اقتراح قانون مراد… بازار للأقساط المدرسية!

اقتراح قانون مراد… بازار للأقساط المدرسية!

الكاتب: ابراهيم حيدر | المصدر: النهار
31 ايار 2023

لجأت غالبية المدارس الخاصة إلى دولرة الأقساط. التسعير بالدولار يمكن أن يفجر أزمة كبرى مع بداية السنة الدراسية المقبلة، ستترك تداعياتها على القطاع لسنوات. التعليم الذي يعاني منذ أربعة أعوام بفعل الانهيار والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وجائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت، تراجع كثيرا، خصوصاً مع تدني معايير الجودة وهجرة الاساتذة، تضاف اليها مشكلات التعطيل والاضرابات والمقاطعة في الرسمي. لكن الأخطر هو تفلت الامور في الخاص، مع الأقساط الدولارية العشوائية، إذ سنكون أمام كارثة في حال بقيت الأمور بلا معالجة حقيقية تتولاها وزارة التربية مع مختلف المكونات بمساهمة اساسية من لجنة التربية النيابية لتقليل الخسائر واستباق أزمة كبرى متوقعة بعد انجاز الامتحانات الرسمية.

قدم رئيس لجنة التربية النيابية حسن مراد إقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل القانون 515 الذي ينظم موازنات المدارس الخاصة “يقضي بوقف العمل إستثنائياً ولسنة واحدة بفقرة من المادة 2 الواردة بالقانون 515 /96″، معتبراً أن هذا هو المدخل لضبط التفلت في الأقساط. وعلى اهمية هذه المبادرة، إلا أنها قاصرة عن مواجهة الأزمة بشموليتها، طالما أن الاقتراح يطال فقرة واحدة يُفهم منها أنها للاطاحة بلجان الأهل المنتخبة وفرض انتخابات جديدة قبل نهاية تشرين الاول المقبل.

تعديل القانون 515 ليس مسالة تقرر على عجل، ولا يقتصر الامر على فقرة واحدة، إذا كان الهدف فعلاً ضبط التفلت وتحقيق العدل في تحديد الأقساط ومنح المعلمين في الخاص حقوقهم والاخذ بالاعتبار استمرارية المدارس. وإذا كانت هناك اسباب موجبة لتعديل قانون يحدد مصير التعليم الخاص، فإن الأمر يجب أن يرتبط بالجدوى وقياس إمكان تحقيق المبتغى بالعدالة المنشودة بين المكونات التربوية، والاهم أن يُدرس التعديل في شكل شامل.

تبدو التعديلات الواردة في اقتراح القانون وكأنها تنظم عروضاً للاقساط للتخفيف من تغولها، فيما المطلوب تشريع واضح يقلل من تداعيات الازمة واحتمالاتها للسنوات المقبلة وليس لسنة واحدة. أما الوجه الآخر في التعديل، فهو منح لجان الاهل سلطات شبه مطلقة، وتنص على عدم قبول موازنة من دون موافقة 75 في المئة من أعضائها في كل مدرسة. هذا يعني تشريع الفوضى والخلافات في غياب مجالس العمل التحكيمية وتحول الأمر إلى بازار في تحديد الأقساط، ويلغي في الوقت نفسه دور التربية ويفرض عليها شروطاً مسبقة. هذا البند يحمل مخاطرة كبيرة ايضاً، إذ أن في امكان المدارس الالتفاف على هذه العملية والاتيان بلجان معلبة وتابعة. وكان حرياً بمعدي الاقتراح أن يبحثوا عن نقاط التوازن في تحديد الأقساط كي لا تذهب الأمور إلى الفوضى.

ثمة نقاط مدرجة ايضاً في الاقتراح حول تحديد الأقساط ورواتب المعلمين، تفنح بازاراً في المدرسة ذاتها، منها ما ورد في الفقرة 4 وهي أن تلتزم المدارس “بتعديل رواتب المدرسين المسجلين لديها على الا تقل نسبة الراتب الشهري لكل مدرس عن 25% من قيمة القسط بالعملة التي يكون محدداً بها”. هذا الأمر سيفتح معركة بين لجان الأهل والمعلمين واللعب على وحدة التشريع. أما في تحديد القسط المدرسي، فينص الاقتراح أن يكون مماثلاً للعام الدراسي السابق، وهذا يفتح على جدل لا ينتهي حول قيمة العملة ويؤدي إلى اختلالات في التعليم الخاص.

اقتراح القانون يظهر بالتسرع في اعداده، فيما على وزارة التربية أن تتولى الأمر بوضع يدها على كل العملية وضبط التفلت باجراءات وقائية وقرارات تحد من الفوضى، إلى أن يُعد مشروع شامل يحقق المساواة بين الجميع.