حصاد اليوم- الاتحاد الأوروبي يشتري بمليار يورو راحة باله من النازحين 3 سنوات قابلة للتمديد
“كل ما يُشترى بالمال رخيص”. انطلاقًا من هذا المبدأ حلّ الاتحاد الأوروبي مشكلته مع المنظومة الحاكمة في لبنان بمليار يورو يُقسّط على ثلاث سنوات، فاشترى راحة باله لثلاث سنوات كاملة قابلة للتمديد على الطريقة اللبنانية، وضمن بقاء النازحين السوريين في لبنان سالمين غانمين، مع تأكيده على عودتهم الآمنة والطوعية الى بلادهم، ما قد يعني ربما عدم عودتهم على الإطلاق. وللتأكيد على تنفيذ “الصفقة”، قرّر الاتحاد الأوروبي أيضًا دعم الجيش والقوى الأمنية، ليس لحماية الحدود الجنوبية من أي اعتداء إسرائيلي طبعًا، ولا لإقفال المعابر غير الشرعية على الحدود الشرقية والشمالية، بل لضمان حفظ الأمن في الداخل منعًا لأي اضطرابات قد تنتج عن أزمة النزوح من جهة، ولإقفال البحر بإحكام أمام هجرة النازحين السوريين بصورة غير شرعية الى الدول الأوروبية من جهة ثانية.
إنه الفساد الرسمي يتجلّى مجددًا بأبهى صوره. فبعدما دمّرت المنظومة الدولة بجميع مؤسساتها وتركت البلاد في حالة من الفراغ في معظم المراكز الرئيسية بدءًا برئاسة الجمهورية، ها هي اليوم “تبيع” السيادة الوطنية بحفنة من اليورو تؤمّن لها استمراريتها في الحكم، لتعود وتتحدث في اليوم التالي عن إنجازات حققتها في مفاوضاتها مع الأوروبيين. فبدلًا من ممارسة الضغوط الحقيقية على المجتمع الدولي لإعادة النازحين الى سوريا أو توزيعهم على البلدان العربية والأوروبية، صبّت هذه السلطة، التي حولت لبنان الى بلد متسوّل بين الأمم، اهتمامها على رفع قيمة المبلغ الذي تتقاضاه مقابل تنازلها عن سيادتها على أرضها، وهو ما سيكون بالتأكيد السبب المباشر لفتنة إن لم يكن لحرب جديدة في لبنان في مدى لن يكون بعيدًا.
يوم النزوح
فقبل ان تدخل البلاد مجددا في مدار عطلة عيد الفصح لدى الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي وتفرض ايقاعها على الحركة السياسية، تصدر ملف النزوح السوري واجهة الاهتمام اليوم حتى انه استفرد بالنشاط الرسمي من خلال زيارة رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضية الاوروبية أورسولا فون دير لاين، التي انتهت الى حزمة مساعدات مالية للبنان بقيمة مليار يورو للفترة الممتدة من السنة الجارية وحتى العام 2027 لدعم الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة للبنانيين، ومواكبة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمصرفية الملحة، اضافة الى تقديم الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى.
الاعتراف بالمناطق الآمنة
البداية كانت من السراي حيث عرض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع الرئيس القبرصي نيكوس ورئيسة المفوضية الاوروبية، لملف النزوح السوري مطولا. وأعرب ميقاتي بعد الاجتماع عن رفضه ان “يتحوّل وطننا الى وطن بديل وندعو اصدقاءنا في الاتحاد الأوروبي الى الحفاظ على قيمة لبنان والمضي في حل هذا الملف جذريا وباسرع وقت، انطلاقا من المعرفة المتبادلة بيننا وبين الاتحاد الاوروبي ودول العالم بأن مدخل الحل سياسي بامتياز”. ورأى ميقاتي أنه “انطلاقا من واقع سوريا حاليا، ان المطلوب كمرحلة اولى الاقرار اوروبيا ودوليا بأن اغلب المناطق السورية بات آمنا ما يسهل عملية اعادة النازحين”. وفي هذه المناسبة، جدد ميقاتي “مطالبة الاتحاد الاوروبي بدعم النازحين في بلادهم لتشجيعهم على العودة الطوعية ما يضمن لهم عيشا كريما في وطنهم. واذا كنا نشدد على هذه المسألة فمن منطلق تحذيرنا من تحوّل لبنان بلد عبور من سوريا الى اوروبا، وما الاشكالات التي تحصل على الحدود القبرصية الا عينة مما قد يحصل اذا لم تعالج هذه المسالة بشكل جذري”.
اعادة توطين في اوروبا
من جانبها، أعلنت فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم لبنان، لافتة إلى أنه سيعلن عن حزمة مساعدات بقيمة مليار يورو بدءا من هذا العام وحتى 2027. وأضافت خلال مؤتمر صحافي في السرايا: “نريد أن نساهم في الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في لبنان من خلال تعزيز الخدمات الأساسية مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة”، مشيرة إلى أن “أمن لبنان وإسرائيل على المحك لذلك ندعو إلى تنفيذ القرار 1701”. وقالت: سندعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى والبرنامج سيركّز على توفير المعدّات والتدريب الضروري لإدارة الحدود. تابعت “نعوّل على حسن تعاون لبنان لمكافحة تهريب المهاجرين ونتفهّم التحديات التي تواجهها البلاد”. واشارت الى ان “لمساعدتكم في إدارة الهجرة، نحن ملتزمون إبقاء المسارات القانونية مفتوحة إلى أوروبا، وإعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي. في الوقت نفسه، نعوِّل على حُسن تعاونكم لمنع الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المهاجرين”.
الوضع ليس مقبولا
من جهته، أعلن الرئيس القبرصي عن رزمة دعم شاملة للبنان وهي تشمل مساعدة لبرامج دعم متعددة ولدعم مكافحة التهريب وحماية الحدود. وقال: “قبرص تتفهم بشكل عميق المشاكل والتحديات التي يواجهها لبنان والأزمة طويلة الأمد في سوريا قد ضخّمت العواقب السلبية على لبنان وشعبه”. وأضاف: “الاتحاد الأوروبي يقول عبر هذه الزيارة إنه سيستمر في التواجد إلى جانب لبنان، ونحن نقوم بخطوة مهمة لجعل لبنان أقوى”. وأضاف: “ندرك الضغوطات الكبيرة جراء النزوح السوري في لبنان والوضع الحالي ليس مقبولاً للبنان وقبرص والاتحاد الأوروبي”.
بري يلمس جدية
بعدها توجه الوفدان الزائران الى عين التينة حيث استقبلهم رئيس مجلس النواب نبيه بري وقال بعد اللقاء: “هذه أكثر مرّة نلمس فيها جدية في موضوع النازحين السوريين”.
هدوء على الحدود
على صعيد آخر، وبينما حكي عن موافقة اسرائيلية على تسوية حدودية تقوم على تراجع “حزب الله” 10 كيلومترات عن الحدود الجنوبية وعن اقتراح باريس استضافة محادثات غير مباشرة بين الحزب وتل ابيب، شهدت المنطقة الجنوبية اليوم هدوءا لافتا. ولم تسجل سوى غارة شنها الطيران الحربي الاسرائيلي استهدفت منزلا قيد الانشاء في بلدة مركبا قضاء مرجعيون.
طعن بالتمديد للبلديات
وبالعودة الى الملفات الداخلية، تقدّم تكتّل “الجمهورية القوية” باستدعاء أمام المجلس الدستوري طعناً بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية. وبعد تقديم الطعن، أكّد النائب جورج عقيص انه “كلما ستُمعن السلطة في ضرب المؤسسات والانتخابات سنكون لها بالمرصاد من خلال الطعون القانونية”. وقال “الظرف في الجنوب غير مؤاتٍ لإجراء الانتخابات لكن كان بإمكان الحكومة إجراء الانتخابات في كل المناطق مع إرجائها مؤقتاً في تلك التي تواجه مشاكل أمنية”. وتمنّى تنفيذ وقف هذا القانون سريعاً، معتبرًا اياه جريمة بحق الديمقراطية.
البخاري في معراب
الى ذلك، التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في معراب، سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري. وتم البحث في الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعة ونصف الساعة في التطوّرات السياسية على الصعيدين اللبناني والاقليمي، ولا سيما الملف الرئاسي واجتماعات اللجنة الخماسية، فضلا عن أهمية تطبيق القرار الدولي 1701 وضبط الحدود، ناهيك عن المستجدات في الجنوب اللبناني. وقدم السفير البخاري لـجعجع عباءة سعودية مطرّزة.