خاص – فخ الضريبة على القيمة المضافة
هي ضريبة غير مباشرة تفرض على استهلاك معظم السلع والخدمات، ويقع عبئ دفعها على المستهلك النهائي ، بينما تؤدي الشركات دور الوسيط بين الدولة والمستهلك في تحصيل هذه الضريبة. تعد فرنسا أول دولة فرضت ضريبة على القيمة المضافة، وكان ذلك عام 1954 بعد عدة تعديلات أُجريت على الضرائب على الاستهلاك التي كانت سائدة من قبل.
وتعد الضريبة على القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة لأنه لا يتم تحصيلها مباشرة من الدولة، كما هو الشأن بالنسبة للضريبة على الدخل، وإنما تقوم الشركات بتحصيل مبالغ الضريبة ودفعها إلى الدولة بعد خصم المبالغ التي أدتها هي نفسها عن مشترياتها من السلع والخدمات لباقي الشركات. وتُعفى السلع التي يتم تصديرها من الضريبة على القيمة المضافة في البلد المصدر، بينما تخضع السلع المستوردة للضريبة في البلد المستورد.
وتشكل هذه الضريبة عبئا كبيرا على أصحاب الدخل المحدود؛ إذ تمتص جزءًا مهما من مواردهم على قلتها، مما يحد من قدرتهم الشرائية ويقلل فرصهم في الاستهلاك. وتلجأ بعض الدول من أجل تصحيح هذا الوضع إلى فرض ضريبة مخفضة (مقارنة مع المعدل العادي) او أعفاء السلع الضرورية التي تمثل النصيب الأوفر من استهلاك الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود.
الضريبة على القيمة المضافة في لبنان كانت بناءا” على طلب دول الغرب لضرب الانتاج الوطني والصناعة الوطنية ، وكان الهدف منها فتح الاسواق أمام السلع الغربية بالدرجة الاولى عبر الغاء الرسوم الجمركية الى حد كبير التزاما” باتفاقية التجارة الحرة ، في الوقت الذي تكون السلع الاوروبية والاميركية مدعومة وبشكل كبير عبر بنية تحتية متكاملة من كهرباء ، نقل ، اتصالات ، ومياه ، تكون الصناعة الوطنية بعيدة كل البعد عن هذا الدعم وبالتالي تفقد قدرتها على المنافسة مما يؤدي الى اقفال شبه كامل للكثير من القطاعات ، وهذا ما حصل فعلا” منذ بدء تطبيق هذه الضريبة .
في الوقت التي تفرض الدول الغربية عبر اتفاقات التجارة الحرة وعبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، على الدول المتخلفة والنامية فتح اسواقها امام منتجاتها عبر سياسات كاذبة وشعارات براقة تهدف الى السيطرة على الاسواق ، تقوم هذه الدول بوضع العراقيل أمام منتجات هذه الدول عبر شروط ومعايير من الصعب جدا” على هذه الدول الالتزام بها نظرا” لفارق العلوم والتقدم التي تتمتع بها القطاعات الاقتصادية وخاصىة على المستوى الزراعي والصناعي في هذه الدول ، مما لا يمكن الدول النامية من تصدير اي من منتجاتها وبالتالي تفقد هذه الدول عامل اساسي من عوامل تخفيض الكلفة وهو عامل الانتاج الكمي ، من الامثلة على هذه المعايير والشروط :
– خلق معايير زراعية مثل مواصفات محددة للمنتجات .
– خلق معايير صناعية مثال ضرورة الحصول على شهادات صناعية معينة .
وغالبا” ما تلجأ هذه الدول الى رفع الرسوم الجمركية مجددا” على السلع المستوردة لحماية منتجاتها وسلعها ، كما يمكن ان تلجأ الى منع استيراد اصناف محددة لا سيما منها الزراعية لحماية انتاجها من الاغراق .
انطلاقا” من هذه المقدمات باعتقادي يجب على الحكومة اللبنانية اعادة النظر بهذه الضريبة التي تؤدي دورا” سلبيا” في الاقتصاد الوطني وتمنع تقدمه وتطوره ، لكن بالتأكيد لا يمكن ألغائها بشكل مباشر وكلي بل يجب العمل على تخفيضها بشكل تدريجي وعلى مدى عشر سنوات مع ابقاء الضريبة هذه فقط على سلع الخدمات ، كالمطاعم ، الفنادق ، دور السينما والمسارح ، المقاهي ، وعلى بطاقات الحفلات ، ويمكن اختصار اقتراحاتنا بالاجراءات التالية :
– تخفيض نسبة الضريبة على القيمة المضافة بشكل سنوي تدريجي بمقدار 2 بالمئة حتى لا تحصل اي صدمة على ايرادات الخزينة تؤدي الى حالة من التعثر وبالتالي الوصول الى نسبة الخمسة بالمئة .
– رفع الرسوم الجمركية بشكل تدريجي على السلع التي لها بدائل وطنية دون المساس بالسلع الاساسية المعفية أصلا” لتعويض الخسائر التي يمكن ان تتحقق نتيجة تخفيض الضريبة على القيمة المضافة .
– انشاء وحدة للتدقيق الداخلي داخل جهاز الجمارك تقوم بتفتيش فجائي لعينة من الملفات والشحنات الخارجة من المعابر في نفس الوقت وليس تدقيق متأخر .
– تزويد جهاز الجمارك بكل الاجهزة التي تمكنه من عملية الرقابة والتفتيش السريع دون تأخير الشحنات والتي ترتب الكثير من التكاليف على التجار .
الاسباب الموجبة :
– حماية الانتاج الوطني .
– وقف التهرب الجمركي والضريبي على المعابر .
– تشجيع الشركات على التصريح عن الضريبة على القيمة المضافة .
– وقف السمسرة والفساد داخل الاجهزة التابعة للدولة اللبنانية .
باعتقادي ان اتباع هذه الاجراءات سيساعد على اعادة انطلاق الاقتصاد الوطني وتحقيق معدلات نمو جيدة ، اضافة الى القدرة على حماية الانتاج الوطني على المدى المتوسط والطويل الاجل ، لقد لجأت الدول التي طبقت هذه الضريبة الى اعادة النظر بالرسوم الجمركية لحماية اقتصادها الوطني فكيف لا نفعل نحن ذلك .