حصاد اليوم- وساطة فرنسية مع خطة سياسية- اقتصادية لإبعاد “الحزب” الى ما وراء الليطاني وفق ال1701
يومًا بعد يوم تتضح ملامح طبخة التسوية المرتقبة بين “حزب الله” واسرائيل، والتي يتولى الطباخ الفرنسي بمواكبة عربية ودولية إعدادها على نار هادئة، على غرار نار المواجهات الهادئة على الحدود الجنوبية، وإن لامست حدود الخطر في بعض الاحيان. وبينما شيّعت المؤسسة العسكرية أول شهيد لها بعد طوفان السابع من تشرين الأول الفائت الرقيب عبد الكريم المقداد، سارعت اسرائيل الى ما يشبه الاعتذار عن قصفها موقع الجيش في العديسة، وقالت “إن جيش الدفاع يتأسف للحادث ويقوم بالتحقيق في ملابساته”، فيما اوعز وزير الخارجية عبدالله بوحبيب الى بعثة لبنان لدى الامم المتحدة بتقديم شكوى جديدة الى مجلس الامن الدولي بهذا الخصوص.
وفي ردود الفعل، سارعت فرنسا الى التنديد بالعملية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان اوردته “وكالة الصحافة الفرنسية”: “تعرب فرنسا عن قلقها العارم إزاء مواصلة المواجهات على الحدود اللبنانية مع إسرائيل. وتشجب القصف الإسرائيلي الذي أودى بحياة أحد أفراد القوى المسلّحة اللبنانية. وتتقدم بالتعازي الحارّة لذويه”. وتابع: “وتعرب فرنسا مجدّدًا عن دعمها للجيش اللبناني الذي يضمن وحدة البلاد واستقرارها. وتذكّر بحرصها على سيادة لبنان وتنفيذ جميع الأطراف المعنية قرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تنفيذًا كاملًا”. وختم:”يتعيّن على جميع الأطراف ممارسة أقصى درجات ضبط النفس من أجل تجنيب اشتعال الوضع الذي لن يمكن للبنان أن يتعافى منه. وتهدّد هذه المواجهات أمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان التي يكتسب الحفاظ على قدرتها على العمل وأمنها أهميّة جوهريّة”.
الوساطة الفرنسية
ويتزامن موقف الخارجية الفرنسية مع وصول وفد فرنسي رسمي إلى تل أبيب للتداول معها في تحقيق هدنة مع “حزب الله” توقف التراشق الصاروخي القائم حالياً وتمنع التدهور إلى حرب شاملة. وتحدثت أنباء نقلا عن مصادر إسرائيلية بأن مهمة الوفد جاءت بموافقة الطرفين ومعرفة الحكومة اللبنانية، التي ستكون الجهة الرسمية في هذه الهدنة، التي تشترط إسرائيل أن يعلن “حزب الله” رسمياً وعلنياً قبوله بها، وأن تنفَّذ في وقت قصير.
ويقول الإسرائيليون إن مفاوضات أوّلية جرت بينهم وبين “حزب الله” بوساطة فرنسية. وقد طلبت إسرائيل إبعاد “الحزب” إلى ما وراء نهر الليطاني، لكنه رفض هذا الطلب بشكل قاطع. وحسب الفرنسيين فإن المحادثات الأولية تشجع على المضي قدماً في المفاوضات لأنها لمست أن “حزب الله” يمكن أن يوافق على حزام أمني لا يتخطاه ولكن ليس عند الليطاني، كما لمست أن إسرائيل أيضاً مستعدة لانسحاب “حزب الله” إلى الوراء لمسافة أقصر من الليطاني.
وتقول مصادر فرنسية إن هذه الهدنة تترافق مع خطة دعم اقتصادي للبنان تحل أزمته الاقتصادية، وتساهم في تسوية القضايا العالقة في لبنان، مثل انتخاب رئيس جديد وتعيين قائد للجيش. وحسب مصادر فرنسية فإن الولايات المتحدة وعدة دول عربية شريكة في وضع هذه الخطة ومستعدة لدعمها.
وفي السياق نفسه، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير الدفاع يوآف غالانت قوله: “سنبعد حزب الله وراء نهر الليطاني عبر تسوية دولية استنادا لقرار أممي. وإذا لم تنجح التسوية الدولية فسنتحرك عسكرياً لإبعاده عن الحدود”.
التطورات الميدانية
في التطورات الميدانية، نفذ الطيران الاسرائيلي المسيّر غارة استهدفت المنطقة الواقعة بين بلدتي مارون الراس ويارون بصاروخ موجه وتزامن ذلك مع قصف مدفعي على المنطقة نفسها. كما افيد عن سقوط إصابات إثر إستهداف الجيش الإسرائيلي منزلاً في بلدة ميس الجبل. واستهدف الجيش الاسرائيلي بالقذائف المدفعية اطراف بلدات الفرديس- راشيا الفخار – مزرعة حلتا خراج كفرشوبا ومزرعة السلامية خراج بلدة الماري قضاء حاصبيا. وتعرض محيط بلدة طيرحرفا وشيحين لقصف مدفعي. وتعرضت اطراف بلدات عيتا الشعب، كونين، يارون، مارون الراس، و بليدا لقصف مدفعي اسرائيلي. ولاحقا افيد عن تعرض اطراف بلدات رامية، عيتا الشعب وبيت ليف، كما أطراف بلدتي بليدا وعيترون والمنطقة الواقعة بين بلدتي مركبا وحولا لقصف مدفعي اسرائيلي.
في المقابل، اعلن “حزب الله” في بيانات متلاحقة استهداف مواقع الرادار، ورويسة القرن في مزارع شبعا، والضهيرة، وحدب البستان بالأسلحة المناسبة وتحقيق اصابات مباشرة. كما اعلن إستهدفنه تجمعين لجنود الإحتلال الإسرائيلي، الاول في موقع جل العلام والثاني في كرم التفاح قرب ثكنة ميتات.
“طوفان لبنان”
في الاثناء، بقيت تطوّرات الجنوب واعلان حركة “حماس” تشكيل “طلائع طوفان الاقصى في لبنان”، في الواجهة. وفيما اكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ان بيان حماس “غير مقبول لا شكلًا ولا مضمونًا وهو يمسّ بالسيادة اللبنانيّة كما يحاول من جديد الإساءة إلى العلاقة بين اللبنانيّين والفلسطينيّين مطالبا الحكومة بوضوح شديد بالضغط على “حزب الله” لوقف كل هذه المهزلة، حضرت القضية نفسها اضافة الى مسألة الشغور الذي يتهدد قيادة الجيش، في الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة في بكركي. فقد شجب الآباء “أن تنفتح جبهات جديدة في جنوب لبنان لأيّ فصيل من الفصائل الفلسطينيّة لأنّه إنتهاكٌ لسيادة لبنان كدولةٍ مستقلّة. كما اعتبر الآباء أنّ الدولة اللبنانيّة التي من حقّها الحصريّ أن تأخذ قرار الحرب والسلم، يجب أن تكون مكتملة الأوصاف بمؤسّساتها الدستوريّة، وأن يكون لديها أداة ٌ فعّالة للدفاع عن البلاد وأهلها. وهذا دور الجيش الذي ينبغي أن يُحافظ عليه كمؤسّسة دستوريّة أساسيّة، ويساند في وحدته وقيادته والثقة به، ولا يُسمح للفراغ أن يهدّد مراكز القيادة فيه.
وأعرب الآباء عن خشيتهم أن يؤدّي تغييب رأس الدولة الى مزيد من الإستفرادات بقرار الحرب باسم لبنان، وإلى شلّ الجيش، والعبث بالقرار 1701، واستعمال لبنان كساحة في صراعات عسكريّة إقليميّة وفتح حدوده وساحته مجدّداً أمام السلاح غير اللبنانيّ. كلّ ذلك هو خروج فاضح على الميثاق وعلى اتّفاق الطائف الذي أعاد السلم الداخلي والخارجي إلى لبنان. وهم يطالبون بكلّ إلحاح دولة رئيس المجلس النيابيّ والسادة النوّاب بانتخاب رئيسٍ للدولة يملأ الفراغ في السدّة الأولى. كما يطالبون دولة رئيس الحكومة بشجب هذه التعديات والتصدي العاجل والحازم لها”.
الراعي الى الجنوب
الى ذلك، أعلن المركز الكاثوليكي للإعلام أن “البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سيقوم الخميس بزيارة تضامنية إلى الجنوب على رأس وفد من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك يرافقهم الأمين العام للمجلس الأب كلود ندره للتعبير عن تعاطفه مع الجنوبيين والنازحين”.
ملف التمديد
وبينما تنتظر الساحة اي خطوة وزارية او حكومية في ملف قيادة الجيش، إجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي مع وزير السياحة وليد نصار الذي قال بعد اللقاء: في ما يتعلق بالاستحقاقات الدستورية والادارية الداهمة ولا سيما منها موضوع قيادة الجيش، تمنيت على دولته أن تتم مقاربة هذه الاستحقاقات وفق ما ينص عليه الدستور والقوانين النافذة، وعدم اعتماد مقاربات من شأنها أن تولّد سجالا وتباينات نحن في غنى عنها. كما تمنيت على دولة الرئيس ان يصار الى اتخاذ موقف موحّد من مجلس الوزراء برفض انشاء ما يسمى “طلائع طوفان الأقصى”.
الى ذلك، كشف النائب سجيع عطية، في حديث تلفزيوني أنّ “حزب الله اعطى موافقته على التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، وان التمديد حسم، لكن لا نزال ننتظر الآلية لانجازه والتشاور يجري مع نواب الحزب، والأرجحية هي لرفع سن التقاعد في حال انجز التمديد في مجلس النواب وبالتالي تشمل أكبر عدد من الضباط بينهم اللواء عماد عثمان”.