مشروب اللبنانيّين السحري قد يتحوّل الى سمٍّ… ليس كلّ “بلديّ” جيّد
إنّه رفيق المازة اللبنانيّة، المشروب الشفّاف السحري الذي يتحوّل الى اللون الأبيض عندما “يُكسر” بالماء، ومعه تطيبُ وتحلو الجلسات، وعند صناعته يجتمع الأصحاب حول الكركة لساعات طويلة بانتظار القطرات البلدية التي تُسكر العقل والقلب معاً.
تدخلُ صناعة العرق في صلب التقاليد اللبنانيّة، وقد دخل أخيراً في وصفات “كوكتيل” كحوليّة لتشجيع الأجيال الجديدة على استهلاكه.
مشروبٌ لا يخلو أيّ بيت لبناني منه، وكأنّه دواء يتنافس محبّوه على صناعته ويتباهون بـ”العرق البلدي” الأطيب الذي لا مُنافس له على رفوف المتاجر. ولكنّ الحقيقة هي أنّ بعض ما يُسوَّق من “عرق بلدي” هو بالفعل سائل ضارّ قد يؤدي الى مشاكل صحيّة خطيرة… فماذا يحصل في سوق الكحول؟
يشرحُ صاحب واحدة من أكبر خمارات النبيذ في لبنان ومُصنّع لمشروب العرق جو توما أنّ العرق البلدي “يُباع بين الأفراد وفي بعض المناطق على أساس أنه أهم وأجود من الأنواع الموجودة في السوق، في وقت تُسجَّل فوضى عارمة في صناعته، وما يحصل هو تسويقٌ مضلّل لبعض ما يُباع من كميّات بين الأشخاص وحتى في بعض المطاعم التي تتباهى بعَرَقها”، مضيفاً، عبر موقع mtv: “هناك معايير محدّدة لصناعة العرق البلدي، وليس كلّ من أقام جلسة كركة يعرفُ كيف يصنع هذا المشروب، إذ إنّ العرق الجيّد يجب أن يُكرر أقله 3 مرات وفي بعض الأحيان حوالي 5 مرّات ليُستخرج السائل الأكثر جودة”، محذّراً من “مادة الميثانول الموجودة بكثرة في بعض أنواع “العرق البلدي” والتي تؤدّي الى التسمّم والهلوسة والى أضرار في الدماغ وصعوبات في الرؤية وأوجاع في الرأس في أحسن الأحوال”.
وينصحُ توما المواطنين “بالتأكد من مصدر وطريقة تصنيع العرق البلدي قبل تناوله، والأنسب قد يكون شراء العرق من علامات تجاريّة معروفة لأنّ لبنان مُصدّرٌ أساسي لهذا المنتج الى عددٍ كبيرٍ من الدّول، ولا يُسمح بتصديره قبل فحصه في المختبرات للتأكد من أنه يُراعي مواصفات الجودة، من هنا تكون الثقة فيه أكبر”.
أما رئيس نقابة منتجي الكحول والخمور والمشروبات الروحيّة في لبنان كارلوس العظم، فيُشير من جهته الى أنّ “العرق اللبناني يتميّز بتراث عريق ومعرفة طويلة وبصناعته من موادّ أوليّة من النوع الممتاز إن من ناحية اليانسون الشاميّ أو العنب المرواح والعبيدي، فضلاً عن الخبرة في التقطير”، مشدّداً، في مقابلة مع موقع mtv على أنّ “أهم معيار عند اختيار العرق المناسب هو المرجعية والجهة المصنّعة له”، مُردفاً “كلّ منتج لا يحمل إسم أو مرجع المشروب فيه شكّ حول نوعيّته، لذا من الضروري قراءة المعلومات على الورقة الملصقة على كلّ زجاجة”.
ويختمُ العظم بالقول: “اللافت هو أنّ مطاعم لبنانية تُقدّم ما يُعرف بالعرق البلدي، وهو فعلياً غير معروف المصدر والنوعيّة وانعكاساته على الصحّة ويُضارب على الصناعة الوطنيّة”.
ليس كلّ ما يُسوَّق في لبنان من عرق على أنّه “بلدي” هو بالفعل أصيلٌ وممتاز النوعيّة… لذا تحرّوا جيّداً قبل شراء مونتكم منه كي لا يتحوّل السحّر الى سُمٍّ قاتل!