خاص- نهاية الأونروا: آخر شاهد على حق العودة

خاص- نهاية الأونروا: آخر شاهد على حق العودة

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
13 آذار 2024

مع بداية شهر آذار، توقّف التمويل الذي كانت تقدّمه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لوكالة “غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” الأونروا. ومع توقّف التمويل من دون إيجاد أي بديل، ستعلن الوكالة عملياً إقفال أبوابها والامتناع عن تقديم الخدمات. وقد حذّر المفوض العام فيليب لازاريني من أن مصاريف الوكالة أصبحت أكبر من إيراداتها، وأنّ المشكلات المالية ستتفاقم في نيسان، خصوصاً أن ليس لدى الوكالة أيّ احتياطي مالي استراتيجي.

وقد أعلنت الولايات المتحدة في اواخر كانون الثاني الماضي تعليق تمويلها للأونروا بعد اتهام إسرائيل لـ12 من موظفي الوكالة بالضلوع في هجوم “طوفان الأقصى”. وكرّت سبحة الدول التي أعلنت أيضاً تعليق التمويل. وتقدّر موازنة الوكالة الإجمالية بمليار دولار، تدفع الولايات المتحدة 344 مليوناً منها، وتأتي ألمانيا كثاني أكبر مموّل، ثم الاتحاد الأوروبي، بينما تقتصر المساهمة العربية على 60 مليون دولار تقريباً.

ومع وقف التمويل للأونروا، تكون إسرائيل قد حقّقت أحد أهم أهدافها، على أساس أن هذه الوكالة هي الشاهد الأبرز على حق العودة. وقد أعدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطة لليوم التالي في غزة، تنصّ في أحد بنودها على إغلاق مكاتب الاونروا واستبدالها بمنظمات ووكالات أخرى. وكان اقتراح مشابه طُرح في العام 2018  يقوم على وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت إدارة مفوضية شؤون اللاجئين. وبذلك، تريد إسرائيل ضمّ هؤلاء إلى سائر لاجئي العالم، وإلغاء الوثيقة الدولية التي تعترف بهم كشعب يمتلك الحقّ في العودة.

وقد بدأ المسار في هذا الاتجاه منذ العام 2017، توازياً مع إطلاق “صفقة القرن” وإعلان الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ومنذ ذلك الحين، باشرت واشنطن والدول الغربية خطوات قطع التمويل عن “الأونروا”، بين الحين والآخر. ففي العام 2018، قررت إدارة ترامب وقف مساهمتها المالية البالغة 300 مليون دولار. وفي العام التالي، خفضت مساهمتها الإضافية من 60 مليوناً إلى 25 مليوناً. وفي العام 2020، علقت السويد والنرويج والدنمارك وسويسرا وبلجيكا وهولندا والاتحاد الأوروبي تمويلها “الأونروا” بعد تقرير لمفتش الأمم المتحدة يكشف وجود فساد وتحرش جنسي وسوء إدارة فيها.

وفي هذا السياق، سعت إسرائيل في العام 2018، إلى تسويق مفهوم جديد لصفة النازح، فحصرته فقط بمَن تشرَّد في العام 1948 شخصياً، بحيث لا يكون اللجوء صفةً قابلة للتوريث عبر الأجيال. وهذا يعني أنّ الجيل الذي خرج من فلسطين في العام 1948، أي منذ 76 عاماً، هو جيل على وشك أن ينقضي.

ويعتبر وقف التمويل اليوم هو الضربة القاضية. وستكون لذلك تداعيات كبيرة على المستويات الاجتماعية والسياسية، وحتى الأمنية. وسيحرم الملايين من المساعدات الأممية، ما يشكل مشكلة لمئات آلاف العائلات.

وقد تأسست الاونروا بعد نكبة 1949. وهي تقدّم اليوم مساعدات لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني، منهم قرابة مليونين وربع المليون في غزّة، ونحو مليون في الضفة الغربية.  وتتوزع الأعداد الأخرى بين لبنان والأردن وسوريا.

في أي حال، فإنّ ما يُعرف بالشتات الفلسطيني في المخيمات، والذي يرمز إلى حق العودة، قد تمّت بعثرته قبل ذلك بوقت طويل. ففي الأردن، لم تعد هناك حالة لجوء فلسطيني بعد الضربة التي وجّهتها القوات الأردنية لمخيم البقعة، في ما عرف بأيلول الأسود في العام 1970. وأدّت الحرب في سوريا إلى تشتيت سكان المخيمات، وخصوصا مخيم اليرموك، بحيث نزح قسم من هؤلاء إلى مخيم عين الحلوة في لبنان، الذي أصبح عملياً الرمز شبه الوحيد للشتات. وحتى هذا الرمز صار مهدّدا بالتبعثر، في ظل الاشتباكات الأخيرة التي سبقت أحداث غزّة. وكان مخيم نهر البارد قد دُمّر إثر الحرب على “فتح الإسلام”، وحتى اليوم لم يحصل أي شيء على صعيد إعادة الإعمار.

وهكذا، يكتمل المخطط. تهجير للفلسطينيين من غزّة إلى سيناء دفعة واحدة أو على مراحل. نسف الأونروا، وإنهاء المخيمات في الشتات. فماذا سيبقى عندها من القضية الفلسطينية؟