خاص – ارتفاع حرارة الأرض: الأسوأ آتٍ

خاص – ارتفاع حرارة الأرض: الأسوأ آتٍ

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
18 تموز 2023

يشهد نصف الكرة الأرضية تقريباً موجة حر شديدة، تصل معها الحرارة الى مستويات قياسية بالتزامن في مناطق واسعة من جنوب أوروبا وحوض المتوسط وآسيا والقارة الأميركية. وستشتدّ هذه الموجة خلال الأسبوع الحالي، وقد يستمر تأثيرها إلى آخر شهر تموز، وتمتدّ الى آب في بعض المناطق من العالم. ويتوقع أن تقترب درجات الحرارة، أو حتى أن تتجاوز، الأرقام القياسية المسجّلة، والتي بلغت في أوروبا في العام 2021 مثلا  48.8 درجة مئوية في سردينيا، فيما كان الرقم في وادي الموت في كاليفورنيا 54 درجة مئوية.

ويسيطر على حوض المتوسط حالياً ما يعرف بمنطقة ضغط جوي مرتفع، تتميّز بأن الهواء الأكثر ثقلا ينزل الى مستوى السطح ويسخّنه. وبفعل عامل “القبة الحرارية”، فإن الهواء الساخن يتمركز ولا ينزاح بسهولة. وتشمل هذه الموجة الحرارية دولاً أوروبية كإيطاليا واليونان واسبانيا وجنوب فرنسا، إضافة الى لبنان والدول المجاورة وشمال افريقيا. وقد أطلق على هذه الموجة، نظراً إلى شدّتها، اسم cerberus، وهو في الميتولوجيا اليونانية الكلب ذو الرؤوس المتعددة الذي يحرس أبواب الجحيم.

ويساهم عاملان اضافيان في حدّة الموجة الحالية، هما نشاط ظاهرة النينو الذي بدأ في الأول من حزيران الماضي، وارتفاع معدل حرارة الأرض بفعل الاحتباس الحراري والتغير المناخي الناجمين عن النشاط البشري.

والنينو هوتغيّر دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة في المحيط الهادئ، يؤدي الى تدفق مياه دافئة على السطح قبالة اميركا الجنوبية، ما يدفع كميات كبيرة من الحرارة الى الغلاف الجوي. ويتوقع العلماء أن تستمر ظاهرة النينو الحالية حتى الربيع المقبل، ما  يرجح أن يكون العام 2024 من أكثر الأعوام سخونة في العالم.

يضاف إلى ذلك عامل الاحتباس الحراري الناجم عن النشاط البشري، ما يزيد من احتمالات حصول موجات شديدة الحرّ. ويسجّل معدل حرارة الأرض حالياً زيادة بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق المتوسط الذي سَُجل ما بين العامين 1850 و1900. ويحرص المسؤولون والمهتمون بالمناخ على ألّا تتخطى الزيادة حاجز الـ1.5 درجة مئوية، وهو العنصر الأساسي الذي نصّت عليه اتفاقية باريس للمناخ. ويعتبر العلماء أن ارتفاع معدل حرارة الأرض بمقدار درجتين عن المعدل الذي كان ما قبل العصر الصناعي سيترك آثارا كارثية على الكوكب.

ويؤدي استخدام الوقود الأحفوري من الفحم والبترول في الصناعة والبناء والنقل والزراعة وسواها الى انبعاث غازات بكميات هائلة من ثاني أوكسيد الكربون CO2 والميتان وسواها. وهذه الغازات هي السبب الرئيسي لارتفاع حرارة الأرض وللتلوث في الجو. فقد سجل العام 2020 نسبة تركّز ثاني اوكسيد الكربون في الجو بلغت أعلى بـ48% من المعدل في العصر ما قبل الصناعي.

ومن الأسباب الأخرى لارتفاع الانبعاثات قطع الغابات التي تشكل رئة الأرض عبر امتصاص ثاني أوكسيد الكربون، اضافة الى انبعاث غاز الميتان الناجم عن اتساع تربية المواشي.

ويؤثر التغير المناخي في شكل مباشر على الحياة، إذ سجلت اوروبا على سبيل المثال أكثر من 60 ألف وفاة الصيف الماضي بسبب موجات الحرّ. كما يؤدي الى الجفاف والى نقص في معدلات المياه واندلاع حرائق هائلة ، في موازاة ارتفاع مستوى البحر وحصول فيضانات وذوبان الثلوج القطبية واختفاء التنوع البيئي.

تعمل دول كثيرة على خفض مستوى الانبعاثات، ولكن التنافس السياسي والاقتصادي يجعل من الصعب الوصول الى المستوى المطلوب الذي يحفظ في المستقبل ظروف العيش على كوكب الأرض.

ويبحث علماء اليوم في تقنيات لخلق غيوم حاجبة لأشعة الشمس او لاعادة امتصاص ثاني اوكسيد الكربون الى الغابات او المحيطات. ولكن هذه الأبحاث ما زالت في بداياتها، وقد لا تكون واعدة. لذا فهي لا تغني عن ضرورة بذل المزيد من الجهود لخفض الانبعاثات.