تطويل أمد الحرب، من أجل تحصيل ما يمكنه من مكاسب تتعلّق بشكل الحكم المستقبلي في القطاع، وبالانتخابات الأميركية التي يأمل أن تخلّصه من الرئيس جو بايدن، إضافة إلى معطيات ذات صلة بمستقبله السياسي شخصياً.
أمّا “حزب الله” فيعمل بدوره بتعليمات إيران التي شدّدت على وجوب إبقاء التصعيد تحت السيطرة، مع الاستمرار في عمليات المشاغلة المدروسة. وكان علي باقري كني، الذي يتولّى مهام وزارة الخارجية بعد مقتل الوزير حسين أمير عبد اللهيان في حادث الطائرة مع الرئيس ابراهيم رئيسي، قد شدّد على هذا الأمر خلال زيارته الأخيرة لبيروت ولقائه الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
ولا تزال واشنطن حتّى الآن تمارس أقصى درجات الضغوط على إسرائيل، وتبعث الرسائل إلى الحزب بوجوب عدم التصعيد. وليست مهمّة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قام بزيارته الثامنة للمنطقة، محصورة بالعمل على التوصل إلى هدنة في غزّة. ولكن محادثاته في كلّ من إسرائيل ومصر والأردن وقطر شدّدت على أهمية الحفاظ على مستوى منخفض من التوتر على جبهة لبنان. وهو يعتبر أنّ التوصّل إلى هدنة أو وقف للنار في القطاع سينعكس ايجاباً على الوضع العسكري بين لبنان وإسرائيل.
وتقول مصادر مطّلعة في العاصمة الأميركية إنّ نتنياهو، وعلى رغم تصريحاته العالية السقف، يؤيّد المسار الذي تريده الإدارة الأميركية وتعمل عليه فرنسا، أي عدم شنّ حرب واسعة على لبنان. كما أنّ وزير الدفاع يوآف غالانت يفضّل السير في وجهة النظر هذه. فهو لطالما شجّع الحلّ السياسي مع لبنان. إذ إنّه يعتبر أنّ الوصول إلى الهدف عبر التسوية هو أفضل من الوصول إليه عبر الحرب. وتفضّل الحكومة الإسرائيلية التوصل إلى اتفاق مع لبنان، يحفظ أمن المناطق الشمالية ويعيد السكّان إلى بيوتهم، على غرار الاتفاق الذي جرى بعد حرب 2006، والذي تجسّد عبر القرار 1701.
وحاول الموفد الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين “إغراء” الجانبين بفائدة الاتفاق الذي يسوّقه منذ أشهر عدّة. وقد أبدى كلّ من إسرائيل والحزب تجاوباً مع المبدأ. ولكن استمرار الحرب في غزّة يمنع حتى الآن الدخول في مفاوضات حول هذا الموضوع.
في الموازاة، ينقل الإعلام الإسرائيلي أجواء مختلفة بين أوساط سكان الشمال، الذين باتت غالبية منهم تؤيّد حرباً على لبنان لإضعاف الحزب، حسب اعتقادهم. فهم خارج بيوتهم منذ فترة طويلة، كما أنّ الكثير من الأعمال التجارية توقفّت. ويعتبر هؤلاء السكان أن مجرّد اتفاق مع الحزب لن يكون كافياً لضمان الأمن. ويشيرون إلى أنّ القرار 1701 لم يكن كافياً لرد المخاطر. إذ عمد “حزب الله” في السنوات الأخيرة إلى تدعيم ترسانته من الأسلحة، من دون أن تتمكّن إسرائيل من منع ذلك. كما أقام مثلا أبراج مراقبة، ونشر قوة الرضوان قريباً من الحدود. وها هو يُدخل المسيّرات المفخّخة والصواريخ الموجّهة في المعركة الحالية ويهدّد بأسلحة أكثر فتكاً.
كما تنقل الصحافة العبريّة أنّ العديد من ضباط الجيش الإسرائيلي يؤيّدون الدخول في حرب مع الحزب، إذ يعتبرون انه الوقت المناسب لذلك، على أساس أنّ الحزب لا ينتشر في شكل دفاعي على الحدود وقد خسر مواقعه الأمامية، حسب التقديرات العسكرية الإسرائيلية. ويرى هؤلاء الضباط أن عدم توجيه ضربة قاصمة للحزب، يعني أنّه سيعيد بعد سنوات بناء قوّته، وسيبقى يشكّل تهديداً، تماماً كما كان عليه الأمر بعد حرب تموز.
ثمّة من يرى أن الوضع في لبنان يسير على خطّ رفيع بين الانفجار أو التسوية. فهناك معطيات دولية طرأت على المشهد، بعد تقدم اليمين في أوروبا وفي فرنسا تحديداً، التي أعلن رئيسها عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة بعد حلّ البرلمان. ومع حكم اليمين، فإنّ التوجهات الفرنسية إزاء لبنان ستختلف كثيرا. وعندها قد لا يبقى شيء من مبادرة لودريان، ولن يبقى لودريان نفسه في مكانه. ويضاف إلى ذلك المشهد الاميركي الذي يتغيّر كثيراً أيضا إذا ما وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
تتبع قواعد الاشتباك بين إسرائيل و”حزب الله” سلّماً متحرّكاً، بحيث ترتفع معايير القتال تدريجاً، ولكن من دون الخروج عن نقطة اللّاعودة حتى الآن. فقد شهد ليل الثلاثاء تصعيداً نوعيّاً، تمثل في اغتيال إسرائيل للقيادي في الحزب طالب سامي عبد الله (الحاج أبو طالب). وردّ الحزب بإطلاق كثيف للصواريخ، طال أهدافاً جديدة من نوعها. وعلى رغم هذا التصعيد غير المسبوق، فإنّ الأمور ما زالت مضبوطة ما دون خطّ الحرب الكبرى.
لا يجد كلّ من الحزب وإسرائيل مصلحة حتّى الآن في تفجير الأوضاع في شكل واسع على جبهة لبنان. فبنيامين نتنياهو يريد التركيز على جبهة غزّة، حيث تُمارس عليه الضغوط المختلفة للقبول بوقف للنار. لكنّه يعمل على مسار آخر، يهدف من خلاله إلى تطويل أمد الحرب، من أجل تحصيل ما يمكنه من مكاسب تتعلّق بشكل الحكم المستقبلي في القطاع، وبالانتخابات الأميركية التي يأمل أن تخلّصه من الرئيس جو بايدن، إضافة إلى معطيات ذات صلة بمستقبله السياسي شخصياً.
أمّا “حزب الله” فيعمل بدوره بتعليمات إيران التي شدّدت على وجوب إبقاء التصعيد تحت السيطرة، مع الاستمرار في عمليات المشاغلة المدروسة. وكان علي باقري كني، الذي يتولّى مهام وزارة الخارجية بعد مقتل الوزير حسين أمير عبد اللهيان في حادث الطائرة مع الرئيس ابراهيم رئيسي، قد شدّد على هذا الأمر خلال زيارته الأخيرة لبيروت ولقائه الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
ولا تزال واشنطن حتّى الآن تمارس أقصى درجات الضغوط على إسرائيل، وتبعث الرسائل إلى الحزب بوجوب عدم التصعيد. وليست مهمّة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي قام بزيارته الثامنة للمنطقة، محصورة بالعمل على التوصل إلى هدنة في غزّة. ولكن محادثاته في كلّ من إسرائيل ومصر والأردن وقطر شدّدت على أهمية الحفاظ على مستوى منخفض من التوتر على جبهة لبنان. وهو يعتبر أنّ التوصّل إلى هدنة أو وقف للنار في القطاع سينعكس ايجاباً على الوضع العسكري بين لبنان وإسرائيل.
وتقول مصادر مطّلعة في العاصمة الأميركية إنّ نتنياهو، وعلى رغم تصريحاته العالية السقف، يؤيّد المسار الذي تريده الإدارة الأميركية وتعمل عليه فرنسا، أي عدم شنّ حرب واسعة على لبنان. كما أنّ وزير الدفاع يوآف غالانت يفضّل السير في وجهة النظر هذه. فهو لطالما شجّع الحلّ السياسي مع لبنان. إذ إنّه يعتبر أنّ الوصول إلى الهدف عبر التسوية هو أفضل من الوصول إليه عبر الحرب. وتفضّل الحكومة الإسرائيلية التوصل إلى اتفاق مع لبنان، يحفظ أمن المناطق الشمالية ويعيد السكّان إلى بيوتهم، على غرار الاتفاق الذي جرى بعد حرب 2006، والذي تجسّد عبر القرار 1701.
وحاول الموفد الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين “إغراء” الجانبين بفائدة الاتفاق الذي يسوّقه منذ أشهر عدّة. وقد أبدى كلّ من إسرائيل والحزب تجاوباً مع المبدأ. ولكن استمرار الحرب في غزّة يمنع حتى الآن الدخول في مفاوضات حول هذا الموضوع.
في الموازاة، ينقل الإعلام الإسرائيلي أجواء مختلفة بين أوساط سكان الشمال، الذين باتت غالبية منهم تؤيّد حرباً على لبنان لإضعاف الحزب، حسب اعتقادهم. فهم خارج بيوتهم منذ فترة طويلة، كما أنّ الكثير من الأعمال التجارية توقفّت. ويعتبر هؤلاء السكان أن مجرّد اتفاق مع الحزب لن يكون كافياً لضمان الأمن. ويشيرون إلى أنّ القرار 1701 لم يكن كافياً لرد المخاطر. إذ عمد “حزب الله” في السنوات الأخيرة إلى تدعيم ترسانته من الأسلحة، من دون أن تتمكّن إسرائيل من منع ذلك. كما أقام مثلا أبراج مراقبة، ونشر قوة الرضوان قريباً من الحدود. وها هو يُدخل المسيّرات المفخّخة والصواريخ الموجّهة في المعركة الحالية ويهدّد بأسلحة أكثر فتكاً.
كما تنقل الصحافة العبريّة أنّ العديد من ضباط الجيش الإسرائيلي يؤيّدون الدخول في حرب مع الحزب، إذ يعتبرون انه الوقت المناسب لذلك، على أساس أنّ الحزب لا ينتشر في شكل دفاعي على الحدود وقد خسر مواقعه الأمامية، حسب التقديرات العسكرية الإسرائيلية. ويرى هؤلاء الضباط أن عدم توجيه ضربة قاصمة للحزب، يعني أنّه سيعيد بعد سنوات بناء قوّته، وسيبقى يشكّل تهديداً، تماماً كما كان عليه الأمر بعد حرب تموز.
ثمّة من يرى أن الوضع في لبنان يسير على خطّ رفيع بين الانفجار أو التسوية. فهناك معطيات دولية طرأت على المشهد، بعد تقدم اليمين في أوروبا وفي فرنسا تحديداً، التي أعلن رئيسها عن إجراء انتخابات نيابية مبكرة بعد حلّ البرلمان. ومع حكم اليمين، فإنّ التوجهات الفرنسية إزاء لبنان ستختلف كثيرا. وعندها قد لا يبقى شيء من مبادرة لودريان، ولن يبقى لودريان نفسه في مكانه. ويضاف إلى ذلك المشهد الاميركي الذي يتغيّر كثيراً أيضا إذا ما وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.