حصاد اليوم- قتل باسكال سليمان طغى على جميع الملفات و”القوات” دعت المحازبين لضبط النفس وفتح الطرقات
خاب ظن من اعتقد أن في لبنان يمكن لعاقل أن يتوقع خبرًا إيجابيًا.
فبعد نحو أربع وعشرين ساعة من خبر اختطاف منسق جبيل في حزب “القوات اللبناني” باسكال سليمان، وبعد سيل من الأخبار المتضاربة على مدى ساعات النهار، جاء خبر قتله ووجود جثته داخل الأراضي السورية لينزل كالصاعقة على القواتيين وأنصارهم وبعض اللبنانيين الذين ما زالوا يؤمنون بوجود دولة تحميهم وتحصّل حقوقهم.
حزب “القوات” سارع من جهته الى إصدار بيان اعتبر فيه قتل سليمان جريمة اغتيال سياسية حتى إثبات العكس، داعيًا أنصاره الى ضبط النفس وفتح الطرقات المقفلة انتظارًا لنتائج التحقيق النهائية، فيما فاضت وسائل الإعلام بسيل من تصاريح الإدانة والاستنكار التي لم تردع قاتلًا يومًا عن جريمته.
فقد عاش لبنان على مدى الساعات الأربع والعشرين المنصرمة على وقع أخبار حادثة لم تحصل إلا في زمن الحرب: شاب يخطف بقوة السلاح في وضح النهار على طريق عام، ويُنقَل الى سيارة الخاطفين ويتوارون عن الأنظار. هكذا انتهت الحادثة، ومن هنا بدأت التحقيقات. وما هي إلا ساعات حتى أعلنت قيادة الجيش الخبر الفاجعة الذي أثار الرعب في نفوس اللبنانيين الذين باتوا يعيشون قلقًا متناميًا على مستقبلهم ومستقبل أولادهم في ظل دولة آخذة في التحلل يومًا بعد يوم.
خرق أمني
ويرى البعض أن الالتفاف الكبير حول “القوات اللبنانية” بعد الحادثة، وخصوصًا على المستوى المسيحي، مردّه الى أن الحادثة شكلت خرقا امنيا بامتياز لمنطقة آمنة وهادئة تخضع بالكامل لسلطة الشرعية وأجهزتها كافة، ما يدلّ الى ان الفاعلين لم يأبهوا للمؤسسات العسكرية والامنية، بل استفادوا من اهتزاز الامن جنوبا لمحاولة هزه في كل لبنان.
بين قبرص ولبنان
في جديد أزمة أخرى، أكد رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي “حرص لبنان وقبرص على العلاقات التاريخية والاخوية بينهما، وسعيهما المشترك للحفاظ على امن الدولتين وشرق البحر المتوسط”. وشددا على “اهمية ايجاد حل شامل ومستدام لأزمة النازحين السوريين وما تتركه من انعكاسات على دول المنطقة وفي مقدمها لبنان وقبرص”. وبنتيجة المحادثات تم التوافق على ان تقوم قبرص بمسعى لدى الاتحاد الاوروبي لوضع “اطار عملي” مع لبنان على غرار ما حصل بين الاتحاد الاوروبي وكل من مصر وتونس، ومن شأن هذه الخطوة المرتقبة منح الحكومة اللبنانية المزيد من المساعدات الضرورية واعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة الى بلدهم.
الحل الشامل
من جانبه، اعرب الرئيس القبرصي عن اهمية الزيارة الأخوية التي يقوم بها الى لبنان، مشددا على أن سياسة الجوار التي تعتمدها قبرص مع لبنان قائمة على الاخوة التي تربط العلاقات التاريخية بين البلدين”. وقال: “إن زيارتي للبنان تأتي في أعقاب التطورات الأخيرة الحاصلة من جراء الإعداد الكبيرة للنازحين والمهاجرين السوريين غير الشرعيين، الذين ينطلقون من السواحل السورية او عبر الساحل اللبناني في مراكب غير شرعية الى دولة قبرص”. وأضاف: “إن قبرص تتفهم الاوضاع اللبنانية وحساسية الموضوع بالنسبة الى لبنان واهمية الحل النهائي والشامل لهذا الموضوع، عبر الضغط على الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية لاستيعابهم التحديات التي يواجهها لبنان، وفي الوقت نفسه نحن نتفهم موقف لبنان الرسمي بأن الحل النهائي لن يتم الا عبر عودتهم الى أراضيهم ، خصوصاً ان هناك مناطق معينة أصبحت آمنة في سوريا”.
الرئاسة بعد الأعياد
كما استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة الرئيس القبرصي والوفد المرافق. كما عقد قائد الجيش العماد جوزيف عون اجتماعا مع نظيره القبرصي الجنرال جورج تسيتسيكوستاس، جرى خلاله البحث في التعاون الامني بين البلدين.
رئاسيا، أعلن بري أن الملف الرئاسي سيتحرّك بعد الأعياد. وقال بري في حديث للصحافيين: “اللقاء مع الرئيس القبرصي كان جيداً وليس هناك عتب من قبرص على لبنان بل تعاون مثمر”.
فسحة امل
ليس بعيدا، اعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة الفطر ان “هناك فسحة أمل كبيرة في التوصل إلى حلول لأزماتنا، وفي مقدمتها أزمة انتخاب رئيس للجمهورية، فانتخاب الرئيس هو المدماك الأساس لوضع لبنان على الطريق المستقيم، والإقلاع عن الاستفزاز والاستنزاف هو واجب الجميع، لتحقيق ما نصبو إليه من انتخاب رئيس جامع، يحترم الدستور ويطبقه باحترافية، وينفذ اتفاق الطائف، وينقذ لبنان واللبنانيين مما هم فيه من معاناة”. واشار الى انّ “الظواهر الإيجابية من مبادرات ومشاورات وطروحات التي نلمسها من بعض القوى السياسية، يعطينا أملًا وتفاؤلًا بأنّ الفرصة متاحة أمام اللبنانيين لانتخاب رئيس”.
قصف وغارات
ميدانيا، أدت غارة إسرائيلية على قرية السلطانية فجرا، إلى سقوط عناصر من “حزب الله” بينهم قياديّ ميدانيّ في “قوة الرضوان”. إلى ذلك، تمّ صباح اليوم قصف سهل مرجعيون بالمدفعية الثقيلة. وتعرضت أطراف ميس الجبل للقصف. واستهدفت غارة اسرائيلية حي المسلخ – فوق الشاليهات في بلدة الخيام، وترافقت مع قصف مدفعي استهدف المكان نفسه. في المقابل، اعلن “حزب الله” انه شن “عند الساعة (01:45) من بعد ظهر اليوم هجوما جوياً بمسيرة انقضاضية على موقع رأس الناقورة البحري وأصابت هدفها بدقة”.
مخاطر سوء التقدير
في الغضون، أكدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونِتسكا ورئيس بعثة “اليونيفيل” وقائدها العام الجنرال أرولدو لاثارو في بيان مشترك، أن “ستة أشهر مرّت منذ بدء تبادل إطلاق النار عبر الخط الأزرق، وما زال مستمراً بلا هوادة، محدثًا خسائر فادحة طالت كلا الجانبين”. واعتبر البيان أن “الدورة المتواصلة من الضربات والضربات المضادة تشكل أخطر انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 منذ اعتماده في العام 2006″، مشيرا إلى أن “التوسّع التدريجي في نطاق وحجم المواجهات إلى ما وراء الخط الأزرق يزيد بشكل كبير من مخاطر سوء التقدير ويؤدي إلى مزيدٍ من التدهور في الوضع الذي هو أصلاً مثير للقلق”. وشدد علىى “أننا نناشد كل الأطراف بشكلٍ عاجل إعادة التزام وقف الأعمال العدائية في إطار القرار 1701 والاستفادة من كل السبل لتجنّب المزيد من التصعيد، بينما ما زال هناك مجال للجهود الديبلوماسية”. وأوضح أن “من الضروري أيضًا التركيز من جديد على الهدف الشامل المتمثل في وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حلّ طويل الأمد للنزاع”، لافتا إلى أن “العملية السياسية، التي ترتكز على التنفيذ الكامل للقرار 1701، باتت ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى. وإنّ الأمم المتحدة مستعدة بالكامل لدعم تلك الجهود”.