600 ألف سوري إلى المدارس… الدمج خطر داهم!
لم تعد المدارس اللبنانية قادرة على استيعاب المزيد من التلامذة السوريين النازحين، الذين ارتفعت أعدادهم خلال السنة الدراسية الحالية إلى 180 ألفاً في التعليم الرسمي وحده في دوامي قبل الظهر وبعد الظهر. تصر الجهات المانحة على ضرورة تسجيل كل التلامذة في المدارس، وتشترط ذلك لمواصلة الدعم، مع دمج التلامذة اللبنانيين والسوريين في دوام قبل الظهر بدءاً من السنة المقبلة، وهو ما واجهته وزارة التربية بالرفض، باعتبار أن الدمج يحمل مخاطر كبيرة ولا يعيد النازحين إلى بلدهم.
تشير الإحصاءات إلى تدفق مزيد من التلامذة النازحين إلى المدارس، مستفيدين من الدعم المقدّم من الجهات المانحة. وبينما تسعى وزارة التربية إلى خفض الأعداد في دوام قبل الظهر، البالغ عددهم نحو 30 ألفاً وفق إحصاء الوزارة الرسمي، فإن تعامل المنظمات الدولية يدفع التلامذة السوريين للتسجيل في هذه الفترة ويشجّعهم على ذلك مديرو مدارس، إذ كلما ارتفعت أعدادهم تتدفق الأموال من المانحين لصناديق المدارس. فهناك مدارس يبلغ عدد النازحين المسجلين فيها 30 تلميذاً لا يغذّى صندوقها بأكثر من ألفي دولار، فيما وصلت مبالغ إلى صناديق تناهز 150 ألف دولار ثلث تلامذتها من السوريين.
حاولت التربية أن تضبط العلاقة مع الجهات المانحة، إلا أن الطريقة التي يتعامل بها المانحون، تُطرح أسئلة حول ملف تعليم السوريين الذين تزداد أعدادهم. يبلغ عدد التلامذة السوريين الإجمالي لفترة ما بعد الظهر وفق إحصاء التربية 149537، يتوزعون على 350 مدرسة، النسبة الأكبر منهم في محافظة جبل لبنان 37234 تلميذاً، والشمال 28710 تلامذة، الجنوب 18234، بعلبك الهرمل 17676، ثم في النبطية 10385، وبيروت 10096. أما أعداد السوريين في المدارس الرسمية لفترة قبل الظهر، فتبلغ 29545 تلميذاً، موزعين في الشمال 9853، جبل لبنان 5688، الجنوب 3351، البقاع 3138، النبطية 2768، وبيروت 2324.
أما عدد السوريين في المدارس الخاصة، فيبلغ 86158 تلميذاً، النسبة الأكير منهم في جبل لبنان 36346، الشمال 16031، البقاع 12665، بعلبك الهرمل 7340، بيروت 6216، والنبطية 3272.
ويبلغ عدد السوريين في الرسمي والخاص 267 ألفاً، فيما تشير مفوضية اللاجئين إلى أن العدد المسجل لديها 321512، موزعين بين 187 ألفاً في الرسمي و11 ألف تلميذ في الخاص المجاني، و53 ألفاً في الخاص، و6 آلاف ضمن برامج التعليم غير النظامية. وتقدر المفوضية أن عدد السوريين في عمر المدرسة يبلغ 600 ألف تلميذ، نسبة المسجلين منهم في المدرسة 51،80 في المئة.
وعلى الرغم من استمرار منظمة “اليونيسف” في تقديم الدعم، وترميم مدارس رسمية، تراجع التمويل عموماً كثيراً. كان المانحون يدفعون عن كل تلميذ سوري في الرسمي 600 دولار، تراجع هذه السنة وفق المعلومات إلى 140 دولاراً مخصّصة لصناديق المدارس الرسمية، وكلفة التعليم والأجور، وبدل استهلاك مدرسة. لكن الخطير في الأمر هو عدم الكشف عن مبالغ تعليم التلامذة غير النظاميين الذين تتولى مدارس تابعة لجمعيات تعليمهم، وأيضاً هناك مدارس تعلم سوريين بإشراف منظمات مدنية، لا يعلن عن عدد تلامذتها.
من الآن حتى انطلاق السنة المقبلة، تُطرح أسئلة عما إن كانت الجهات المانحة ستتشدّد في شروطها للدمج الذي ترفضه التربية علماً بأن إقبال السوريين على تعليم قبل الظهر يرتفع معتبرين أنه يقدّم نوعية أفضل ومستوى جيداً، إضافة الى زيادة التمويل. لكن الثابت أن لبنان لن يتمكن من مواجهة المشكلة واستيعاب تداعياتها، ما لم تكن هناك خطط تحظى بإجماع لبناني، وتمويل كافٍ لمواجهة التحدّيات. ويدفع لبنان ثمن إدارته العشوائية لموضوع النازحين ليصبح قضية تستعصي على الحل ولا يمكن أن تشكل إدارتها اللبنانية نموذجاً يُحتذى، في ضوء الخلافات والتفكك والفراغ وعدم القدرة على اتخاذ قرار في هذا الشأن.