بكتيريا «المايكوبلازما» تغزو الصين ودولاً أخرى: حقاً لا داعي للهلع!
لأعداد الضخمة من الإصابات بالتهابات الجهاز التنفسي في الصين دبّت الذعر في أنحاء العالم من تفشي جائحة جديدة، وذكّرت بكابوس «كورونا» الذي اجتاح الكرة الأرضية. لكنّ الخبراء يؤكّدون أنّنا لسنا أمام جائحة مماثلة، وأنه حقّاً لا داعي للهلع
الجواب «المطمئن» لم يلغِ حال الهلع، فهل من داعٍ لهذا الشعور لبنانياً؟
«الجواب لا»، بحسب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية النائب عبد الرحمن البزري. وما يحدث في الصين لا يوجب قرع جرس الإنذار في لبنان. إذ ثمة أمر أساسي يستند إليه الأطباء والاختصاصيّون بأن ما يحدث في الصين لا يؤسّس لجائحة جديدة، انطلاقاً من أن بكتيريا «مايكوبلازما ليست كورونا». ولذلك أياً كان الواقع الجديد، فهو مختلف كلياً عما كان عليه أثناء أزمة «كوفيد».تكثر الأسباب التي تجعل من الـ«مايكوبلازما» حدثاً مرضياً عادياً، خصوصاً في ما يتعلّق بعوارضه الشبيهة بالإنفلونزا الموسمية ومسألة علاجه والتعامل معه. فهو على خلاف الأمراض الانتقالية الأخرى التي تحوّلت إلى أزمات، يسهل التعامل معه، باعتبار «أننا نعرف ما هي هذه البكتيريا وما هو الدواء»، بحسب الدكتور سليم أديب، المتخصّص في علم الوبائيات. ولذلك يُعدّ من «الأمراض الاستشفائية» التي تُعالج. أضف إلى ذلك أن الـ«مايكوبلازما» ليس سهل الانتقال، فرغم أنه ينتقل عن طريق الرذاذ والاختلاط، كما الكورونا والإنفلونزا، إلّا أنّه «يحتاج إلى وقتٍ طويل من الاختلاط كي ينتشر بين الأشخاص»، بحسب البزري.
لبنانياً، يحسم البزري الموقف: «لا يوجد سبب لنخاف». ومن بين العوامل التي يتحدّث عنها في سياق الطمأنة أنّ الـ«مايكوبلازما» تزيد فرص ظهورها كلّما زادت نسبة الفيروسات والميكروبات، وهو ما حدث في الصين. ويوضح البزري أنّ ظهور الـ«مايكوبلازما» ارتبط بشكلٍ مباشر بأن الصين «كانت آخر من فكّ الإجراءات المرتبطة بكورونا، وما إن تخلّص الناس من الكمامة حتى بدأت الفيروسات المكبوتة بالظهور دفعة واحدة ما سرّع تكاثر المايكوبلازما، مع الأخذ في الحسبان أنّ مناعة الأشخاص كانت منخفضة بعد مدّة طويلة من الإجراءات الحمائية». وهذا ما لا ينطبق على الواقع اللبناني، ولا سيّما أن وحدة الترصد الوبائي، بحسب أديب، لم تلحظ اختلافاً في نسب حالات الصعوبات التنفسية هذا الفصل عن المدّة نفسها من العام الماضي من جهة، كما أنه «لا نشاط على صعيد فيروس كورونا، وحتى حالات الإنفلونزا منضبطة وضمن معدّلاتها الطبيعية». يضاف إلى ذلك أن الـ«مايكوبلازما»معروفة تاريخياً في لبنان، وطريقة التعامل معها بعد التشخيص هي إعطاء العلاجات، «وهي عبارة عن أدوية التهابات متوافرة ومعروفة».
مع ذلك لا يلغي مناخ الطمأنينة بعض المحاذير، خصوصاً أن الـ«مايكوبلازما»يتشابه في العوارض مع أنواعٍ أخرى من الفيروسات، ويصعب تالياً تحديد هويته بشكلٍ سريع، إذ إنّه يتمتّع بـ«ميزة» تجعل منه بكتيريا غير كلاسيكية، «لكونها تأتي من دون جدار، ولذلك لا يمكن كشفها بالفحوص الشائعة المعروفة»، بحسب أديب. ولذلك لا يجري التفكير بها إلا بعد أن «نجري كل الفحوص لنلغي كل الاحتمالات السابقة، قبل أن نبدأ بالفحوص الخاصة بها والمعقّدة بعض الشيء ليتم التشخيص، ثم العلاج». ورغم سهولة وتوافر العلاج، إلّا أنّ التأخر في التشخيص قد يؤدي إلى تفاقم الحالات. والخوف الأكبر هنا على الأطفال وكبار السن،ثم من يعانون أمراضاً مزمنة، كونهم الأكثر حساسية للفيروسات والميكروبات والأكثر استعداداً للإصابة بالتهاب رئوي شديد. وبحسب أديب، يفترض العودة إلى بعض الإجراءات «ولو من باب الاحتياط»، خصوصاً أن «المايكوبلازما من الأنواع التي تزيد في فصل الشتاء وإن كانت ليست موسمية كالإنفلونزا». ولذلك «مش غلط نرجع نلبس كمامة أو نعزّز من إجراءات النظافة، وفي حال الشعور بأن أحد أفراد العائلة وتحديداً الأطفال، مصاب ببعض العوارض مثل صعوبة التنفس والعطس والحرارة أن يبقى في البيت ويتجنب الاختلاط».