خاص – كولونا في بيروت: تثبيت التهدئة تمهيداً لمرحلة المفاوضات

خاص – كولونا في بيروت: تثبيت التهدئة تمهيداً لمرحلة المفاوضات

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
18 كانون الأول 2023

بعد شهرين وعشرة أيام على اندلاع حرب غزّة، ما زال “حزب الله” ملتزماً عدم التصعيد  وإبقاء مستوى القصف والعمليات ضمن سقف محدّد. فهو حافظ على ضبط النفس، مع أنّ  القوات الاسرائيلية نفذّت الاجتياح البرّي، وقتلت أكثر من 18 ألف مدني فلسطيني، وتركت وراءها دماراً هائلا، وهي مستمرة في عملياتها حتى سحق “حماس”، كما تقول.

فقد بات واضحاً بعد كل ذلك أن الحزب لا يريد توسيع نطاق الحرب، لأنها ستقضي على الأخضر واليابس في لبنان، وستطيح كل ما حققه من إمساك بالسلطة والمؤسسات.

وأصبحت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، متيقّنة من أن الحزب لن يعمد إلى إعطاء مبرر لإسرائيل لتفجير الوضع. وقد وصلت إلى هذا اليقين بعد سلسلة الاتصالات التي قادتها واشنطن والتحذيرات التي أطلقتها من مغبة توسيع الحرب. ويبدو، استناداً إلى متابعين، أن الرسالة وصلت إلى الحزب الذي يعرف مصالحه ومصالح ايران جيداً.

وبناء على ذلك، تكثفت زيارات الموفدين الاميركيين إلى إسرائيل في الأسبوعين الأخيرين، والتي هدفت إلى كبح جماح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وثنيه عن القيام بعمل متهوّر في جنوب لبنان. وأُرفق ذلك بعرض لحلول دبلوماسية ممكنة، تؤدي إلى تلبية مطلب إسرائيل بتأمين حدودها الشمالية من أي هجوم شبيه بـ “طوفان الأقصى”.  وأبرز الصيغ تلك التي عرضها الموفد الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، والقاضية بترسيم الحدود البرية، بعدما نجح في السابق في ترسيم الحدود البحرية، بما سمح للبنان وإسرائيل بتحديد بلوكات استخراج الغاز التابعة لكل منهما.

وثمّة معلومات تشير إلى أنّ الباب أمام صيغة هوكشتاين مفتوح. ولكن أي بحث جدي مؤجل إلى ما بعد انهاء الحرب في غزّة، والتي يبدو أنها ستطول أشهراً، حسب التقديرات العسكرية الإسرائيلية.

ومن أجل ضمان استمرار بقاء التصعيد في جنوب لبنان ضمن سقفه الحالي، تعمل واشنطن بالتنسيق مع باريس على هذا الخط. وفي هذا الإطار تزور وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إسرائيل ثمّ بيروت، بعد الزيارة الأخيرة للموفد الرئاسي جان إيف لودريان. ويعتبر رئيس تحرير في إذاعة مونتي كارلو الدولية أندريه مهاوج الذي تحدث إلى موقع beirut 24 أنّ “التحرك الفرنسي يأتي في إطار التنسيق مع الولايات المتحدة من ضمن الجهود المشتركة لخفض التوتر. وفيما تتولّى واشنطن الإتصالات مع إسرائيل والعراق، تقوم باريس بالدور نفسه مع الجانب اللبناني”. ويشدد مهاوج على أنّ “الوزيرة الفرنسية لا تتوقع تحقيق نتائج كبيرة لناحية الحصول على ضمانات من الحزب الذي يقرر خطواته المقبلة تبعاً لتطور الوضع الميداني والأهداف العسكرية والسياسية التي يحدّدها محور الممانعة ككل، ولا تعوّل بالتالي كثيراً على تغيير في موقف الحزب. وتبقى الورقة الأساسية التي تملكها باريس، هي ورقة اليونيفيل، حيث تلوّح فرنسا بأن وجود هذه القوات الذي يشكل ضمانة دولية معرّض للخطر. وتنظر باريس في الوقت عينه بارتياح إلى تأجيل تسريح قائد الجيش اللبناني، لأن هذه المؤسسة العسكرية تشكل استمرارية لوجود الدولة في جنوب لبنان”.

وحملت كولونا الآتية من تل ابيب شروطاً إلى الجانب اللبناني من أجل التوصل إلى ترتيبات تمنع الحرب. وأكد وزيرالخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين أن “هناك فرصة لتفادي الحرب في لبنان. وإذا فشل المجتمع الدولي في إبعاد حزب لله عن الحدود، فسنتصرّف لوحدنا”.

ويبدو، حسب مصادر وزارية لبنانية، أنّ الردّ الذي ستحمله كولونا من بيروت يشدد على أن لبنان حريص كل الحرص على تطبيق القرار 1701 بحذافيره. أمّا بالنسبة إلى موقف “حزب الله”، فهو لن يقدم أي ضمانات واضحة. ولكنه سيبقى ملتزماً الضربات المحدودة، ما دامت إسرائيل ملتزمة أيضاً عدم تصعيد الحرب.

وتقول المعلومات إنّ الإبقاء على التهدئة كافٍ في الوقت الحاضر، بما يمهّد الطريق بعد توقف الحرب في قطاع غزّة للبحث في إمكان إطلاق مفاوضات بوساطة أميركية فرنسية حول الحلول الدبلوماسية الممكنة لضبط الأمن على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وتقديم ضمانات لتلّ أبيب. ولا تستبعد المصادر أن يكون “حزب الله” مرناً إزاء عملية ترسيم الحدود البرية، كما كان الحال في الترسيم البحري. فمن مصلحته أن يحافظ على قوته وعلى نفوذه داخل السلطة اللبنانية، لتكون له وحده دون سواه الكلمة الفصل في أي تسويات قد تأتي لاحقاً، وليقبض هو الثمن المقابل.