خاص – القوانين الميتة

خاص – القوانين الميتة

الكاتب: د.عماد عكوش | المصدر: Beirut24
1 شباط 2024

كثيرا” ما تلجأ السلطات السياسية ، التشريعية ، وحتى القضائية في الانظمة المتخلفة الى أقرار بعض القوانين أو أصدار بعض القرارات والتي تكون عادة ملغومة بثغرات ونواقص وعيوب الهدف منها أو ألغائها لاحقا” وبسهولة من قبل المتضررين عبر المحاكم والمجالس التحكيمية ، أو عبر الطبقات الفقيرة لأنها غالبا” ما تكون تطال جزء من هذه الطبقة فيتم استخدام هذه الطبقة من قبل المنظومة الحاكمة والشركات في الشارع لأسقاط هذه القوانين والقرارات وقد رأينا أمثلة كثيرة منها منذ بداية الازمة الاقتصادية منها قرار غير مسبوق للنائِب العام المالي القاضي علي إبراهيم بتاريخ 6 أذار 2020 ، قضى بوضع إشارة «منع تصرف» على أصول 20 مصرفاً لبنانياً، وإبلاغه الى المديرية العامة للشؤون العقارية وأمانة السجلّ التجاري وهيئة إدارة السير .
هذا القرار الذي طال كل أصول المصارف وبالتالي جمد عمل المصارف بالكامل مما أدى الى نقمة كبيرة من كل المودعين الذين كانوا يسحبون ولو جزئيا” بعض من ودائعهم حينها فأتى هذا القرار ليوقف المصارف عن العمل ، بناءا” عليه تم التراجع لاحقا” عن هذا القرار .
كان من المفروض ان يشمل القرار أصول المصارف الثابتة فقط مما يعني المحفظة العقارية ، محفظة الاسهم والتوظيفات ، الأليات والتجهيزات ، لكل من البنك ، كبار المساهمين ، أعضاء مجالس الادارة ، مفوضي المراقبة ، أملاك أصولهم وفروعهم ، ما جرى أن القرار ولد ليموت بيد الطبقة الفقيرة وبيد القانون.
اليوم وبعد حوالى عامين ونصف على إطلاق منصة صيرفة التي استمرّت عامين و3 أشهر، أقرّ مجلس النواب فرض غرامات استثنائية او ضريبة بنسبة 17% على كلّ من حقّق أرباحاً واستفاد من منصة صيرفة من مؤسسات وشركات وتجار وليس من الأفراد والموظفين . لكن ثمّة نقاش قانوني في تشريع ضريبة كهذه بمفعول رجعي ، وفي القدرة على استصدار آليات تطبيقية ومحاسبية. في النقاشات التي دارت في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب ، تركّزت الأسباب الموجبة لإقرار «ضريبة» أو «غرامة» على أرباح الأفراد والمؤسّسات من العمليات التي أجروها في إطار تعاميم مصرف لبنان على مدى أكثر من سنة ونصف سنة في عامي 2022 و2023، حول «استفادة هؤلاء» من أموال صُرفت من احتياطات مصرف لبنان بالعملة الأجنبية ، لكن من يقول ان من استفاد من هذه المنصة هم شركات ومؤسسات فقط ، فهناك أفراد استفادوا وبشكل كبير من هذه المنصة وبمليارات الليرات كذلك هناك المصارف التي تقاضت أكثر من نصف الارباح كعمولات وهناك موظفي المصارف ومدراء الفروع الذين كانوا شركاء في معظم العمليات فكيف سيتم تحديد هؤلاء وتكليفهم بالضريبة .
في سبيل تحقيق العدالة في هذه الضريبة برأينا يجب تحويل هذا الملف الى التفتيش المالي وأسماء المستفيدين من هذا الملف موجودين لدى مصرف لبنان ويمكن الانطلاق منه لتحديد المستفيدين على ان يتم تعيين حد أدنى والانطلاق منه لدراسة الملفات كتحديد مجموع عمليات تزيد عن مئة الف دولار .
في المقابل وبعد 4 سنوات من تطبيق سياسة الدعم بالتعاون بين الحكومة ومصرف لبنان، وبعد هدر أكثر من 10 مليارات دولار من احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، أي من أموال المودعين، لصالح التهريب والتجار والسياسيين والمحظيين، أقرّ مجلس النواب أيضا” ضمن موازنة 2024، فرض ضريبة استثنائية بنسبة 10% على كلّ من استفاد من دعم يفوق 10 آلاف دولار أمّنه مصرف لبنان للمؤسسات والتجار بمن فيهم شركات النفط.
فرض ضريبة على أرباح الدعم وأرباح صيرفة في جلسة مجلس النواب لاقى اعتراض من بعض النواب الذين اعتبروا انه لا يمكن تطبيق تلك الضريبة ، وأنه بدلاً من «محاسبة الناس على التزامهم بتعميم صادر عن مصرف لبنان، يجب محاسبة من أصدر هذا التعميم»، الذي أدى الى هذا الهدر .
هنا أيضا” يمكن تكوين ملف بأسماء الذين استفادوا من هذا الملف وهذا الامر متوفر لدى مصرف لبنان ويمكن مع تحديد حد أدنى كما هو وارد في الموازنة بعشرة الاف دولار يمكن تحويل كل هذه الملفات التي تزيد عن الحد الادنى للتفتيش المالي لتحديد حجم ارباح الشركات ككل وتحديد حجم الارباح الحقيقية لهؤلاء وتكليفها على أرباحها المحققة وفقا” لقانون ضريبة الدخل الباب الاول .
ما جرى ان ما صدر سواء بالنسبة لمنصة صيرفة او ملف الدعم صدر ناقص وبالتالي صدر بثغرات قابلة للطعن فيه ولم يكن واضح لناحية تحديد الارباح وكيفية الفصل بينها وبين أرباح المكلفين والتي تم التصريح عنها وفق الاصول ، لذلك أتوقع ان يتم التراجع عن هذه المواد القانونية أو بالحد الادنى أغفالها وتناسيها لاحقا” كما حصل مع كثير من المواد القانونية او التعاميم التي صدرت عن مصرف لبنان ومنها ما يتعلق بضريبة الكسارات والاموال المهربة للخارج .