خاص – “الحزب” يحارب والدولة تعوّض الخسائر!

خاص – “الحزب” يحارب والدولة تعوّض الخسائر!

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
6 نيسان 2024

عندما قرّر “حزب الله” الدخول على خطّ الحرب من أجل مساندة غزّة، لم يسأل أحداً من المكوّنات اللبنانية رأيه في ذلك. بل، كالعادة، اتّخذ قرار الحرب منفرداً، وخوّن الفئات التي تدعو إلى تحييد لبنان عن هذا الصراع. وهو يريد الآن من المكوّنات اللبنانية التي ترفض الانخراط في الحرب، وتعتبر أنّ من الأفضل للبنان عدم التدخّل، أن تشارك في دفع التعويضات عن الأضرار التي لحقت بالجنوب وأهله وبيوته وحقوله. فمال الدولة هو مال الخزينة، أي مال اللبنانيين جميعاً الواقعين في أزمة اقتصادية غير مسبوقة في العالم.

هذا الواقع أثار حفيظة فئات كبيرة من اللبنانيين. واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على سبيل المثال أنّ من تسبّب في تهجير الأهالي عليه التعويض عليهم وليس الدولة. كما وصل الأمر بالنائب نديم الجميل حدّ الدعوة إلى عصيان مدني في حال أُقرت خطّة التعويض.

واللافت أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أثار هذا الملف في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. وعرض إحصاءات لعدد القتلى وحجم الخسائر. فأعلن أن الهجمات الاسرائيلية اودت بحياة 313 فرداً، بينما أصيب نحو ألف شخص، ونزح 100 ألف من ديارهم، وأغلقت نحو 75 مدرسة أبوابها في شكل نهائي. كما يشهد القطاع الزراعي كارثة كبرى مع تضرر 800 هكتار في شكل كامل، فيما فقد نحو 75% من المزارعين مصدر دخلهم. ودعا ميقاتي إلى إعلان الجنوب منطقة منكوبة زراعياً.

واستناداً إلى أرقام جمعتها “الدولية للمعلومات”، فإنّ عدد عناصر الحزب والفصائل الأخرى الذين قتلوا منذ الثامن من تشرين الأول هو 279 مقاتلاً، يضاف إليهم 66 مدنيّاً، بينهم 3 صحافيين و18 مسعفاً، فيما عدد المقاتلين الذين ماتوا في حرب تمّوز كان 250. اما القتلى المدنيون فكانوا 1200 شخص.

وهناك أرقام أوردتها وسائل إعلامية تشير إلى أنّ عدد المنازل التي تمّ استهدافها في شكل كامل بلغ 900 منزل، فيما لحقت أضرار بـ 10 الاف وحدة سكنية تقريباً. فقد استهدفت القوات الإسرائيلية المنازل في شكل ممنهج بهدف جعل عودة السكان غير ممكنة.

وكانت الحكومة قد أقرّت في مطلع تشرين الثاني خطة الطوارئ الوطنية. لكن تنفيذها لا يزال متعثرا بسبب عدم وجود مصادر للتمويل. وفي 29 تشرين الثاني أُقرّ التعويض للمتضررين جسدياً ومادياً، ورُصد مبلغ يوازي 10 ملايين دولار، فيما اعلن رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر أنّ هناك توجّهاً لدى الدولة لصرف 20 ألف دولار لكل عائلة شهيد، و40 ألف دولار كحدّ أقصى كتعويض عن كلّ بيت مدمّر.

ولكن من أين سيُؤتى بالمال لدفع التعويضات، في بلد يشكّل فيه كلّ مليون دولار يدخل إلى الخزينة رقماً كبيراً؟ من أين سيُؤتى بالمال، في بلد يموت الناس فيه من قلّة الأدوية والطبابة، وحيث لم تُرصَد بعد المبالغ المقرّة للعائلات الفقيرة والأشد فقراً، وحيث الضمان الاجتماعي لا يدفع سوى نُذر يسير من تكاليف الطبابة، وحيث خسر اللبنانيون مدّخراتهم في المصارف إلى غير رجعة؟

وبحثاً عن التمويل، عقد ميقاتي اجتماعا مع السفراء المعتمدين والمنظمات الدولية لطلب مساعدات عاجلة من أجل مواجهة تداعيات الدمار الناجم عن الهجمات الاسرائيلية. وتسعى الحكومة للحصول على 70 مليون دولار من الآن وحتى حزيران المقبل من أجل أعمال إغاثية وطارئة، تشمل الغذاء والخدمات ومساعدات مادية. ولكن هذه المساعدات المطلوبة هي لتلبية حاجات الأهالي النازحين والمقيمين. وحتى الآن حصلت منظمات الأمم المتحدة فقط على 7.5 مليون دولار للعمل الطارئ.

بالطبع لا تشمل هذه المساعدات إعادة الإعمار وإصلاح البنى التحتية التي تضررت، والتي تحتاج إلى مبالغ ضخمة، خصوصاً أنّ الحرب لم تنتهِ، والخسائر سترتفع. ولم يعطِ السفراء وممثلو المنظمات أي جواب لميقاتي، مستمهلين لدراسة الموضوع. وكان وزير البيئة ناصر ياسين واضحاً حين قال إن المساعدات والدعم الخارجي تتلازم مع نقاش سياسي. وهذا يعني أن الدول التي تطالب لبنان بتنفيذ القرار 1701 وبوقف هجمات الحزب، لا يمكنها أن تسهم في إعادة الإعمار، خصوصاً أن عليها متطلبات كثيرة أخرى بسبب حرب غزّة واللجوء السوري.

في 2006، تكفّلت قطر بإعادة الإعمار. أمّا اليوم، فلا أحد يريد مدّ يد العون من دون وجود حل سياسي شامل، سواء في القطاع أو في لبنان. وفي حال غياب الدعم الدولي الكبير، ستكون إعادة الإعمار مستحيلة، في بلد عاجز عن إطعام شعبه وتطبيبه وتأمين  أدنى مقومات العيش.