القسط المدرسي يقترب من عشرة آلاف دولار: من سيتعلّم؟
لجنة الأهل في الكوليج الدولية حاولت ثني الإدارة عن هذه الزيادة الكبيرة، بعدما رفع أهالي الطلاب عريضة اعتراض على الزيادة. لكن حسب المراسلات التي حصلت عليها “المدن”، تبين أن الإدارة ومجلس الأمناء ماضيان في القرار. وقد طلبت لجنة الأهل من الإدارة تقسيم الزيادة على الأقساط (لعودة القسط المدرسي إلى ما كان عليه قبل الأزمة) على السنوات المقبلة. لكن الإدارة رفضت، متذرعة أن هناك عجزاً متراكماً في الميزانية. ورضخت لجنة الأهل للقرار، وأبلغت أهالي الطلاب أن لا سلطة لها في اتخاذ أي قرار، أو تعليق العمل بالقرار المأخوذ من الإدارة ومن مجلس الأمناء. وجل ما تم تحصيله هو زيادة حجم المساعدة المدرسية للأهالي المتعثرين، إضافة إلى حسم على الأقساط للأهالي الذين لديهم أكثر من ابن.
تبرير الزيادة
أما لجنة الأهل في “ويل سبرينغ”، فقد سارعت إلى تبرير الزيادة على الأقساط، بعدما اعترض عدد من الأهالي. وبدت لجنة الأهل، حسب المراسلة التي حصلت عليها “المدن”، ناطقة باسم إدارة المدرسة. فقد أكدت أنها اطلعت على كل بنود الموازنة بالتفصيل، ووجدت أنها منطقية، لا سيما أن المدرسة اضطرت إلى رفع الأقساط بسبب التشريعات الجديدة التي أقرتها الحكومة حول زيادة الرواتب ورسوم الضمان الاجتماعي وارتفاع الضريبة على القيمة المضافة، هذا فضلاً عن أن المدرسة تواجه ارتفاع المصاريف التشغيلية والإيجارات والرسوم البلدية وغيرها.
المدرسة لتجار الالماس
ووفق العديد من أهالي الطلاب (بعضهم بدأ بالبحث عن مدارس بديلة تعتمد البكلوريا الدولية)، فإن قرار رفع الأقساط، لتعود إلى ما كانت عليه قبل الأزمة، متخذ من العام الفائت. ويشرحون إنه عند تأسيس المدرسة كان القسط المدرسي نحو ألفي دولار، وبدأ يرتفع لاستقطاب أبناء الطبقة الاجتماعية المتوسطة، الراغبة بتعليم الأبناء البكالوريا الانكليزية الدولية. ووصل القسط المدرسي قبل الأزمة الاقتصادية إلى نحو عشرة آلاف دولار. وقد حصلت اعتراضات كثيرة من لجان الأهل على الموازنة، مع رفض توقيعها لأكثر من سنتين. لكن تراجع سعر صرف الدولار، وتالياً قيمة الأقساط، دفع بالعديد من الأهالي إلى عدم الانتقال إلى مدارس بديلة. أما حالياً، فيقولون إن الإدارة تريد مجتمعاً غير ذاك الذي انتمى إلى المدرسة عندما تأسست منذ نحو 15 عاماً. بل تريده حكراً على أبناء تجار الإلماس والعملة ورجال الأعمال من الطائفة الشيعة في أفريقيا.
محميات المدارس
مشكلة هذه المدارس، التي هي في الأساس مخصصة لفئات محدودة من اللبنانيين، أنها تفتح الطريق أمام كل المدارس الخاصة لرفع الأقساط. ورغم أن قانون رفع الحد الأدنى للأجور لم يقر بعد، ولا تصل الزيادة إلى نصف ما كانت عليه قبل الأزمة، ورغم أن الأجور الفعلية في المدارس غير خاضعة لأي ضريبة أو رقابة، تتذرع المدارس بالزيادة المفترضة لرفع الأقساط وإعادتها إلى ما كان عليه قبل الأزمة.
وتقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، لما الطويل، إن الحديث عن الموازنات المدرسية المفبركة وعدم احترام القانون وعدم وجود رقابة من وزارة التربية لا يجدي نفعاً. ما الفائدة من الحديث عن القانون وأسس وضع الموازنات المدرسية في ظل شريعة الغاب في لبنان؟ الكل متواطئ على الأهل، من وزارة التربية إلى الحكومة ومروراً بمجلس النواب. فالمدارس بمثابة محميات سياسية وطائفية وخارج أي مسائلة.
وتضيف أن لا فائدة من السؤال عن السبب الذي يحول دون تحرك أهالي الطلاب، طالما أن لا وزارة التربية ولا وزيرها ولا الحكومة ولا النواب يريدون محاسبة أي مدرسة. ولا فائدة من الحديث عن غياب القضاء ومصلحة التعليم الخاص. فما هو حاصل أن الجميع يحذرون من الاقتراب من المدارس أو المساس بها، كأنها من المقدسات.
لكن المختلف في الوقت الحالي، عن سوابق المدارس في فبركة الموازنات، هو أن الموازنة المدرسية الفعلية باتت حالياً غير خاضعة حتى للرقابة الشكلية في وزارة التربية والإدارات المعنية، وقائمة على تهرّب ضريبي كبير. فالمدارس تصرّح عن الموازنات بالليرة اللبنانية على أساس القسط المدرسي المحصل من الأهل بالعملة عينها. أما القسم المدفوع بالدولار، وهو أساس القسط الذي يدفعه الأهل، فتعتبره المدرسة مساهمة تضامن من الأهل. ولا يصرّح عنه. بمعنى آخر، المدارس بفرض هذه المساهمات على الأهل، تتهرب علناً من دفع حتى الضرائب على الرواتب والأجور لصندوق التعويضات والضمان الاجتماعي. ولا يوجد أي رادع قانوني أمام المدارس لمنع التهرب الضريبي ولا الاحتيال الممارس على الأهل لتبرير زيادة الأقساط.