خاص – ماكرون يطلب من بايدن تسوية لبنانية في عهده
توقفت أوساط ديبلوماسية باهتمام عند إشارة أظهرها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال إلقائه الكلمة أمام الرئيس الأميركي جو بايدن في النورماندي. فهو عندما تطرق إلى الوضع اللبناني تحديداً، استدار صوب بايدن وخاطبه في شكل مباشر، طالباً منه الدعم لإيجاد حل في لبنان ومنع االتصعيد في الجنوب.
وقد عبر ماكرون بذلك عن الخصوصية التي تربط الفرنسيين بلبنان واهتمامهم بحمايته كدولة وكيان. فباريس هي أكثر دول اللجنة الخماسية إصراراً على تحقيق تسوية للأزمة التي يتخبط فيها لبنان حالياً، سواء في ما يتعلق بالحرب الدائرة على الحدود الجنوبية أو على مستوى الأزمة السياسية الداخلية وايجاد حل للملف الرئاسي. وهذا ما يفسر الزيارة التي قام بها أخيراً وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لبيروت، على رغم إعلان الخماسية “استسلامها” عمليا. وقد أرفق الزيارة بتحذيرات من مغبة “زوال لبنان السياسي”.
ربما يكون مبكراً الكشف عما طرحه ماكرون على نظيره الأميركي في ما يتعلق بحل الأزمة في لبنان. ولكن ما رشح هو أن فرنسا طلبت أن تضطلع إدارة بايدن بدور أستثنائي وعاجل لفك ارتباط الأزمة اللبنانية عن مآزق الشرق الأوسط، لئلا يذهب لبنان الضعيف ضحية الصراعات الإقليمية. واستغل الرئيس الفرنسي مناخات التوافق السائدة بينه وبين بايدن للإلحاح على تحقيق هذا الطلب قبل انتهاء ولاية الرئيس الاميركي في كانون الثاني المقبل، بل قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني.
فماكرون يستذكر أنه عانى الأمرين في التعاطي مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في العديد من الملفات الدولية، وبينها الأزمة اللبنانية. فسياسة ترامب جعلت لبنان ضحية لصراع لا يستطيع تحمله بين الولايات المتحدة وإيران. وفي اللجنة الثلاثية التي ضمت حينذاك الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، كان الفرنسيون موضع انتقاد ترامب المستمر، الذي كان يتهمهم بالتراخي في الضغط على “حزب الله” و”الميوعة” في مقاربة الأزمة اللبنانية.
ووفق بعض المعلومات، ستكثف فرنسا جهودها لتحريك الملف اللبناني خلال الصيف المقبل لغايتين: الأولى منع تحوّل المواجهات في الجنوب حرباً شاملة، والثانية إيجاد تسوية سياسية داخلية. وفي الدرجة الأولى، ستكون هناك محاولات جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية وقيام حكومة فاعلة، قبل الانتخابات الأميركية أو في موازاتها على الأقل، على رغم أن هناك مصاعب كثيرة تحول دون تحقيق هذا الهدف.
وتقول المعلومات أيضا ان ماكرون تطرق الى الوضع الاقتصادي في لبنان، والذي يشكل احد اهم اسباب انهيار الدولة، ما لم يتم العمل على الخروج منه.
أما المشكلة الأساسية اليوم التي تهدد بزوال لبنان السياسي، فهي وجود الاعداد الكبيرة من النازحين السوريين على أرضه. وعلى رغم الموقف الاوروبي الرافض لهجرة النازحين الى اوروبا، تعتبر باريس ان لا أحد يطلب من لبنان استيعاب النازحين السوريين في مجتمعه، ما سيغير الديموغرافيا والهوية فيه. وفرنسا هي التي أنشأت حدود لبنان الحالية، ورعت ولادة صيغة العيش التقليدية القائمة بين المواطنين. ولذلك، هي لا يمكن أن تفرط بهذه الخصوصية بسبب توطين أعداد كبيرة من النازحين السوريين.
وفي تقدير الفرنسيين أن ما يجب أن يقوم به لبنان لا يتجاوز الاستيعاب الاضطراري المرحلي للنازحين. ومن مساوئ القدر أن دول الجوار السوري مضطرة لتحمل هذه الأزمة موقتاً. وبعد زوال المبررات في سوريا، سيكون النازحون قادرين على عبور الحدود عكسياً والعودة إلى ديارهم. وأما إذا كانوا في أوروبا فإن عودتهم ستكون متعذرة. وحينذاك يصبح توطينهم خارج بلادهم أمراً وارداً.