شيخ العقل: نحن مطمئنون
أشار شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى خلال كلمة ألقاها في مقام النبي أيوب في نيحا الشوف الى “أهمية بناء الدولة بمؤسساتِها، وحماية دستورِها واحترام قوانينِها”، آملا أن “يستشعرَ المسؤولون خطر المماطلة في التجاذب وتفريغ المؤسسات”، ومتسائلاً عن “الميثاقية في شغور بعض المواقع الأساسية من أصحابها الأصيلين، في استباحةٍ موصوفة لا تليقُ بالعدالة ولا تُطمئنُ المواطنين ولا تُعزِّزُ ثقةَ الناس بدولتِهم”.
كما طلب من المسؤولين الروحيين كافة “إصلاح ذات البَين والتلاقي على المصلحة العامة”، متسائلا: “هل من الحكمة أن نَضعَ الهيئة الروحية في مواجهة الزعامة السياسية؟ وهل تجوزُ المقاطعةُ والمجافاةُ ممّن همُ الأَولى بالأُخوَّةِ التوحيديةِ البعيدة عن السياسة؟”.
وشدد أبي المنى على “أننا مطمئنون، والحمدُ لله، بنيّتِنا وبرؤيتِنا وبإرادتِنا وباجتماعِنا، مطمئنون بعلاقاتِنا المتوازنة والمتّزنة مع جميع الطوائف، وبحضورِنا الفاعل على مستوى الوطن وتمثيل الطائفة، فلنكن مطمئنين وأقوياءَ بالثقة الداخلية ونبذِ التفرقة واحترام القانون، فللطائفة مجلسُها المذهبي وقانونُه الرسمي الذي يجبُ أن يُحترَم، ولنا من العقل والحكمة والأناة ما يخوِّلُنا التعاطي الإيجابي مع الواقع ومع الآراء المختلفة والملاحظات البنَّاءة للتقدُّم إلى الأمام، فلماذا نُفسِحُ المجالَ لتشويه الصورة ولتصادم شبابِنا عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي؟ وهل من الحكمة أن نَضعَ الهيئة الروحية في مواجهة الزعامة السياسية؟ أم يقضي الواجبُ المحافظةَ على المهابة الروحية لمشايخِنا الأجلَّاء، والمحصّنةِ بالعلم والعمل والتقوى لتتكاملَ الدعامتان وتقويَّان بعضَهما بعضاً وتحميان الطائفةَ من المخاطر؟ وهل تجوزُ المقاطعةُ والمجافاةُ ممّن همُ الأَولى بالأُخوَّةِ التوحيديةِ البعيدة عن السياسة؟ إننا نوجِّه النداءَ من هذا المكان المبارَكِ لإصلاح ذات البَين والاعتراف الصريح والتلاقي على المصلحة العامة، ففي ذلك نجاحٌ للجميع وتحصينٌ للطائفة، وتحصينُها يكونُ أقوى بوحدة أبنائها وتماسكِهم، وبوحدة المجتمع الديني التي هي أساسُ وحدة الطائفة وقوّتِها. هذا ما نرجوه صادقين وما ندعو إليه مخلصين وما نسعى إليه واثقين”.
وأكد على “إننا، ومن هذه المنطَلَقات والركائز، نرى أنَّه لا بدَّ من تحمُّل المسؤولية والقيام بالواجب، في التربية العائلية أولاً، والمدرسية كذلك والاجتماعية، لغرس بذور العقيدة والإيمان والعرفان في قلوب الناشئة وعقولهم كي لا تتحكَّمَ بهم وتتقاذفَهمُ تياراتُ الإلحادِ والماديَّة، وغرسِ بذور الأخلاق والقيم والفضائل في نفوسِهم كي لا يَضعفوا أمام الأهواء والمُغريات ولمعانِ الشهوات، وغرسِ بذور التعلُّقِ بالأرض وخيراتِها وحُبِّ الوطن الذي شاء القدرُ أن ينتموا إليه كي لا تَسهُلَ أمامَهم دروبُ الإهمال والهجرة والاتّكال على الآخَرين، إضافةً إلى التربية على أهميَّة بناء الدولة بمؤسساتِها، وحماية دستورِها واحترام قوانينِها، دولةِ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، دولةِ المواطَنة لا دولةَ المحاصصة والمحسوبيات، آملينَ أن يستشعرَ المسؤولون خطر المماطلة في التجاذب وتفريغ المؤسسات، ومتسائلين عن الميثاقية في شغور بعض المواقع الأساسية من أصحابها الأصيلين، في استباحةٍ موصوفة لا تليقُ بالعدالة ولا تُطمئنُ المواطنين ولا تُعزِّزُ ثقةَ الناس بدولتِهم”.
وأضاف قائلًا “إننا نُطلقُ دعوتَنا ونداءَنا للمسؤولين ولجميع اللبنانيين ليرتفعوا إلى مستوى هذا الإرث التاريخيّ وليكونوا يداً واحدةً في ردعِ الأيادي الهدَّامة وفي إعادة بناء المؤسسات والنهوض بالدولة. ومن هنا من مقام النبي أيُّوبَ(ع) نُجدِّدُ النيَّةَ والعزمَ للقيام بواجباتِنا في المجلس المذهبي ومشيخة العقل وبدعمٍ دائمٍ ومساندةٍ من القيادة الحكيمة الواعية ودعاءٍ ومبارَكةٍ من مشايخِنا الأجلَّاء، ونحن نُدركُ حجمَ التحديات والملفَّات، أكان على صعيد الوضع الاجتماعي والمعيشي، أم على الصعيد المجتمع الديني وتنظيم المجالس ورعايتِها، أم على صعيد التوعية والتوجيه الديني والنشاط الثقافي، أم على صعيد الاغتراب والحاجة الماسّة لتمتين الصِّلات وحفظِ الهويّة، أم على صعيد الأوقاف واستثمارِها وبناء المؤسسات واحتضان الشباب والاستفادة من اختصاصهم ونشاطهم، أم على صعيد الأسرة التوحيدية والمؤسسة الزوجية وكيفية صونها، أم على صعيد المحاكم المذهبية ورعايتِها، وغير ذلك من المهمات الجسام”.