خاص – واشنطن كانت على مسافة خطوة من ضرب إيران

خاص – واشنطن كانت على مسافة خطوة من ضرب إيران

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
14 شباط 2024

صحيح أن لا واشنطن ولا طهران تريدان حرباً واسعة في المنطقة، إلّا أنّ ما جرى في 28 كانون الثاني الماضي من ضرب قاعدة البرج 22 على الحدود الأردنية السورية، ومقتل ثلاثة جنود أميركيين وإصابة آخرين، وما تلى ذلك من ردّ أميركي، كاد أن يشعل حرباً إقليمية.

استساغت إيران بمساعدة أذرعها اللعب على حافة الهاوية. واعتقدت أنه يمكنها بذلك إظهار مدى قوّتها وقدرتها على إقامة توازن ردع مع إسرائيل. إلّا أنّ قيام “كتائب حزب الله” العراق بضرب القاعدة الأميركية وقتل جنود فيها، كان عملية متقدمة لا يمكن للولايات المتحدة أن تسكت عليها. وأتى الردّ بعد أيام عبر هجمات على مواقع للحرس  الثوري وأخرى للجماعات المتحالفة معها في كل من سوريا والعراق. وتمكّنت واشنطن من قتل قيادي في “كتائب حزب الله” هو أبو باقر الساعدي في غارة بواسطة مسيّرة في بغداد. وقالت واشنطن إنه المسؤول عن التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة.

واستناداً إلى مصادر في واشنطن، فإن القيادة العسكرية الأميركية أوصلت تهديدات ورسائل حازمة إلى طهران، مفادها الطلب من الميليشيات التابعة لها عدم التصعيد، وإلّا فإن واشنطن هي على مسافة خطوة واحدة من تحميل طهران مسؤولية الهجمات التي تقوم بها الجماعات المتحالفة معها. وهذا يعني أنه لم يعد ممكناً لطهران أن تختبئ وراء أذرعها، بينما تبعد نفسها عن التدخل المباشر، وبالتالي عن تلقّي الردود.

وبالفعل، أعلنت “كتائب حزب الله” العراقية بعد يومين على شنّها الهجوم الذي أدّى إلى مقتل جنود اميركيين، وقف عمليّاتها ضد القوّات الأميركية منعاً لإحراج الحكومة العراقية، بينما استمرت الاستهدافات من جانب حركة “النجباء”، لكن بوتيرة منخفضة وفي الاراضي السورية. ولاحظت مقالات نُشرت في مراكز دراسات أميركية تراجعاً كبيراً للهجمات التي تقوم بها الجماعات المدعومة من ايران، خصوصاً من حيث الأهداف ونوعيتها.

وقال بعض المصادر إنّ قائد فيلق القدس اسماعيل قاآني أوصل رسالة حازمة إلى الفصائل العراقية بضرورة وقف التصعيد ضدّ الولايات المتحدة من أجل تفادي ضرب ايران، بعدما تجاوزت هجمات الميليشيات الحدود المحفوفة بالمخاطر. أمّا إلى لبنان، فقد حمل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في زيارته الأخيرة رسالة إلى “حزب الله”، مفادها وجوب الحفاظ على منسوب القتال المنخفض، تجنباً لتوسيع الحرب إلى مستوى قد يورّط طهران، وهي لا تريد ذلك، حتى لو اضطرّت إلى السكوت والانحناء حتى تمرّ العاصفة.

لذا، كان حديث الوزير الإيراني من بيروت عن أهمية عدم انجرار لبنان إلى الحرب، وحرصه على الحفاظ على مستوى الاشتباك من دون زيادة، على رغم أن اسرائيل رفعت مستوى الاستهدافات في لبنان في الأيام الأخيرة، بحيث استهدفت سيارة تنقل مسؤولين في الحزب في منطقة النبطية للمرّة الاولى، وطال القصف سيّارة في جدرا في إقليم الخروب، حيث نجا المسؤول في “حماس” باسل صالح.

ولكن، كلّ هذا لا يمنع أنّ التفاوض بين واشنطن وطهران قد يُعاود في أيّ لحظة وأيّ مكان وعلى مستويات مختلفة. فهمّ إيران اليوم هو أن تبقى اللاعب الأساسي في أي تسوية مقبلة على المنطقة. وهذا هو الواقع بالفعل، إذ إنّ أيّ اتفاق يستثني طهران لن يكون له حظّ في النجاح. ومن هنا، فهي قد “تضحّي” ببعض الأذرع جزئياً، من أجل بقاء الأذرع الأساسية قوية، كـ “حزب الله”، وأيضا من أجل الحفاظ على الدور والنفوذ في المنطقة.