الامتحانات رهن إرادة برّي و”تسويات” الحلبي: الجنوب هو المعيار
في التفاصيل، منذ مدة يتواصل مدراء من الجنوب مع المكتب التربوي في حركة أمل لوقف المسار الذي قررته وزارة التربية حول الامتحانات، لناحية إجراء الامتحان الوطني للبروفيه ولناحية عزل الجنوب عن باقي لبنان، وتحديد امتحان رسمي للشهادة الثانوية خاص به، نظراً لوجود أكثر من سبعين مدرسة خاصة ورسمية مقفلة منذ بداية العام. لكن بعد التسريبات التي صدرت عن المدير العام حول موعد الامتحانات في 8 حزيران وتخصيص منطقة الجنوب بامتحان مختلف، وصدور تقليصات المناهج، بدأ المدراء بتكثيف المشاورات لعقد مؤتمر تربوي ورفع توصيات لإجراء امتحان للثانوية العامة موحد في كل لبنان، يكون العام الدراسي الفائت أساساً له. لكن المدير العام استبق هذه الخطوة وأقدم على إصدار مذكرة الامتحانات تشمل كل المواد، ومن دون مراعاة طلاب الجنوب. فشعر التربويون في “أمل” بأن المدير العام، الذي لم يكن ليكلَّف بمنصبه من دون مباركة “أمل”، طعنهم بالظهر. هذا ما يبدو من خلال الانتقادات التي توجه للأشقر في كواليس التربويين في “أمل”. ويبدو أن الجفاء الحالي لن يكون مجرد “غيمة صيف” المعتادة في حال الإصرار على ما يسمى الامتحان الوطني للبروفيه.
تكليف شركة خاصة
ومن الانتقادات أن إصرار الأشقر على الامتحان الوطني، مرده إلى وجود صفقة تتعلق بكيفية إجراء الامتحان على المستوى التقني. أي أن المسألة ربما تتعلق بتكليف “لجنة التخطيط والتطوير” (تتبع مكتب المدير العام مباشرة) شركة معلوماتية خاصة لإنشاء نظام إلكتروني لهذا الامتحان. من مهمتها تسجيل الطلاب وإعداد اللوائح الإسمية وتوزيع المسابقات إلكترونياً على المدارس، ولاحقاً تسجيل العلامات التي يحصل عليها الطلاب. فهكذا امتحان لم يجرب من قبل ولا يوجد فيه خبرة بعد، ويحتاج إلى وقت طويل من الاستعداد التقني لناحية توزيع المسابقات الكترونياً وتسجيل علامات الطلاب. وإلى حد الساعة لم يطلب الأشقر من وحدة المعلوماتية في الوزارة إجراء أي استعداد تقني للامتحان.
وتضيف المصادر، صحيح أن إحدى الذرائع لتبرير إجراء الامتحان، التي قيلت في الكواليس منذ أيام، هي رفض نقابة المعلمين إلغاء إجرائه لعدم قطع أرزاق الموظفين والأساتذة في لجان الامتحانات، إلا أن الحقيقة هي وجود منافع شخصية للمطالبين به. غير ذلك لا يمكن إجراء هذا الامتحان تقنياً في الأساس، وتكون كل القصص المفتعلة حوله مجرد تسميم الأجواء وخلق بلبلة.
تسييس الامتحان وتطييفه
ووفق المصادر، تربوياً، أكد أكثر من نائب، تواصل مع مدراء مدارس رسمية ومع إدارات مدارس خاصة، للوزير الحلبي، حججاً كثيرة لعدم جدوى الامتحان. ويوم الإثنين المقبل ستناقش لجنة التربية الوضع التربوي مع الحلبي لتأكيد المؤكد: لا جدوى من الامتحان الوطني، لأنه سيكون امتحاناً لنزاهة المدرسة لا للمعارف المكتسبة للطلاب. ما يعني أن إصرار البعض في وزارة التربية على الامتحان الوطني هو لغاية نفعية فقط لا غير. فهل الظروف الحالية التي يعيشها البلد تعطي هذا البعض رفاهية التجريب بالطلاب؟ تسأل المصادر.
وتعتبر المصادر أن البيانات والمواقف التي صدرت عن بعض مكونات اتحاد المدارس الخاصة ونقابة المعلمين في المدارس الخاصة، أتت لتصب الزيت على النار. فالمنطلقات هي رفض اعتماد المواد الاختيارية في امتحانات الشهادة الثانوية، وتخصيص طلاب الجنوب بامتحانات تراعي ظروفهم، ورفض تقليص المناهج انطلاقاً من وضع طلاب القرى الحدودية. هذا فيما أجمعت روابط التعليم الرسمي ولجان المتعاقدين على ضرورة إجراء امتحان موحّد. بمعنى آخر، يعمل البعض على تسيسي الأمر وتطييفه: وضع المسلمين (سنّة وشيعة) المطالبين بالمواد الاختيارية مقابل المسيحيين الرافضين للأمر. فقد صدف أن الذين راجعوا الوزير الحلبي حول الأمر من السنّة والشيعة. لكن الموضوع هو تربوي. حتى أن أحد أسباب عدم دخول حزب الله على الخط، وعدم إبداء أي إشارة سلبية أو إيجابية حول حراك “أمل” هو عدم تصوير الموضوع وكأن مطلب المواد الاختيارية هو شيعي.
بمباركة نبيه برّي
وتضيف المصادر أن حراك “أمل” لإجراء امتحان موحد في لبنان انطلاقاً من الوضع التربوي في الجنوب، لم يتخذ على مستوى المكتب التربوي لـ”أمل”، بل على مستوى الرئاسة. فمن المستحيل أن يتحرك المكتب التربوي من دون مباركة الرئيس نبيه بري، الذي أبلغ الوزير الحلبي والمعنيين بأنه يرفض عزل الجنوب عن باقي لبنان.
بما يتعلق بالبروفيه، بات إلغاؤه محتماً. أما بما يتعلق بعدم عزل الجنوب عن لبنان تربوياً فلا تراجع عن الموضوع، تؤكد المصادر. وترجح أن يصل الجميع إلى تسوية قوامها اعتماد العام الدراسي 2022-2023 كمرجع أساسي لامتحان الثانوية العامة. فمطلب تقليص المناهج الذي تطالب به “أمل” استناداً إلى ما تعلمه طلاب القرى الحدودية غير ممكن تقنياً. فقد سبق وعمل المركز التربوي للبحوث والانماء على مدى أشهر لإجراء التقليص الذي صدر منذ نحو أسبوع. ولا يمكن تقنياً إجراء دراسة جديدة لتقليص إضافي، لا سيما أن موعد الامتحانات بعد شهرين. لذا من المرجح اعتماد تقليص المناهج الذي حصل العام الفائت كمرجع للامتحانات وتوفير الجهد وعمل لجان المواد ولجان الامتحانات، الذي يستغرق وقتاً بدوره. أما بما يتعلق بالمواد الاختيارية فالأمر عينه يسير عليها. أي اعتماد الامتحانات الرسمية السابقة كمرجع لامتحان الطلاب.