باسيل وميسي!
يُزَجّ باسم جبران باسيل أينما كان. يُحَمَّل الكثير. ليس بريئاً من كلّ ما يُقال عنه، وليس كلّ ما يُتّهم بارتكابه صحيحاً. “جسمه” بات “لبّيساً”. هذه حال السياسة في لبنان. في التسعينيات من القرن الماضي راجت أيضاً عبارة “القوات إلن يد فيا”.
تصنع السياسة أبطالاً، كما تُدفِع بعض العاملين فيها أثماناً، بعضها من صنع أيديهم وبعضها من صنع الخصوم، وبعضها من سوء الحظّ. ما حصل لباسيل كان خليطاً من كلّ شيء.
وفي عالم كرة القدم ما من كبيرٍ دوماً. فيها نجاحات وخيبات. الكبير اليوم قد يسقط غداً. في الأمس كان يوم سقوط أرجنتين ليونيل ميسي. الأسطورة الذي صنع كلّ شيء في مسيرته الكبيرة، من دون أن يحمل كأس العالم. لا بل كان حضوره في نسخها السابقة خجولاً غالباً، خصوصاً على الصعيد الفردي.
خرج ميسي من المباراة أمام السعوديّة وهو يضع رأسه في الأرض، متجنّباً النظر الى الجمهور، خجلاً وشعوراً بالإهانة. السياسيّون، غالباً، لا يملكون مثل هذا الخجل ولا يشعرون بالإهانة. يكابرون. يصوّرون هزائمهم انتصارات. يبتكرون الحجج. لا يعترف أيٌّ منهم بالخطأ.
في الأمس غضب جمهور الأرجنتين، وهناك من حمّل المدرب المسؤوليّة، وهناك من لام ميسي، بما أنّه النجم الأول في الفريق. أمّا جمهور السياسيّين فلا يحاسب ولا يلوم، بل حبّه للزعيم يدوم. بعضهم كالغنم، عذراً على التعبير.
ولا تنفصل السياسة عن يوميّات اللبنانيّين. مناصرتهم للأندية اللبنانيّة ترتبط غالباً بالانتماء السياسي والطائفي. ومنهم من تحمّس للسعوديّة بسبب السياسة، وشجّع انكلترا ضدّ إيران للسبب نفسه.
وهناك، من المحلّلين، من يقول إنّ ما من بحثٍ جدّي بالرئاسة قبل انتهاء المونديال. ومن الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي من ربط خسارة ايران وفوز السعوديّة بالمشهد السياسي اللبناني! وكما كثر “الثّوار” في مرحلة ١٧ تشرين، وكثر الخبراء بالصحة في زمن كورونا، وكثر خبراء المال في زمن ارتفاع الدولار، يكثر في هذه الأيّام خبراء الكرة…
شعبٌ حيّ، زيادةً عن اللزوم أحياناً. حبّذا لو ينسى السياسة قليلاً ويستمتع بسحر كرة القدم، بل ويأخذ العبر منها. يمكنك أن تخسر في يوم وتربح في آخر. وإن خسرت تهنّئ المنتصر. وإن انتصرت لا تسكر. وإن هُزمت لا تنكسر. واعلم، خصوصاً، أنّ الفوز مستحيل من دون تعاون الفريق. اسألوا ميسي…