خاص – قرار مجنون يفجّر الجنوب!

خاص – قرار مجنون يفجّر الجنوب!

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
14 كانون الأول 2023

مع كل يوم تستمر فيه الحرب في غزّة، تزداد احتمالات الانفجار الواسع في لبنان. وفي كل يوم لا يحقّق فيه الجيش الاسرائيلي “انتصاراً حاسماً” في القطاع، يصبح خطر اتخاذ قرار مجنون في الجنوب أقرب إلى الواقع. وقد ظهرت في الأيام الماضية مؤشّرات إضافية غير مطمئنة، وهي زيادة الضغوط على بنيامين نتنياهو من جانب الولايات المتحدة، وأيضاً من المعارضة والرأي العام في الداخل الاسرائيلي.

وأظهرت كلمة الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة إلى العلن الخلاف الذي كان حتى الآن مستتراً بين الإدارة الأميركية ونتنياهو حول الاستمرار في استهداف المدنيين والرؤية للحل السياسي لاحقاً. فقد أشار بايدن للمرّة الأولى منذ السابع من تشرين الأول إلى أن إسرائيل بدأت تفقد الدعم الأميركي والأوروبي بسبب القصف العشوائي الذي تمارسه في قطاع غزّة. كما انتقد الرئيسُ الأميركي بشدّة رفض رئيس الحكومة الاسرائيلية المطلق لفكرة إقامة دولة فلسطينية، معتبراً أنه “لا يمكن لنتنياهو القول إنه لا توجد دولة فلسطينية على الإطلاق في المستقبل”. وأشار بايدن بوضوح إلى مواقف الوزراء المتطرّفين في هذا المجال، داعياً نتنياهو إلى “تغيير حكومته”. وجاء الردّ الاسرائيلي على لسان وزير الخارجية ايلي كوهين الذي قال ان “اسرائيل ستواصل حربها مع حماس بدعم دولي أو من دونه”. ثم تبعه نتنياهو نفسه الذي أكد أن اسرائيل ستواصل حربها على قطاع غزّة حتى النهاية. وشنّ الوزراء الاسرائيليون المتطرفون هجوماً على طرح بايدن لحلّ الدولتين، ووصفوا ذلك بأنه “انتحار”، كما رفضوا إجراء أي تغييرات في الحكومة الحالية التي تدير الحرب.

ولكن كيف ستنعكس هذه المعطيات على لبنان؟

سيشعر نتنياهو بعد كلام رئيس الأميركي بأن الخناق يشتدّ عليه، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة اظهرت أنه إذا جرت الانتخابات الآن، فهو لن يحصل على الاصوات المطلوبة، وسيصبح خارج السلطة. لذا، فإن ردّة فعله قد تأتي متهوّرة، فيتخذ قرارا مجنوناً بتوسيع الحرب إلى لبنان، من أجل توريط الدول الغربية معه أكثر فأكثر، والاستفادة من الوجود العسكري الأميركي في البحر المتوسط. وبالفعل، صدرت أصوات في اسرائيل تدعو إلى عدم الانتظار، والانتهاء من موضوع لبنان عبر عمل عسكري يؤدي إلى إبعاد “حزب الله” إلى ما وراء الليطاني. وسبق لوزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت أن قال إنه “إذا  لم تنجح المساعي الدبلوماسية في إقامة منطقة عازلة، فإنّ إسرائيل ستنفّذها بالقوة”.

واستناداً إلى تقارير عدد من المحلّلين الغربيين، فإن الوضع في لبنان يقف على خيط رفيع بين التهدئة والانفجار. ولولا الاتصالات المكثّفة التي يجريها مسؤولون أميركيون وفرنسيون وغيرهم يومياً، لما كان الوضع حافظ على نسبة التصعيد المحدودة حتى الآن. وقد عبّر منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي عن القلق الكبير في شأن اتساع النزاع، مشددا على أن واشنطن لا تريد أن ترى جبهة ثانية بين اسرائيل ولبنان.

ولكن هذه الاتصالات ليست كافية لضمان عدم توسع الحرب. وتطالب إسرائيل بضمانات لتطبيق القرار 1701، لأنها لا تريد أن تختبر تجربة “طوفان الأقصى” من جديد عبر حدودها الشمالية. ويحمل الموفدون الفرنسيون طروحات بإقامة منطقة عازلة أو بنشر قوات فرنسية أو أميركية مع قوات اليونيفيل جنوب الليطاني، مع انّ الجانب اللبناني ينفي وجود مثل هذه الطروحات.

في أي حال، ما الذي سيجبر “حزب الله” على القبول بطروحات كهذه؟

أوساط الحزب ترفض الدخول حالياً في أي تفاصيل حول الترتيبات في الجنوب. وتؤكد أن هذا الأمر سابق لأوانه، ولا حديث في هذا الموضوع قبل انتهاء حرب غزة واتضاح ما ستؤدي إليه المعارك من نتائج. وكل الصيغ والسيناريوات المطروحة مضيعة للوقت، طالما المعارك مستمرة في القطاع.

ولكن ماذا لو جُنّ نتنياهو، واتخذ قراراً بهجوم واسع على لبنان على طريقة “عليّ وعلى أعدائي”؟

الأميركيون سيكثفون اتصالاتهم. ويصل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى تل ابيب في محاولة جديدة لثني نتنياهو عن أي عمل متهور. وسيحاول تعزيز الجناح الإسرائيلي الذي لا يرى منفعة الآن من توسيع الحرب إلى لبنان. وتعمل الولايات المتحدة بالتوازي على حل دبلوماسي، يضمن أمن إسرائيل ويجنّب لبنان الحرب، من خلال أفكار يحملها الموفد آموس هوكشتاين تقوم على عقد صفقة وترسيم الحدود البرية. ولكن هذه الأفكار لن تلقى طريقاً إلى النقاش في الوقت الحالي، وستُترك إلى ما بعد الحرب للتأكد من مدى التجاوب معها.