إقحام نواف سلام ببازار فرنجية-باسيل: تشويه كل تغيير وإصلاح

إقحام نواف سلام ببازار فرنجية-باسيل: تشويه كل تغيير وإصلاح

الكاتب: منير الربيع | المصدر: المدن
14 تشرين الثاني 2022
يستسهل البعض إطالة أمد الفراغ. هناك من ينظر إليه كفرصة لإعادة فرض شروطه، أو لإعادة تكوين طاولة سياسية يتحلق من حولها مجدداً، في مسار استعادة تحصيل المكاسب. لذلك لا مؤشرات جدية على إمكانية تحقيق أي خرق سياسي في المدى المنظور، على الرغم من كثافة التحركات واللقاءات أو الاتصالات، ومن ضمنها سعي الكتل النيابية إلى التواصل مع بعضها البعض لتحقيق تقارب والبحث في إمكانية التفاهم. وهو ما يقوم به حزب الله مع حلفائه، وخصوصاً تيار المردة والتيار الوطني الحرّ.
في المقابل، هناك وسطيون يبحثون عن تدوير الزوايا والوصول إلى قواسم مشتركة يمكن البناء عليها. أما الجهة الثالثة، والتي تتركز الأنظار عليها منذ فترة، فهم نواب التغيير وبعض النواب المستقلين. وما جذب الاهتمام أكثر إليهم ليس فقط الآمال المعلقة عليهم، إنما الخلافات التي دبت بينهم، وسط محاولات لمعالجتها وإصلاح العلاقة. وفي هذا السياق، تبرز مساع عديدة إلى جانب السعي لعقد اجتماع موسع لنواب التغيير ونواب مستقلين هذا الأسبوع، للتنسيق في جلسة البرلمان يوم الخميس المقبل.
صيغة قديمة أو تغيير
بناء عليه، تنقسم صورة المشهد إلى قسمين، الأول تمثله القوى السياسية التي تسعى إلى التفاهم فيما بينها بهدف إعادة إنتاج تسوية على طريقتها، ولذا، هناك محاولات إما للضغط على بعض النواب المستقلين ونواب التغيير أو محاولات لاستقطاب البعض منهم. والقسم الثاني يتركز فيه سعي إلى وضع قواعد جديدة للعبة، وتجاوز مبدأ تلك التسويات حسبما يعتبر التغييريون الذين يريدون إرساء نفسٍ تغييري في إنجاز الاستحقاقات. إلا أن الخلافات التي طرأت بين نواب التغيير أسهمت في إضعاف موقفهم، وسط محاولات لإصلاح ذات البين.
إلا أن اللافت جاء بالتزامن مع هذه الخلافات، من خلال إعادة بث أجواء وصيغ لتسويات وفق الطريقة القديمة. اذ هناك من طرح معادلة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية مقابل نواف سلام لرئاسة الحكومة. وهذه المعادلة تنطوي على محاولة لتطويع المعترضين وإحياء نموذج التسويات القديمة. واستكمل المسار من قبل بعض النواب الذين يحسبون أنفسهم من المستقلين من خلال نشاطهم لعقد تسويات أو تسريب معلومات مغلوطة، كان آخرها ما قيل عن لقاءات عقدت بين نواف سلام ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وهو ما نفاه سلام بشكل قاطع.
البرنامج لا المصالح
في هذا السياق، يقول سلام لـ”المدن” إنه لم يكن يريد الرد على كل ما يتم تسريبه بشأنه، إلا أن الأمور لا بد من أن توضع في سياقها. وهنا يؤكد سلام أنه خارج كل هذه الاصطفافات، ولبنان لا يحتاج إلى إعادة العمل بموجب تسويات ثبت فشلها بالنتائج والوقائع. ويشدد على أن ما يحتاجه لبنان هو وضع خطة متكاملة بتضافر القوى السياسية المختلفة، للعمل وفق منطق البرنامج وليس الحسابات السياسية الضيقة أو العلاقات القائمة على المصالح.
كذلك يشير إلى أن الهم الأساسي الآن بالنسبة إليه هو في بذل كل الجهود لإعادة تفعيل حركة نواب التغيير والنواب المستقلين والتفاهم فيما بينهم. هنا تقول مصادر متابعة إن سلام سعى في الفترة الماضية إلى ترتيب العلاقات بين نواب التغيير وإعادة الجمع فيما بينهم. وهو ما يؤكده الرجل معتبراً أن التباينات أمر مشروع ومفهوم وقائم، خصوصاً أن نواب التغيير جاؤوا من خلفيات متعددة وتوجهات سياسية مختلفة، وبالتالي لا بأس في الاختلاف، فيما الأساس يبقى في الإجتماع على برنامج سياسي وخطة إصلاحية موحدة، يتم من خلالها تجاوز كل الخلافات المرتبطة بالحسابات الأخرى.

النظرة المؤامراتية

يرى سلام أن ما جرى في لبنان منذ 17 تشرين الأول 2019 إلى اليوم، وعلى وقع الانهيار، يثبت بما لا يترك مجالاً للشك أنه لا بد من مقاربات جديدة تتعلق بالإصلاح السياسي والاقتصادي، والأهم الإصلاح القضائي. وهذا ما شدد عليه في محاضرته في نقابة المحامين، لأن القضاء هو الفيصل الأساس في انتظام العمل العام، وهو الذي يحمي الجميع ويحفظ الدولة ومؤسساتها. مؤكداً أن الثورة انفجرت بنتيجة عوامل وتراكمات كثيرة أدت إلى الانهيار الكلي في مختلف القطاعات، وبالتالي، لا بد من إيجاد نظرة مغايرة للتعاطي معها من خارج سياق النظرة المؤامراتية، أو اتهام الناس التي انتفضت من الوجع وحلمت بأمل التغيير بأنهم عملاء السفارات.
ويشير إلى أن هذا الكلام الذي يحمل اتهامات واضحة ربما يرتكز على نظرة البعض إلى موازين القوى، وهو إمعان في السعي لضرب هذه الحركة المنتفضة وما أرسته. وهذا يتزامن مع العمل المستمر على استضعاف نواب التغيير وتغييبهم عن المعادلة.
لا ينفصل هذا المسار بالنسبة إلى سلام عن التسريبات التي تتناوله، سواء بتقديم معادلة فرنجية مقابل سلام أو لقائه بباسيل. فالهدف منها واحد، وإن تعددت الجهات المسربة وتضاربت حساباتها، لأن التسريبات تهدف إلى خلق شرخ بين سلام وبيئته أولاً، وثانياً للقول للمجتمع الدولي بأن أي معادلة لإنتاج تسوية جديدة لا بد لها أن تمر وفق القواعد القديمة، حتى وإن كان المراد هو إيصال شخصيات جديدة. ويعتبر سلام أن الأساس يبقى في آلية العمل والبرنامج وليس في الأشخاص. ثالثاً والأهم، تهدف التسريبات إلى زرع الشرخ بين سلام من جهة ونواب التغيير من جهة أخرى، لتصويره بأنه يذهب إلى عقد التسويات السياسية بخلاف ما يريدونه هم. وهذا أمر تنفيه الوقائع والتجربة منذ الانتخابات النيابية التي لم يشارك بها لهذه الأسباب. إذ كان يراد تصويره بأنه محسوب على طرف ضد أطراف أخرى.