خاص – بايدن يتشدد مع نتنياهو: حان الوقت لوقف الحرب

خاص – بايدن يتشدد مع نتنياهو: حان الوقت لوقف الحرب

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
4 كانون الأول 2023

منذ أن انتهت الهدنة الانسانية في غزة، وتوقفت مساعي الافراج عن بقية الرهائن، ارتفع منسوب التوتر بين البيت الأبيض ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبينما يدعو الرئيس جو بايدن إلى تمديد الهدنة وتخفيف وتيرة استهداف المدنيين، قامت القوات الاسرائيلية بتصعيد القصف على القطاع في الأيام الثلاثة بعد انتهاء الهدنة، ما أسفر عن سقوط عشرات الفلسطينيين بين قتيل وجريح، ليتجاوز عدد الضحايا 15 ألفاً، إضافة إلى عشرات آلاف الجرحى. كما بدأ الأحد هجومٌ بري على جنوب القطاع انطلاقاً من شمال خان يونس. ورفع نتنياهو بالتزامن من وتيرة تهديداته للبنان، قائلاً: “إذا أخطأ الحزب بدخول الحرب فإن لبنان سينتهي”.

في هذا الوقت، كانت الإدارة الأميركية تعمل لاستغلال هدنة الأيام السبعة من أجل إطالة أمد التهدئة، تمهيداً لفتح الباب أمام إمكان البحث في حل سياسي. فهي التي دعمت اسرائيل في شكل شبه مطلق بعد عملية “طوفان الأقصى” تجد نفسها اليوم، أمام الفظائع التي تحصل، غير قادرة على تحمّل وزر سقوط المزيد من الضحايا المدنيين ومن الأطفال وتدمير المستشفيات والبنى التحتية، فيما الوضع الانساني يتدهور في شكل مريع.

لذا، تقول التقارير الأعلامية من واشنطن أن مساعدي الرئيس بايدن كثفوا اتصالاتهم في الفترة التي سادت فيها الهدنة من أجل دفع اسرائيل، بالحد الأدنى، إلى تغيير المسار العسكري الذي تتبعه، وهو المسار الذي يؤدي إلى استهداف المدنيين في شكل غير مسبوق، ويعتمد سياسة التدمير الشامل.

وقد قام وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن بزيارته الثالثة لتل أبيب منذ 7 تشرين الأول، ودعا إلى اتخاذ خطوات ملموسة للحد من الخسائر في صفوف المدنيين وحماية المستشفيات وإدخال المؤن. ولكن، لم يلمس أي استجابة فعلية لما طلبه، باستثناء بعض الكلام الصادر عن مسؤولين عسكريين بأنهم سيحاولون العمل بالنصائح الأميركية. أمّا على المستوى السياسي،  فيبدو أن نتنياهو لا يعير أذنا ًمصغية للاميركيين، بل على العكس من ذلك صعّد الهجمات والتهديدات، محاولاً أن يفرض على واشنطن واقع استمرار الحرب، ولو أن الأهداف العسكرية اليوم بعد دخول شمال القطاع وتهجير سكانه إلى الجنوب باتت بلا أفق، باستثناء أن نتنياهو يريد استمرار الحرب، لأن مجرد توقفها يعني نهاية حياته السياسية.

واستناداً إلى كل ذلك، وبعدما كان الرئيس بايدن أول الداعمين للعملية العسكرية الاسرائيلية، بات بعد قرابة الشهرين على بدئها يريد لها أن تتوقف. وبعد استئناف الهجوم على غزة الجمعة، تحدثت تقارير عن أن بايدن ليس راضياً عن عدم التمكن من تمديد الهدنة من أجل وقف حمام الدم والتفكير في اطلاق مفاوضات. وهوليس في مقدوره أن يتحمّل أمام الرأي العام الأميركي والغربي وزر سقوط المزيد من المدنيين. كما أنه يتعرض لضغوط من الديموقراطيين وحلفاء الولايات المتحدة من أجل وقف الحرب، وهو يتخوف من التأثير السلبي لما يجري في غزّة على حملته الانتخابية بعد عام، خصوصاً إذا طالت الحرب كثيراً.

لكن ماذا يمكن لبايدن أن يفعل إذا استمرت الآلة العسكرية الاسرائيلية في البطش والقتل؟ عملياً، لا يمكنه أن يتخذ أي موقف ضد حليفته الأولى في الشرق الأوسط، خصوصاً في خضم هذه الحرب الدائرة، والتي تعتبرها إسرائيل مصيرية لأمنها. وعليه، فإن الضغوط الأميركية على اسرائيل ستكون بلا أي تأثير، إذا ما قرر نتنياهو التغاضي عن ارادة واشنطن والاستمرار في الحرب.

ولكن، يبدو أن نتنياهو في مأزق حقيقي. فهو لا يريد إغضاب اليمين المتطرف الممثَّل داخل حكومته، بما يهددها بالانفراط، كما أنه في المقابل سيكون محاصراً من الرأي العام الاسرائيلي، وخصوصاً من أهالي الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في يد “حماس”. وتُنظم تظاهرات يومية تدعو الى العمل على تحرير الرهائن واستقالة نتنياهو. وقد ارتفعت وتيرتها بعد الفشل في تمديد الهدنة. وعليه، لا يُعرف كم سيتمكن نتنياهو من البقاء في منصبه، خصوصاً أن المعارضة تحضّر نفسها. وقد أعدّ يائير لابيد، الذي كان رئيسا للوزراء قبل عودة نتنياهو الى ترؤس الحكومة، خطة لموضوع غزة ولبنان بعد الحرب.

اليوم التالي للحرب يهم ّاميركا. وفي حال رحيل نتنياهو وتسلّم لابيد أو سواه من المعارضة رئاسة الحكومة، سيكون أكثر سهولة على الإدارة الأميركية الدخول في بحث الحلّ السياسي والأمني قبل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية.