خاص – معركة خان يونس تحسم اتجاه الحرب؟

خاص – معركة خان يونس تحسم اتجاه الحرب؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
7 كانون الأول 2023

مع اشتداد الضغوط الأميركية والغربية للإسراع في إنهاء الحرب في غزّة ووقف شلّالات الدم الفلسطيني، تعمل تلّ أبيب من أجل تحقيق “انتصار” محدّد وحاسم قبل البدء في بحث الحلول الأمنية والسياسية في القطاع. فبعد شهرين على اندلاع الحرب، لم تتحقق الأهداف التي أعلنتها الحكومة الاسرائيلية عند انطلاق الردّ على عملية “طوفان الأقصى”، وهي تحرير جميع الرهائن وسحق حركة “حماس”. ولكن ما “تحقق” هو مجازر في حق المدنيين والأطفال، خلّفت حتى الآن ما يفوق الـ 15 ألف قتيل وعشرات آلاف الجرحى، وهجّرت سكان الشمال جنوباً، وتركت دماراً هائلاً أشبه بالدمار الذي تسبّبه الزلازل.

عندما سرت هدنة الأيّام السبعة الأخيرة، وجرى تحرير عدد من الرهائن، تكثفت اتصالات الإدارة الأميركية ومعاوني الرئيس جو بايدن تحديداً ببنيامين نتنياهو من أجل إقناعه بإطالة أمد الهدنة والتوجه إلى البحث في الحلول غير العسكرية. لكن نتنياهو، على العكس من ذلك، سارع بعد انتهاء الهدنة وعدم تمديدها إلى سحب المفاوضين في ملف الرهائن من قطر، واستأنف عمليات القصف العنيفة على غزّة، ضارباً عرض الحائط كل المطالبات الأميركية بأخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.

ويقول محللون في واشنطن إنّ الإدارة الأميركية هي التي أذعنت عملياً لما تريده تل أبيب، و”أعطتها مهلة” إضافية لشهر أو أكثر، حتى تتمكّن من تحقيق أهدافها العسكرية بسحق “حماس”. ولكنها حاولت وضع ضوابط تتعلق بالمدنيين. إلّا أن ما يجري في الميدان لا يوحي باتباع اسرائيل لهذه الضوابط. ويرى هؤلاء المحللون أنّ نتنياهو يريد الاستفادة إلى أقصى حدّ من زخم العملية العسكرية الجارية الآن ومن التغطية التي يؤمنها وجود حاملات الطائرات الأميركية في المنطقة، لحسم الوضع في غزّة وربّما في لبنان كذلك. وأعلنت وزارة الدفاع الاسرائيلية أن 200 طائرة حملت إلى اسرائيل حتى الآن معدات وسلاحاً ومركبات أميركية، تقدر بأكثر من 10 آلاف طن.

وعليه، لن يقبل نتنياهو بالانتقال إلى المرحلة الدبلوماسية قبل تحقيق “انتصار”. وهو يعتقد أن الهجوم البرّي على خان يونس والقضاء على قادة “حماس” الموجودين في المدينة سيحقق له “الانتصار” المنتظر. وعندها يمكنه أن يفاوض من موقع قويّ وأن يفرض شروطه. لذا، صوّر الهجوم البري على خان يونس بأنه الطريق للقضاء على “حماس”.

فهذه المدينة هي ثاني أكبر مدينة في القطاع من حيث المساحة وعدد السكان بعد مدينة غزة، وهي مسقط رأس زعيم الحركة في القطاع يحيى السنوار، أحد أبرز المطلوبين لدى اسرائيل، والذي يُعتقد أنه المسؤول عن عملية “طوفان الأقصى”. كما تقدر اسرائيل أنه يدير المعارك من داخل الأنفاق أسفل خان يونس، حيث مقر القيادة، مع رئيس كتائب القسام الذراع العسكرية للحركة محمد الضيف.

ولكن معركة السيطرة على خان يونس، حسب تقديرات خبراء عسكريين، لن تكون سهلة. فهناك كثافة سكانية كبيرة، وسيكون من الصعب خرق شبكة الأنفاق. وقد تحتاج هذه المعركة إلى وقت يتجاوز الشهرين. ولكن الحكومة الاسرائيلية تعتبر أن دخول خان يونس أمر حاسم لا مفر منه. إذ إن توقف المعارك قبل مهاجمة المدينة يعني أن الحركة ما زالت صامدة ويمكنها الوقوف من جديد. لذا يتوقع الخبراء أن تشهد المنطقة معارك ضارية جداً من أجل إجبار قادة “حماس” والعناصر على الخروج من الأنفاق للقتال أو الاستسلام. وما يزيد المشهد تعقيداً وجود الأسرى الذين سيكونون معرضين للموت من جراء المعارك.

فإذا ما تمكنت اسرائيل من حسم المعركة في خان يونس وتفكيك البنية العسكرية لـ “حماس”، تكون قد حققت هدفاً كبيراً. ويمكنها حينذاك الانتقال إلى البحث في اليوم التالي في غزّة. وستضع على الطاولة مطالب بإقامة منطقة أمنية واسعة حول القطاع، وتسليم إدارته لسلطة جديدة، ربما بإشراف دولي أو عربي. وستكون المرحلة الثانية بالنسبة إلى اسرائيل ضمان الأمن لحدودها مع لبنان، واتخاذ تدابير لتحقيق ذلك، وأفضلها تطبيق القرار 1701 وتقديم ضمانات للالتزام به.

أمأ بالنسبة إلى الحل السياسي، فليس مضموناً التوصل إلى صيغ تحفظ تطلعات الشعب الفلسطيني، من مثل اعتماد حل الدولتين أو مقررات القمة العربية في بيروت.