صديقي جبران

صديقي جبران

الكاتب: داني حداد | المصدر: MTV
5 تشرين الثاني 2022

أخاطبك بالعبارة التي خاطبك بها ذات يوم الرئيس سعد الحريري، وهو يدعو مناصريه لانتخابك. اسمح لي. ولو عرفتُ الصفة التي أطلقتها عليك ستريدا جعجع، وهي تمسك بيدك لتدخلا معاً الى مكتب سمير جعجع في معراب، يوم توقيع وثيقة التفاهم، لكنتُ خاطبتك بها أيضاً.

ما أحلى الصداقة، وما أجمل المحبّة والوفاق. وما أبشع الحقد والتوتّر. ما أبشع ما حصل أول من أمس، واستمرّ بالأمس على مواقع التواصل الاجتماعي. موتورون باتوا صورة “التيّار” وصوته. غاب العقلاء، وقد كانوا كثراً في فريقٍ ناضل وحلم ذات يوم بحريّةٍ وسيادة. أعرف الكثيرين منهم، وأحترمهم، وأسأل اليوم عنهم فلا أجدهم. صامتون في بيوتهم، لا حول ولا.

أجد تافهين يعبدونك كإلهٍ. يضعون صورك على مواقع التواصل الاجتماعي كشفيعٍ لهم. ربما يعجبك الأمر، وهذا طبيعي. ولكن، ما هكذا كان “التيّار” وما هكذا يجب أن يكون.

صديقي جبران الذي، أعترف، أحبّ مجالستك وغفرت لك حين أجريتُ يوماً مقابلةً معك عدتَ ونفيتَ مضمونها، بل نفيتَ أنّها حصلت. تفهّمت وتجاوزت، ولكن تعلّمت. وأذكر أنّ في أرشيفي مقالات عدّة فيها إشادات ببعض مواقفك ومزاياك، ولا أنكر أنّني انتقدتك أكثر من مرّة، ولكن بالسياسة لا بالخاص. لا ادّعيتُ أنّك تملك طائرةً أو يختاً، ولا ألصقتُ بك تهمةً لا أملك دليلاً عليها. احترمتك كسياسي، وأعرف أنّك احترمتني كصحافي، ولذلك أخاطبك اليوم بمحبّة.

ما هكذا تبلغ الرئاسة، فهي لا تليق بالمتوتّرين. رحم الله جان عبيد، وقد كنتَ تقدّره. يا ليتك تستعين بقيمه ومزاياه، ورفعته وترفّعه، خصوصاً اليوم، في زمن الحماوة.

أبعد عنك كلّ قديم، بمن فيهم الحرس. كفى كلاماً عن الماضي. هل نورث أولادنا حقداً بعد؟

وأبعد عنك أصحاب الرؤوس الحامية. كثّف من العقلاء، وهؤلاء ليسوا قلّةً في “التيّار” وبعضهم من أصدقائك ومحبّيك. وأعرف معظمهم وأتناقش معهم، ونتبادل الاحترام والودّ.

وأبعِد من يقولون نعم دوماً، وينفّذون فوراً، بلا سؤالٍ أو نقاش. كلّما كَبُرَ محيطك كبُرتَ أنت. إختبر IQ من هم حولك، فإن ارتفع ارتفع معهم “التيّار”. بعض ما يُكتب على مواقع التواصل يدلّ على انحطاطٍ في الـ IQ يبلغ حدّ البلاهة. بعض ضيوف الـ OTV باتوا مسخرةً على مواقع التواصل الاجتماعي.

لم يَفُت الأوان بعد. هدّئ اللعبة قليلاً. روق. روّق البلد أيضاً، فيكفيه ما هو فيه. مدّ اليد، فقطع الأيادي لا يليق بك. ولم يحبّ الناس ميشال عون لأنّه ميليشيا بل لأنّه كان يرمز الى الدولة. والميليشيا اليوم لا تليق بك وبجمهورك. “مبهبطة” صراحةً.

فعُدْ الى صوابك. عُدْ الى الجذور. تواضَع. وتعال، مع آخرين، لنبني وطناً قد لا يكون غنيّاً أو قويّاً. نريده هادئاً على الأقلّ… وهذه مسؤوليّتك قبل أيّ شخصٍ آخر.

مع محبتي.