المدارس المتصدّعة: الدراسة تحت خطر الانهيار
في وقت لا يزال فيه ملف مقتل الطالبة في ثانوية القبة الثانية الرسمية للبنات ماغي محمود بانهيار سقف أحد صفوف المدرسة مفتوحاً، عادت المدارس المعرّضة للخطر إلى الواجهة مع إقفال ثانوية المربي فضل المقدم للبنات الرسمية في طرابلس أخيراً لأسبوعين، وإعادة فتحها من دون معرفة لماذا أقفلت ولماذا فتحت أبوابها من جديد أمام الطالبات؟وكان مسح شامل للمباني المدرسية ضمن مشروع «دعم تأهيل وتطوير المدارس وتحسين شؤون المعلّمين» (دراستي)، المموّل من وكالة التنمية الأميركية عام 2014، بيّن أن 30% من مدارس محافظة الشمال وضعها سيّئ جداً، و25% منها وضعها سيّئ. وأوضح أنّ «40 من أصل 96 مدرسة فيها تصدّعات وتشقّقات، وهي الأكثر حاجة إلى التدخّل من أجل تحقيق المعايير الدنيا للسلامة والصحّة». وكان يفترض، بحسب خطط البنك الدولي، إنفاق نحو 155 مليون دولار لبناء وترميم المباني المدرسية في 665 مدرسة، وتعزيز القدرة الاستيعابية للمدارس بنحو 45 ألف مقعد إضافي. ومع نهاية المشروع عام 2021، كان يفترض أن تكون عمليات الترميم قد أُنجزت في كل المدارس وهو ما لم يحدث أبداً.
وكانت وزارة التربية قرّرت، في الأول من شباط الماضي، إقفال الثانوية على خلفية احتمال تعرّض الطبقة الثالثة من المبنى للانهيار، وبقيت الطالبات خارج الصفوف من دون تأمين ثانوية بديلة لهن، ما أثار غضب الأهالي الذين تواصلوا مع إدارة الثانوية. وكان جواب الأخيرة أن فريقاً من مهندسي الوزارة عاين المكان وقرّر أن المدرسة لا تصلح للتدريس.
ولكن، بعد تحرك ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال اتصالات أجراها معنيون مع النائب السابق وليد جنبلاط للضغط على وزير التربية عباس الحلبي، استجاب الأخير بعد طول تجاهل لمناشدات الأهالي المتكررة. وعلى وجه السرعة، جرى إرسال مهندسة مكلّفة من رئيس المنطقة التربوية في الشمال ومهندس من الوحدة الهندسية في وزارة التربية، وقرّرا أنه ليس هناك خطر داهم في المبنى سوى في الطبقة الثالثة، وأن في إمكان الطالبات العودة إلى صفوفهن، على أن يتزامن ذلك مع انطلاق عملية ترميم في المبنى. وأتى الكشف الهندسي الثاني في مهلة لا تتعدى 15 يوماً من تاريخ الإقفال.
وفي المعلومات أن المدير العام للتربية عماد الأشقر قرّر إقفال المدرسة قبل أن يصله التقرير الأول، وأن التقريرين الأول والثاني متطابقان، إلا أن أحداً لم يرَ لا التقرير الأول ولا التقرير الثاني، ولا أحد يعرف أين تكمن الحقيقة.
والسؤال لولا تدخّل جنبلاط، هل كانت الطالبات لا يزلن حتى الآن في منازلهن من دون تعليم؟ ومن يضمن سلامة الطالبات وأساتذتهن بعد عودتهم في ظل كل هذا التخبط؟ ولماذا، رغم الوعود التي أُعطيت لمديرة الثانوية بأن أعمال رفع الخطر ستبدأ مطلع الأسبوع الماضي، لم يحضر أحد للعمل حتى الآن؟ وهل ستتم الأعمال من دون مناقصة، خصوصاً أن هناك معلومات أنها ستُموّل من الخزينة العامة (200 ألف دولار)؟ وفي حال بدأت الأعمال من يضمن عدم تعرّض أيّ من الطالبات الـ 400 لأي خطر؟
إلى ذلك، عادت الأسبوع الماضي جلسات المحاكمة في قضية محمود إلى الانعقاد، بعد 6 أشهر من الانقطاع، إثر متابعة حثيثة من الناشطين الذين يواكبون أيضاً ملف ثانوية المقدم. ورغم مرور نحو عام ونصف عام على الحادثة، لم يصدر حتى الآن أي قرار ظني بحق أيّ من المرتكبين. وتأجّلت جلسة الأسبوع الماضي إلى التاسع من نيسان لعدم تبلّغ المدّعى عليهم. وحتى هذه اللحظة لم تدفع شركة التأمين المتوجّب عليها إلى أهل الطالبة، في وقت يرسل فيه وزير التربية ومدير التعليم الثانوي خالد الفايد كتب تهديد إلى مديري المدارس لدفع قيمة التأمين عن العام الماضي الذي لم يجر فيه تعليم في الأساس.
وكانت النيابة العامة ادّعت على مالك الثانوية وعلى موظفين في وزارة التربية.