شقير في القمة الاقتصادية في باريس: لإنقاذ لبنان من أكبر تهديد وجودي له
أشار رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير خلال القمة الإقتصادية العربية الفرنسية في باريس الى ان “المؤتمر يكتسب أهمية إستثنائية لأنه ينعقد في ظروف عالمية إستثنائية وعلى المستويات كافة، جيوسياسية وإقتصادية بدءا بتحديات الطاقة والتضخم الى أزمة المواد الأولية الزراعية والغذائية وصولاً الى إنهيار بنك سيليكون فالي، “لذلك علينا مسؤولية كبيرة أمام مجتمعاتنا لإرساء أرضية صلبة للتعاون المشترك، وهذا يدعونا أيضاً الى مزيد من التفاعل والتعاون وجمع الطاقات وإستكشاف الفرص للإستثمار فيها وتطويرها بما يساهم بتحقيق النمو الإقتصادي المستدام وتحسين الوضع الإجتماعي”.
ورأى شقير أن الإتفاق السعودي – الإيراني “دشن مرحلة جديدة في المنطقة نأمل أن تؤسس للإستقرار والأمن والسلام لدول وشعوب المنطقة ومن ضمنها لبنان”، طالبًا من الجميع وخصوصاً الدولة الفرنسية الصديقة دعم هذا الإتفاق، لأن شعوب المنطقة بحاجة للإستقرار والسلام اللذين يشكلان ركيزة النمو الإقتصادي والإزدهار والرخاء الإجتماعي.
وشدد على أن هذا الإتفاق من شأنه أيضاً تخفيف التشنج والكباش بين القوى السياسية اللبنانية ويفتح المجال وبشكل كبير لإنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية الذي يعتبر باب الحل في لبنان، لافتًا الى انه “لذلك فإن الدول الشقيقة والصديقة للبنان، مطالبة بالمساعدة والدفع للوصول سريعاً الى تسوية تؤدي الى إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، وأعتقد أن الوقت مناسب جداً والفرصة متاحة للوصول الى هذا الهدف”.
وأكد شقير على أن “لبنان يمر في أصعب أزمة إقتصادية، وهي مستمرة منذ نحو ثلاثة سنوات وأربعة أشهر، وقد أصابت بالصميم بلدنا بكل مكوناته، لكن على الرغم من ذلك فإنه حتى الآن لم تتخذ السلطة أي إجراءات فعلية لمعالجة الأزمة ولم تنفذ أي خطة تعافي إقتصادي ومالي تعيده الى طريق التعافي والنهوض. وهنا أساس المشكلة وهي بتخلي القوى السياسية عن مسؤولياتها، وهذا الأمر يؤكد أن أزمتنا في لبنان ليست إقتصادية في الأساس، إنما سياسية بإمتياز”.
واشار الى أنه على الرغم من كل ذلك، فإن القطاع الخاص اللبناني، إستطاع في العام 2022 من تثبيت أقدامه ووقف التراجع لا بل تحقيق القليل من التقدم، لكن ما يخيفنا هو وضع القطاع العام الذي يعاني أصلاً من مشاكل هيكلية وبنيوية زاد من حدتها تضاءل إمكانيات الدولة لتمويله، وهذا ما أدى الى تعطل خدماته وإقفال الكثير من مؤسساته، والخوف بات الآن من حصول إنهيار شامل لهذا القطاع الحيوي”، مؤكداً أنه في العام 2022 استطاع القطاع الخاص تثبيت أقدامه، لكن الحدث الأبرز يتمثل بتوقيع إتفاق ترسيم حدود لبنان البحرية الجنوبية ودخول دولة قطر الشقيقة كمستثمر أساسي في التنقيب وإستثمار النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية الى جانب شركتي توتال انرجي الفرنسية وآني الإيطالية، وهذا بالنسبة لنا تطور إستراتيجي في غاية الأهمية يفتح الآفاق الإستثمارية والإقتصادية بشكل كبير أمام لبنان.
كما طلب من المؤتمرين عقد مؤتمر في لبنان، يخصص لإستكشاف الفرص والإستثمار في لبنان، خصوصاً ان مجالات الإستثمارات واسعة وهي تتنوع بين الطاقة والخدمات والبنى التحتية والصناعة والمصارف وتكنولوجيا المعلومات وغير ذلك، كما أن لبنان وبموقعه المميز وبقطاعه الخاص لا يزال يشكل مركزاً مميزاً للأعمال وصلة وصل مع دول المنطقة.
كما توجه شقير الى الجميع داعيًا اياهم الى “إنقاذ لبنان من أكبر تهديد وجودي له، وهو أزمة النزوح السوري الآخذة بالتعاظم والتي باتت تهدد كيان لبنان بالصميم. فلا يمكن لبلد صغير مثل وطني لبنان تعداد سكانه الآن نحو 4 ملايين نسمة، ان يتحمل أعباء نحو مليوني نازح يتواجدون على أرضه، محذراً من أنه لا يمكن للبنان المنهار، ان يتحمل أعباء واكلاف كبيرة وباهظة جداً نتيجة النزوح. الأخطر من كل ذلك، ان البنية الديموغرافية بدأت تتغير في لبنان، فاللبناني يهاجر فيما يحل مكانه النازح”.
ونبه حول من أن أزمة النزوح معقدة جداً وهوية لبنان وكيانه في خطر شديد وعلى المجتمعين العربي والدولي الإسراع للمساعدة، وهذا الامر ليس فقط بالكلام إنما يجب أن يجسد بأفعال ملموسة وعملية.