حزن الوسّوف وتهافت التّلفزيونات
التلفزيونات العالمية للتعازي بالمشاهير، كانت الكاميرات تصور المشاهد العامة المتاحة للجمهور باحترام كبير للمحزونين. لم تكن الكاميرات تدخل إلى غرف النوم وتقتحم خصوصيات الناس، أو تتربص بالمشاهير لإيقاعهم بالفخ واستنطاقهم في موضوع لا يحتمل الاستنطاق ولا التصريحات.
إنها حرب الرايتينغ بين التلفزيونات التي كسرت كل القواعد المهنية، والأخلاقية في أحيان كثيرة. السبق الصحافي، الذي لم يعد سبقاً صحافياً بل سبق خيل تعدو من دون خيالة، ما عاد فعلاً مهنياً محترفاً يحتاج خبرة ودراية وثقافة ومسؤولية.
في عصر الإعلام الحقيقي كان السبق الصحافي يهز بلداً، أما الآن فيهز خصراً. هذا المطلوب، هز الخصور. سقطت القواعد الصارمة التي كانت تحرس الإعلام من السقطات المهنية، لا بل أصبح السقوط والإسفاف معيار المهنية. اذهب وافعل أي شيء وقل أي شيء واملأ الهواء بالتّرهات. هذا ما نشاهده، ودعك من التعديات على اللغة وعلى الذوق والمشاعر ومن الغباء الذي لا يُحتمل.
من المسؤول؟ هل المراسلون والمراسلات أم المسؤولون عنهم في المحطات؟ كل يتحمل المسؤولية بقدر حجمه وموقعه، والأهم هو فهم الإعلام من منطلق المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية ومن منطلق القواعد المهنية ومن منطلق الذوق العام. الإعلام لعبة ذوق أيضاً.