خاص: الصفقة مع “الحزب” جاهزة

خاص: الصفقة مع “الحزب” جاهزة

الكاتب: إيلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut 24
6 كانون الثاني 2024

كلام الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصر الله أتى واضحاً وضوح الشمس، حين قال في خطابه الأخير الجمعة إن “لبنان أمام فرصة حقيقية لتحرير كل شبر من ارضه”. وهذه الفرصة التي يتكلم عليها هي بالتحديد الصيغة أو الصفقة التي يطرحها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، ولا شيء سواها. وأكّد كلام نصر الله بما لا يقبل الشكّ أن الحزب موافق على الطروحات الأميركية، وأن المفاوضات غير المباشرة حول هذه الصيغة وصلت إلى نهايتها، ولا تنتظر سوى انتهاء حرب غزة لإعلانها.
وتقول معلومات إن البحث دخل في التفاصيل، وتمّ التوافق عملياً على معظم البنود، وأولها ترسيم الحدود البرية. وصارت الصورة واضحة، بالإقرار بحق لبنان بالترسيم انطلاقا من النقطة B1 عند رأس الناقورة. وقد سمّى نصر الله هذه النقطة تحديداً للدلالة إلى أن التوافق قائم حولها. كما ستنسحب إسرائيل من الجزء اللبناني من قرية الغجر، فيما ستوضع مزارع شبعا المتنازع عليها بين لبنان وسوريا تحت الوصاية الدولية، إلى حين حل الخلاف الحدودي بين البلدين.
ويبدو كأن الصيغة التي يتمّ العمل عليها تقوم على مبدأ “الأرض في مقابل الأمن”، بحيث سيكون للحزب تبريراته بوقف أي أعمال عسكرية ضد إسرائيل، على أساس أنها “انسحبت من الأراضي اللبنانية المحتلة”.
وكانت هذه العملية قد بدأت مع الترسيم البحري الذي جرى بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية. وهو ما سمح للبنان ببدء التنقيب عن الغاز بدءاً من البلوك الرقم 9. ولا يريد الحزب التفريط بالمكاسب التي تحققت حتى الآن في هذه العملية، لا بل كان يتحضّر لعملية الترسيم البري قبل أن تندلع حرب غزّة. ولكن الموفد الأميركي هوكشتاين لم يتأخر في استئناف مهمته، ووضعها في إطار الصيغة التي تحفظ حقوق لبنان في أرضه وتضمن أمن الحدود الشمالية لإسرائيل.
ولكن، ما هي الاجراءات الأمنية التي ستضمن لإسرائيل عدم قيام الحزب مستقبلاً بتهديد أمنها، وعدم شنّ أيّ هجوم مشابه لما قامت به حركة “حماس”؟
لن يقبل الحزب بانسحاب عناصره وسلاحه إلى ما بعد جنوب الليطاني. ولكن، ستكون هناك صيغة ضمنية بأن تنسحب كتائب معينة ككتيبة الرضوان مثلاً، أو أن يتم إخراج أنواع معينة من السلاح من المنطقة الحدودية. وسيتمّ ذلك بضمانة أميركية تؤمن التزام الحزب بالمعايير الجديدة.
هذه الصفقة التي يُعمل عليها منذ ما قبل حرب غزة، أصبحت ناضجة الآن، لأن إسرائيل تحديداً صارت في حاجة إليها لضمان أمنها، وهي تنتظر الانتهاء من العمليات في القطاع لتظهيرها، بحيث لا يشكل لبنان مصدر خطر عليها بعد الآن. وهذا الجو هو الذي منع الحزب من الانخراط في حرب واسعة ضد إسرائيل تقضي على كل المكاسب التي تحقّقت، وتلك التي سوف تتحقّق.
وسيقبض الحزب ثمن هذه الصفة من خلال تعزيز نفوذه الداخلي في التركيبة اللبنانية، بما يحفظ نفوذ إيران في الوقت عينه طبعاً.
أول الأثمان سيكون في ملف الرئاسة، حيث سيتمكن الحزب من الإتيان بالرئيس الذي يريده، سواء كان سليمان فرنجية أو سواه، طالما أن الرئيس المقبل سيكون تحت عباءة الصفقة. وربما تلمع أسماء جديدة أو ترتفع أسهم قائد الجيش العماد جوزف عون، وهو الإسم المطلوب أميركياً والقادر على إمساك اللعبة الأمنية.
أما ثاني الأثمان، فسيكون عبر الملف الاقتصادي. ويمكن لشركة “توتال” التي أوقفت التنقيب في ظروف غريبة، وأعلنت عدم وجود غاز، أن تعود إلى التنقيب في مواقع جديدة، وأن تعثر على الغاز هذه المرة، والذي سيكون استثماره لصالح الفئة الرابحة والمهيمنة، أي الحزب. كما يمكن للولايات المتحدة أن تخفف من التضييق الاقتصادي على لبنان، بحيث ينخرط صندوق النقد الدولي في إطار خطة التعافي التي ستقرّ، والتي ستُخرج البلاد من أزمتها تدريجاً.
اما بالنسبة إلى المطالبة بنزع السلاح غير الشرعي، على أساس أن عملية التحرير قد تمت بالكامل، فسيكون هناك صيغ عدة مطروحة، من بينها البحث في استراتيجية دفاعية يكون فيها سلاح الحزب وعناصره جزءأً منضوياً ضمن القوات المسلحة اللبنانية. فأين الضير في أن يصبح جزءاَ من الدولة، إذا كان هو من يسيطر على هذه الدولة؟