حصاد اليوم- تل أبيب تحمّل الحكومة مسؤولية الجنوب: استشهاد جندي وإصابة 3 بقصف إسرائيلي لمركزهم
الرسالة وصلت. فقد ردّت إسرائيل بسرعة فائقة على إعلان حركة “حماس– لبنان” أمس عن إنشاء ما سمته “طلائع طوفان الأقصى في لبنان”، محمّلة الحكومة اللبنانية مباشرة مسؤولية هذا التطوّر الميداني على الحدود، عبر استهداف الجيش اللبناني وتدفيعه ضريبة الدم. فقد تعرّض اليوم “مركز عسكري للجيش في منطقة النبي عويضة- العديسة لقصف من قبل العدو الإسرائيلي ما أدى إلى استشهاد عسكري وإصابة 3 آخرين، نقلوا إلى أحد المستشفيات للمعالجة”، وفق ما اعلنت قيادة الجيش. وقبل “حماس- لبنان” بساعات كانت حركة “أمل” قد أعلنت استهدافها موقعًا إسرائيليًا، كما دخلت “نسور الزوبعة”- الجناح العسكري للحزب السوري القومي الاجتماعي على الخط، مذكرة بتواجدها العسكري على الحدود لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
فهل خرج الأمر من تحت سيطرة وقيادة “حزب الله” للميدان، أم أن ما يحصل لا يعدو كونه توزيع أدوار بقيادة قائد أوركسترا واحد لا يسمح لأحد، بمن فيهم الحكومة، بمشاركته قرار السلم والحرب؟ الاحتمال الثاني بالتأكيد هو الأقرب الى العقل والمنطق والواقع.
قصف متبادل
في التطورات الميدانية، حلّق الطيران الحربي الاسرائيلي الاستطلاعي، عصر اليوم، فوق القرى المتاخمة للخط الازرق في القطاعَين الغربي والاوسط، بعد إطلاق 10 صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى. كما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية عن رصد نحو 15 قذيفة أطلقت من لبنان على منطقة كريات شمونة ومحيطها، فردّت إسرائيل بقصف مدفعي استهدف محيط بلدات الناقورة وطير حرفا والجبين واللبونة ومناطق جنوبية أخرى.
كما شن الطيران الاسرائيلي غارة على اطراف بلدة زبقين، واستهدف القصف المدفعي المباشر والعنيف اطراف بلدتي يارين ومروحين بالقطاع الغربي. وتعرضت بلدة كفركلا لإطلاق رصاص كثيف من قبل القوات الاسرائيلية طال الاحياء والمنازل. واستهدفت غارة جوية محيط منطقة “الرندا” في بلدة عيتا الشعب. كما تعرضت اطراف بلدة طيرحرفا والجوار والاطراف الغربية لبلدة ميس الجبل لقصف مدفعي. واستهدفت مدفعية الجيش الإسرائيليّ أطراف بلدتي رامية وعيتا الشعب والأطراف الشرقية لبلدة الناقورة، بالاضافة الى أطراف بلدات بيت ليف، وادي حسن، البستان وأم التوت، كما تعرض محيط بلدة مجدل زون لقصف مدفعي مباشر.
بيانات “الحزب”
في المقابل، أعلن “حزب الله” في سلسلة بيانات متلاحقة، أنّه استهدف ثكنة برانيت، وتجمعًا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في خلة وردة، وتجمعاً لجنود الإحتلال الاسرائيلي في موقع رويسة العاصي، وتجمعاً لجنود الاحتلال الاسرائيلي في مثلث الطيحات، وموقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، وموقع بياض بليدا، وموقعي جل العلام والضهيرة، وموقع الكوبرا – جنوب علما الشعب، محققًا إصابات مباشرة بالمواقع المستهدفة.
وفي سياق متصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلية العامة، ليل الاثنين الثلاثاء، بأن “صواريخ انطلقت من لبنان ضربت موقعا عسكريا إسرائيليا كان يفترض بأنه “محصن ومحمي”، مشيرة الى أن أضرارا بالغة لحقت بالموقع.
موجة استنكار
من جهة ثانية، انطلقت اليوم موجة عارمة من التنديد والاستنكار بعد إعلان “حماس” عن تشكيل ما سمته “طلائع طوفان الأقصى في لبنان”، ذلك أن تجربة “فتح لاند” وتداعياتها الكارثية على لبنان ما زالت ماثلة في أذهان اللبنانيين جميعًا، وهم بالتالي لا يريدون تجربتها مجددًا مع “حماس لاند”. ومع ذلك لا تزال الدولة اللبنانية مصممة على ابتلاع لسانها والتعامل مع التطوّر الخطير الذي تمثل في عودة شبح استباحة الجنوب والتفلت المتعدد السلاح والانتماء، وكأن شيئًا لم يحصل.
في غضون ذلك، ذكر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط بأن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قال إن ثمّة جبهة في لبنان مُساندة ل”حماس”. وأضاف جنبلاط: “أنا أقول يجب ألا نُستدرج إلى الحرب بمواجهة إسرائيل وحتى هذه اللحظة ثمّة احترام لقواعد اللعبة”. وتابع: “ثمّة وقف لإطلاق النار جرى في العام 2006 وصدر حينها القرار 1701 وعلينا جميعاً احترام هذا القرار لأن الإخلال به يعني انسحاب القوات الدولية، ونُصبح أمام حالة حرب كاملة، وهذا ليس لصالح لبنان أو القيّمين في لبنان والمنطقة”.
في السياق نفسه، تحدثت أنباء نقلًا عن مصادر دبلوماسية عن أنّ مداخلات أميركية مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي تجدّدت بالتزامن مع الجولة الثانية للحرب الاسرائيلية على غزة، لمنع توسيع دائرة الحرب.، فيما ارسلت باريس اشارات عن قلق متزايد لديها بعد استئناف إسرائيل لحربها في غزة، من انحدار الأمور نحو انفجار مأساوي كبير على جبهة الجنوب اللبناني.
ملف التمديد
وسط هذه الاجواء، بقي ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون في صدارة الاهتمام المحلي، وكان حاضرًا في جميع الاجتماعات واللقاءات السياسية اليوم. وفيما لم يحدد رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد موعدا لانعقاد هيئة مكتب المجلس وسط حالة ترقب من “القوات اللبنانية” وكتل أخرى للبناء على الخيارات التي ستتخذ، لا يزال رئيس المجلس يعوّل على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي التقاه اليوم، للتوصل الى مخرج عن طريق الحكومة. ونقل زوار ميقاتي عنه بانه سيعالج الموضوع بعناية شديدة، مع ابداء كامل حرصه على المؤسسة العسكرية وعدم تعريضها لخضات.
وقبل ان يحدد بري موعدا لعقد هيئة مكتب المجلس، كرّر ان على الحكومة ان تقوم بواجبها في هذا الخصوص وان لا تتلكأ في هذه المهمة رغم الصعوبات التي تعترضها، وان الوقت لا يزال يسمح لها بحسم هذا الموضوع الذي يشكل مادة انقسامية بين الافرقاء حيث لكل واحد حساباته الخاصة وغير المحصورة بمن يكون على رأس قيادة الجيش بل تتعلق ايضا بكيفية التعاطي مع انتخابات الرئاسة.
القمة الخليجية
على صعيد آخر، اختتمت أعمال قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الدوحة بالتاكيد أن قادة دول المجلس “أبدوا بالغ القلق وعظيم الاستياء من العدوان الإسرائيلي السافر ضد الشعب الفلسطيني”، ودانوا “تصاعد أعمال العنف والقصف العشوائي والتهجير القسري للسكان المدنيين وتدمير المنشآت المدنية، في مخالفة صريحة للقانون الدولي”. وثمنوا “جهود الوساطة المشتركة لدولة قطر وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأميركية، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق لهدنة إنسانية في قطاع غزة”، مؤكدين “ضرورة الاستئناف الفوري لهذه الهدنة، وصولا لوقف كامل ومستدام لإطلاق النار، وضمان وصول كافة المساعدات الى غزة”.
وحذر القادة الخليجيون من “مخاطر توسع المواجهات وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط، ما لم يتوقف العدوان الإسرائيلي، مما سيفضي إلى عواقب وخيمة على شعوب المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين”. وأكدوا مواقفهم “الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، ومطالبتهم بإنهاء الاحتلال، ودعمهم لسيادة الشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حقوق اللاجئين، وفق مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية”.